عام 2016، إحتفل مسرح "المدينة" بمرور 20 عاماً على تأسيسه، وذلك من خلال برنامج إحتفالي إستمر لحوالى الأسبوعين، شارك فيه الكثير من الممثلين والفنانين بعروض منوعة ومميزة، وبمشهديات رائعة.
في ذلك الوقت، كان المخرج عمر نعيم، إبن مؤسسة مسرح "المدينة" الممثلة والكاتبة والمخرجة نضال الأشقر، حاضراً في بيروت، هو الذي يقيم في الولايات المتحدة الأميركية، فوثّق بعدسات كاميرته فعاليات برنامج إحتفال مسرح "المدينة" بذكرى تأسيسه، كما وثّق أوضاع بيروت السيئة منذ ذلك الوقت، ليخلق فيلم "مدينتان"، المدينة الأولى بيروت، والمدينة الثانية المسرح، مسرح "المدينة".


لمناسبة يوم المسرح العالمي، الذي صادف في 27 آذار/مارس الماضي، عُرض فيلم "مدينتان"، في مسرح "المدينة"، وينطلق هذا العمل، من بداية حب نضال الأشقر للمسرح منذ طفولتها، وإمتلاكها مسرحها الخاص، ويضيء على أهمية المسرح بشكل عام، الذي يعبر عنا، ونتعرف من خلال الفيلم على قصة حب نضال الأشقر وزوجها الممثل والمخرج والصحفي فؤاد نعيم.
مشاهد جميلة، تقابلها مشاهد محزنة، فنشاهد عروضاً مسرحية يقدمها صانعوها وأبطالها بشغف كبير، في مواجهة الصراع السياسي الدائر في بيروت ولبنان، والنفايات المتراكمة على جانبي الطرقات، وأزمات أخرى.
"مدينتان"، يستذكر المسارح التي أقفلت في مدينة بيروت، منها مسارح "بابل"، "إسترال"، البيكاديلي"، ومسرح "بيروت"، وتشدد فيه الأشقر على النضال المستمر لبقاء المسارح على قيد الحياة، وعلى حبها للبنان، فهي التي تظهر في الفيلم وهي تغني "حلوة يا بلدي" بإحساس عالٍ يعبق بنسيم الأرز.


الممثلة والكاتبة والمخرجة نضال الأشقر، إستقبلتنا بمحبة كبيرة في مسرح "المدينة"، في ظل غياب المخرج عمر نعيم بسبب عمله وإقامته في الولايات المتحدة الأميركية، وقالت الأشقر :"في يوم المسرح العالمي، أهنئ كل الفنانين من ممثلين وكتاب ومخرجين وتقنيين، وكل من أنعش حياة اللبنانيين، بفنه ورقيه وإحساسه الواقع منذ عشرات السنين. وأهنئ ما تبقى من الدولة اللبنانية المنهارة، بهؤلاء الفنانين الذين كانوا دائماً وجه الصحارة، في لبنان والعالم العربي والعالم، ولكنهم لم يعرفوا قيمتهم أبداً. هذه المواهب، لم يستطيعوا القضاء عليها، لأنها مواهب طالعة من إنسان في بلدنا، من عذابه وقهره وقوته على الإستمرار، وفرحه".
وأضافت :"بإسمي وبإسم أسرة مسرح المدينة، أهنئكم جميعاً، والمهم في كل ذلك، أن نتواجد ونكون معاً، هذا اليوم، وكل يوم، للتضامن والتكاتف والإجتماع والشعور بالدفء، دفء الحوار، واللقاء والجمهرة والجنون، والأهم أن هذه المحبة التي تجمعنا، فلا أحد يفرقنا، لأن رابط الإبداع والفن والأخوّة، مهما حصل، أقوى من التفرقة والنميمة والحسد والنزاع. "نحن محكومون بالأمل"، قال سعد الله ونّوس، أمل اللقاء دائماً".
وتابعت الأشقر :"نجتمع اليوم تحت الإبداع والفن والحلم، ولولا الحلم، لما كنا معاً هذا اليوم، ولما كنا تابعنا عملنا جميعاً، في هذا الحقل".
وختمت :"فيلم "مدينتان"، إنطلق من مسرح "المدينة"، إلى مدينة بيروت، من إخراج عمر نعيم، ومجموعة رائعة من الشباب، على رأسهم طلال خوري وجورج خباز، ونحتفل اليوم بعيد المسرح، المسرح الذي يشعرنا بإنسانيتنا، ولذلك نستمر. نحتفل بيوم المسرح العالمي، هذا المكان الذي سيظل مدرستنا الأول، ولقاءنا الحقيقي مع الجمهور".


وفي حديثها الخاص إلى موقع "الفن"، قالت الممثلة والكاتبة والمخرجة الأشقر :"كل المسارح في لبنان تعاني، وهناك مسارح كثيرة أقفلت أبوابها لأنها لم تعد قادرة على الإستمرار، ليس هناك دعم للمسرح، وذلك منذ زمن، حتى أن المسارح التي لديها دعم أقفلت أبوابها".
وأضافت :"نحن في مسرح "المدينة" قررنا أن نستمر، مهما حصل، حتى أننا إستمرينا في الأوقات الصعبة لأزمة فيروس كورونا، وكان الدعم من الناس الذين يهمهم ألا يقفل مسرح "المدينة" أبوابه، وكذلك كان الدعم من الأصدقاء، ولاحظت أن الناس يأتون إلى المسرح بكثيرة، وذلك لأنهم بحاجة إلى أن يأتوا إليه، وإلى أن يشعروا بأن مدينتهم لا زالت موجودة، ومسارحهم لا زالت تفتح أبوابها، وفنانيهم لا زالوا على قيد الحياة".