برعاية وحضور وزير الثقافة محمد وسام المرتضى أقامت وزارة الثقافة أمسية موسيقية "تحية لزكي ناصيف " على مسرح المكتبة الوطنية -الصنائع بمشاركة عازفين من طلاب الكونسرفتوار.


وأشاد المرتضى في كلمته بالفنان الراحل وقال في مقدمة كلمته :" هل رأيتم بسمةً كاللحن على وتر، وقامة أشبه بسلم الموسيقى، وتواضعا كأنين نايٍ؟ هذا هو باختصار زكي ناصيف المبدع الذي ترك غيابه جرحا غائرا في مهجه الوطن. لكنْ، يُهيَّأُ لي أنه اليوم مستمع إلينا، نحن المحتفلين بذكراه، ومنشدٌ لنا من عليائه: "طلوا حبابنا طلوا نسّم يا هوا بلادي".
وتابع :"أقول قولي هذا، وبي إيمان راسخ أن الثقافة، والأعمال الموسيقية الجليلة في مقدمها، هي في الأصل انتماء إلى أصل وانتساب إلى تراث، ثمَّ عمل على التحديث والإضافة، بحيث لا يحوِر الفنان هويتَه ولا يجمدها في قوالبَ من حديد، بل تظل على الدوام كالشجرة الراسخة جذورُها في التراب، والمادّةِ غصونَها في جميع الجهات."
ونوّه وزير الثقافة بتطوير الفنان والموسيقار الراحل وتحديثه للفولكور اللبناني فقال :"هذا ما كان عليه زكي ناصيف الذي أخذ بناصية الفولكلور اللبناني وراح يضبط أغانيه وألحانَه على إيقاعه، مطورا إيّاه لكي يتلاءم مع مقتضيات العصر، كلاما ولحنا وتوزيعا وعزفًا وأداء، ومتمسكًا في الوقت نفسه "بالضيعة" اللبنانية كوعاء حضاري تتجمع فيه الفضائل والجمالات، حتى استطاع أن يزاوجَ بين انتمائه العقائدي الحضاري إلى سوريا الكبرى، وانتمائه الطبيعي إلى لبنان الكبير، وانتمائه العاطفي إلى مشغرة، كبيرة بلدات البقاع الغربي فكان بهذا، في عيشه وهواه وإنجازاته، نموذجا حيًّا عن التحام أصالة التراث بحركية المعاصرة."
وأضاف :"ولعلَّه في كلِّ ما أبدعَت أناملُه وردّدَتْ حنجرتُه، لم يخرج عن اثنين: حب الوطن والأمل الدائم بالمستقبل. ومن منّا لا يتذكرُ أغنيته: "راجع راجع يتعمر راجع لبنان"، التي في عز زمن الحرب باتت بمنزلة نشيد شعبي، ملأ قلوب اللبنانيين حماسةً وطنية وثقة بقيامة وطنهم من ركام الصراعات القاتلة، وفي هذه الأغنية النشيد تتجلّى موهبة زكي ناصيف النادرة وقدرته على المزج بين الطيِّع من اللحن والعصي، بين الماضي الذي ولّى والمستقبل الراجع على صهوة "دبكة وغنية".
واستكمل المرتضى إشادته بـ زكي ناصيف فقال :"ومن عظَمَةِ زكي ناصيف وداعتُه الفائقة. فإنه على الرغم من ضوضاء الأنوار التي كانت ترافقُه دائمًا كمبدعٍ أصيل، كان يحيا في سكينة نفسٍ منصرِفةٍ بكُلِّيَّتِها إلى الحق والخير والجمال. وكان يجرحه الظلمُ الجماعي والفردي، وتشجيه النسمات الهابّةُ من صوبِ فلسطين، حيث يمارَسُ الظلم الأبشعُ في تاريخ البشرية، مثلما أشجته الانقسامات اللبنانية التي أفرخَت حروبًا وخلافاتٍ دامية. هكذا يسكن المثقف في منزل القيم، وتصير أعماله مداميكَ في بناء السلام النقي."
وختم المرتضى :"زكي ناصيف: في التربة التي تحب رقدت. وفي السماء التي تعشق وزعت أغانيك. لعلّك الآن مع سائر رفاقك في "عصبة الخمسة" الأخوين رحباني وحليم الرومي وتوفيق الباشا، عازمون ثانيةً من هناك أن تنشئوا لنا وطنًا من أغنية، وليالي جديدةً من بعلبك، وأثيرًا حميما لإذاعة لبنان. ألا فافعلوا، إن الوطنَ الذي بنته إبداعاتُكم تجرَحَ حاضره وحاصرَه الإخفاق، وله في الثقافة منجاةٌ ولو من بعض مآسيه."
وكان الحفل بدأ بالنشيد الوطني بعزف من طلاب الكونسرفتوار وبحضور رئيس مجلس إدارة الكونسرفتوار د وليد مسلم و الاعضاء ،د نديم ناصيف ،وعائلة الراحل ونخبة من الفنانين .
ثم عزفت الفرقة الموسيقية عدداً من الاغنيات للراحل زكي ناصيف هي :" "فراشة وزهرة ،عاشقة الورد، اشتقنا كتير، طلو حبابنا، مهما يتجرح بلدنا ، وختمت باغنية "راجع راجع يتعمر لبنان"حيث ضجت القاعة حماسة وجعل كل من الحضور والفنانين المشاركة غناء على المسرح وسط عاصفة من التصفيق الحار.