الملكة فريدة زوجة الملك فاروق الأولى كانت تنتمي الى عائلة عريقة تهوى القراءة والموسيقى والرسم وتتقنهما. دبلوماسية، جريئة، لا تتغاضى عن أي شيء يخالف الذوق العام ويشوه صورة الوطن. قاومت فساد الملك فاروق ولم تتحمل تصرفاته المنحرفة. يوم حصولها على الطلاق خرج الشعب المصري وهتف: "حذاء فريدة فوق رأس فاروق".


نشأتها

إسمها الحقيقي صافيناز ذو الفقار. ولدت في 5 سبتمبر/ايلول 1921 في الإسكندرية بمنطقة جناكليس، من عائلة ذو الفقار المصرية العريقة. عاشت طفولتها وشبابها في الإسكندرية حتى لحظة خطبتها للملك فاروق. كانت تهوى القراءة وسماع الموسيقى الكلاسيكية. عاشت في كنف أسرة متحابة لا يعكر صفائها شر. والدها يوسف ذو الفقار المستشار بمحكمة الاستئناف المختلطة في الإسكندرية، ابن على باشا ذو الفقار محافظ العاصمة الأسبق، ابن يوسف بك رسمي أحد كبار ضباط الجيش المصري في عهد إسماعيل وعرف عنه موهبة الرسم والعزف. والدتها زينب ذو الفقار كريمة محمد سعيد باشا الذي رأس الوزارة المصرية غير مرة، وصديقة لأغلب سيدات المجتمع المصري والصديقة الحميمة للملكة نازلي زوجة الملك فؤاد والوصيفة الأولى للملكة. لها أخوان هما سعيد ذو الفقار وشريف ذو الفقار. درست في مدرسة راهبات نوتردام دي سيون الفرنسية بالإسكندرية. أتقنت اللغتين الفرنسية والإنكليزية وتلقت دروساً في أصول اللغة العربية وفي الدين الإسلامي. من هواياتها العزف على البيانو ولديها مقتنيات موسيقية لعمالقة الفن.


اللقاء مع الحب

ذهبت بصحبة والدتها إلى القصر فور عودة الملك فاروق من إنكلترا بعد وفاة والده فؤاد لكي تلتقي بصديقتها الملكة نازلي، وتلتقي هي بصديقتها فوزية شقيقته. وهناك وجدت عددًا من الفتيات الأخريات في مثل سنها ولم تكن تعرف وقتها أن الملكة نازلي وشقيقات الملك يبحثن عن عروس لفاروق. وأمام حمام السباحة أخذن يضحكن ويمزحن ويسبحن. فجأة ظهر فاروق وصاحت الفتيات: "الملك" واتجهن حيث يقف فابتعدت عن المكان الذي يقف فيه فاروق، فترك جميع الفتيات وتقدم إليها حيث تجلس والدتها وسألها عمن تكون فقالت له إنها ابنتي صافيناز. حيّاها بإيماءة من رأسه ثم انصرف. كانت تبلغ من العمر خمس عشرة سنة وما زالت طالبة في المدرسة.

الإمتحان

تلقت والدة فريدة دعوة من الملكة نازلي لقضاء رحلة إستمرت أربعة شهور ليتسنى للعائلة المالكة إختبار فريدة وكان فاروق وأسرته يودون أن يتعرفوا الى طباعها وتصرفاتها. كانوا يذهبون يوميًا للتنزه، والإنزلاق على الجليد. كما أعدوا برنامجًا لزيارة مختلف أنحاء سويسرا والإطلاع على الحياة فيها. كانوا يذهبون لزيارة الأماكن، والمصانع، وكان يرافقهم مدرسون ليعلموهم اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية. وكانت تعتبر رحلة تثقيفية حتى يبلغ الملك السن القانونية قبل تتويجه ملكًا على مصر. ثم سافروا إلى باريس وبعدها إلى انكلترا. تقول فريدة عن الرحلة:
"في هذه الرحلة تعرفت على فاروق وأحببته حبًا جمًا، كان لطيفًا ودودًا وعشت معه حوالي مائة وعشرون يومًا على جناج الحب".


زواجها وطلاقها

أعلنت الخطبة الرسمية بعد عودة الأسرة المالكة إلى مصر في صيف عام 1937، وتم الزواج في 20 يناير/كانون الثاني 1938 وسط إحتفالات شعبية لم يسبق لها مثيل. أنجبت من الملك فاروق ثلاثة بنات: الأميرة فريال والأميرة فوزية والأميرة فادية، وكانت محبوبة من الشعب المصري. تطلقا عام 1948، وكان طلاقهما من أسباب تراجع شعبية الملك بين أبناء الشعب.

