بعد أجزائه الخمسة التي تبدلت بشخصياتها وأحداثها وتواريخها، وبعد حالة النجاح المبهرة على امتداد العالم العربي، والتي وصل صداها إلى تركيا، التي قررت إنتاج هذا العمل الدرامي المتقن، بقي مخرج "الهيبة" سامر البرقاوي، العلامة الفارقة في الإبداع الإخراجي، والذي صوّر الأحداث بطريقة تفوّق فيها على نفسه.

مبدع في زمن الضجيج الإخراجي، هادئ، وفي هدوئه جنون الإخراج، الذي ينقل إلى عين المشاهد أدق التفاصيل، إلى درجة يصبح فيها المشاهد قادراً على إستنباط الأحداث من خلال حركة الكاميرا.

من الواضح، وخصوصاً في الجزء الأخير من "الهيبة"، "الهيبة - جبل"، حالة الانصهار المتكاملة بين الإخراج والنص، فالمخرج تشبع حتى الثمالة، من النص المحبك بطريقة مذهلة، مدروسة، واقعية وحقيقية لامست كل من شاهد الجزء الأخير من المسلسل.

ونظراً إلى تضمن "الهيبة - جيل" الكثير من مشاهد الحركة، وظف البرقاوي طاقاته كافة لتصويرها بإطار حديث، بعيداً من الفزلكة، إن صح التعبير، والحركة المبالغة التي تتسبب للمشاهد بالدوار. إضاءة مدروسة تتناسب ومستلزمات المشهد الدرامي، وإمعان في تصوير أدق التفاصيل في الشخصيات والأشياء المصورة.

يختار البرقاوي بعناية فائقة مستلزمات كل عمل يوقعه، ويعتني ويهتم بكل شخصية تشارك في العمل، خصوصاً النجمة إيميه صياح والنجم عبد المنعم عمايري، حيث تفنن البرقاوي في تصوير دوريهما ودمجهما كمكون أساسي في بطولة العمل.

ولعل المشهد الأخير من "الهيبة - جبل" هو دليل واضح على قوة وإبداع البرقاوي في تصويره وإخراجه، حيث تظهر القديرة منى واصف (إم جبل) برفقة النجم تيم حسن (جبل)، في مشهدية مؤلمة، تقشعر لها الأبدان، وصالحة لتكون صورة العمل السينمائي لـ"الهيبة"، والذي يخوض من خلاله البرقاوي تجربة متكاملة، خصوصاً أنه مولع بالسينما، التي تشكل بالنسبة إليه حالة من الشغف والطموح.

سامر البرقاوي رقم صعب في الدراما العربية، أظهر أنه واحد من المخرجين العرب، الذين يشهد لهم بحالة الإبداع والعشق لعمله، الذي أوصله من خلال رؤيته، إلى خارج الفضاء العربي.