أحداث 4 فبراير 1942

عاصرت فريدة أحداث 4 فبراير 1942، وقالت: "أن الإنكليز أهانوا الملك وهذا ما أزعجني كثيرًا، بالرغم من علاقتي المتوترة معه. لن أنسى منظر الدبابات البريطانية وهي تحاصر قصر عابدين، ولا أنسى كذلك كيف تعاطف الشعب المصري وجيشه مع الملك بعد هذا الحادث، لقد كانت فرصة ذهبية أمام الملك كي يجمع الشعب حوله لكنه للأسف لم يفعل".

ملكتان في القصر

شاءت الظروف أن تظهر في حياة فاروق امرأة أخرى، هي ناهد رشاد ناهد رشاد حرم يوسف رشاد طبيب فاروق الخاص. بدأت القصة عندما وقع حادث تصادم مع سيارة فاروق عند القاصيين، حيث حمل يوسف رشاد الملك فاروق ونقله إلى المستشفى وظل بجانبه طوال فترة علاجه فعينه فاروق طبيبًا خاصًا له. وكانت ناهد رشاد تحضر لزيارة يوسف وأعجب بها فاروق. فالتحقت بالقصر وصيفة للأميرة فوزية، واختار لها فاروق مكانًا قريبًا منه وأصبحت الملكة غير المتوجة نظرًا لتأثيرها الطاغي على فاروق. كانت جميلة ممشوقة القوام، طويلة الشعر، جريئة ومتغطرسة وأصبحت تلازم فاروق في كل سهراته فقاطعت فريدة هذه السهرات، حيث كان يداعبها فاروق في حضورها وحضور زوجها. وزاد فاروق من تقريب ناهد إليه فأصبحت ترافقه حتى في زياراته الخارجية فعملت على تسميم العلاقات بين فريدة وفاروق.


قرار الملكة فريدة

إتخذت فريدة قرارها بعدم الظهور مع الملك فاروق في أي مناسبة خاصة أو عامة، حتى يشعر بعدم رضاها وسخطها على تصرفاته ورغباته المنحرفة. واختار الملك وقتًا معينًا ليلبي طلبها وإصرارها على الطلاق في نفس الوقت الذي تم فيه طلاق أخته فوزية من شاه إيران خوفًا من ردة فعل الشعب المصري. وخرجت المظاهرات تهتف بحياة الملكة فريدة. واعتبر الشعب فريدة بطلة قومية لأنها قاومت فساد فاروق، وكانت أول من سلط الضوء على هذا الفساد. وخرج الشعب يهتف: "حذاء فريدة فوق رأس فاروق" و: "لا ملكة إلا فريدة" و "خرجت من بيت الدعارة إلى بيت الطهارة يا فريدة". وتم الطلاق يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1948 .

ردة فعل الملك فاروق

بكى الملك فاروق بعد توقيعه على الطلاق من الملكة فريدة واختفى. وبعد عدة ساعات عثرت عليه شقيقاته في إحدى حجرات القصر يبكي مثل طفل صغير. وانتقلت فريدة بعد الطلاق إلى بيت والدها واصطحبت معها صغرى بناتها فادية لحضانتها واشترط فاروق أن تعود فادية إليه في حال زواج فريدة. وكان فاروق قد حاول أن يضغط لكي يصدر فتوى تنص على حرمانها من الزواج من بعده لكن طلبه لم يستجب لمخالفته للشريعة الإسلامية. كما حاول مرة أخرى أن يصدر فتوى تقضي بمنع فريدة من رؤية بناتها فلم ينجح.

الثورة

بعد ثورة يوليو التي أطاحت بالملك فاروق في 23 يوليو/تموز 1952 غادرت بناتها مع والدهم إلى منفاه في إيطاليا، ولم تستطع رؤيتهن لمدة طويلة. وبعد إنتقالهن إلى سويسرا كانت تأتي لزيارتهن.


إقامتها في باريس

ظلت مقيمة في مصر حتى عام 1963 سافرت بعدها إلى لبنان وسويسرا وباريس وأقامت فيها. وفي عام 1982 عادت إلى مصر وعاشت فيها حياة عادية في إحدى شقق القاهرة، كما أقامت معرضاً فنياً بعنوان" ألف رؤية ورؤية".

وفاتها

عانت فريدة من سرطان الدم وخضعت لعلاج طويل وتوفيت في القاهرة في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1988 ودفنت فيها، وعند وفاتها حضرت بناتها الثلاث لحضور مراسم الدفن.