تكتب بنبض قلبها، وتفوح من ورقها رائحة أرز لبنان الشامخ، حائزة شهادة دكتوراه في الآداب من جامعة السوربون في فرنسا، وإجازتين في الأدب والفلسفة. عاشت الغربة بالمنفى في فرنسا، فكتبت الشعر باللغة الفرنسية بعد أن كتبته باللغة العربية.
وبعدما نشرت كتاباتها باللغة الفرنسية، شعرت بأنها أصبحت قليلاً فرنسية، وكانت كل حياتها إما المنفى، أو العودة إلى لبنان، فعادت إليه وأغنته بعودتها، من خلال حضورها، وكلماتها التي تعبق بالحب والحنين.
إنها د. ربى سابا حبيب، التي كرّمها منتدى "لقاء" في أمسية خاصة، حملت عنوان "د. ربى سابا حبيب، فكرٌ في ملء امرأة"، في دار المعلمين في جونية، وحضر الأمسية مدير عام المكتبة الوطنية في بيروت الدكتور حسّان العكره، وأمين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين الدكتور الياس زغيب، ومجموعة من الشعراء والأدباء ومتذوقي الكلمة الراقية. وكانت مشاركة من الفنانة هناء شرانق، التي فاجأت د. ربى سابا حبيب بتلحين قصديتها "يصيبني لبنان.. ينتابني لبنان"، وغنتها وهي تعزف على العود.

قدمت الأمسية الشاعرة ميراي عبد الله شحادة، وقالت :"نرتقي معكم ونلتقي، نتحلّق مع أسرة "لقاء" في هذا العرس التكريمي".
وأضافت :"لقاء في أيكة د. ربى سابا حبيب، من تبدعُ الهمسات بين سطورها، وتفجر الحب أعراساً في وجه العواصف.. لبوة الشعر اليوم نكرم، نروّض السحر بآفاق شاعرة، ونصنع وطناً، لبنان مملكتها".

الدكتور جوزاف ياغي الجميل قال :"انت وانا مساحة جديدة، من خارطة وطن، لا ولن ينأى......ربى سابا حبيب. أنت وأنا عنوان اقترحته لقصيدة الشاعرة ربى سابا حبيب، وقد اخترت منها هذا الاقتباس. بين الأنا والأنت عطف يتجاوز الاثنين، يشيع، يصبح خط التقاء بين متوازيين، بل خط عبور من الأنا إلى الآخر. والآخر جزء من الذات التي تولم أحلامها على مائدة البوح العرفاني.
وأضاف :"أنا وأنت مساحة جديدة، تكبر، تتسع لتصبح بحجم وطن. والوطن هو الذات الكبرى يغلفها النسيان القرمزي.
الوطن هو الرجل/ الحبيب، تغوص جذوره في تربة التوق والحنين. يعرش على أفنان البيلسان، يشعل قنديل ماض يأبى أن يفسح المجال لذاكرة الأمس الجريح".

الدكتورة ليلى شمس الدين قالت :"د. ربى سابا حبيب، عرفتك هنا، من منبر "لقاء"، ساحرة بلطفك، ورقي حديثك، وعمق معانيكِ، وسعة معارفك. عندما نبحر في سجل تاريخك، تنقلينا إلى اللاحدود واللامحدود، وعندما تَهمّين بالكلام، لا يسعنا إلا أن ننصت إلى حروفكِ، وكأنها تسبيحة صلاة. فصلاتكِ شعر، وحديثكِ وطن، وجرأتكِ تواضع، وهَمهمتكِ محبة تعزف إرادة ووَقار، كما أنتِ قادرة وقديرة، فمساركِ خيط بارز، وليس بخفي على الإطلاق، وكلما منحتنا حبك إزداد مخزون عطاءاتك".
وأضافت :"أيتها المُبصرة بقلبكِ وروحكِ وعقلك، نستحق نحن أن تكوني رمزاً من بلادي، لأنكِ أنتِ كما أنتِ، وكما كنتِ، وستبقين كنزاً من بلادي".

رئيسة "لقاء" الفخرية د. يسرى البيطار قالت :"كَتبتِ كما أبدع الفجر هامساً للحقول، أو خَطَطْتِ على الأفق تأشيرة للدخول، ورسمْتِ صولجاناً على ورق الحقيقة. فيا أيّتها الأرزة الشمالية، والوجه الحضاري المشرق، رُفِعتِ من الإبداع كي تعتزَّ الحرّيّة ويشمخ لبنان. ويا أيّتها الجميلة الجميلة، أطلِقي جداول الشمس، فتنطبع القبلة الأولى على ثغر الزمان. وفي البدء كان الكلمة".
وأضافت :"شكرًا منتدى "لقاء"، لرئيسِه وإدارييه والأعضاء، فها هي سيدة الرّبى العاشقة تنظر نحو الشّرق، ليولد الفكر ذهبيَّ السنابل. محفوفة بالقلوب، مزينة بالقلائد، هلمّي أيّتها الرّبى الوارفة لتتمايل أغصان الأشجار. طرِّزي وجه الوسائد، رنِّمي للأقمار، ففي يدِكِ يراعة من زهر ونار. ربى سابا حبيب، يا سيّدة الثقافة المقارَنة، والأدب المقارن، وأنتِ لا شبيه لكِ. ألا افتحي كفَّكِ يتدفق نبع المحبة في الغابات. وقديماً قال الصّوفيّون: "ههنا مَن شرب كأساً من المحبة لم يظمأْ بعدها، فهنيئًا لكِ، وهنيئاً لنا".

مؤسس ورئيس منتدى "لقاء" الدكتور عماد يونس فغالي، قال :"إن تأتي تكريم شخصية، تعرض للدافع إلى تكريمها، ليست هذه حالي مع تكريم المحتفى بها اليوم.. د. ربى يليق بها كل تكريم، الدكتورة قامة كبيرة وعالية.. يكرمها "لقاء" لأنه يحبها، لأنه مُكرَّم من قِبلها".
وأضاف :"هي شاعرة، لا لأنها تكتب الشعر، بل لأن كلماتها تقطر شعراً جوهرياً على مذبح الإبداع المقدّس. هي حامل دائمة، تلد للشعر الصورة بكرَ الملهَمين! في حضرتها القدسيّة، "عبقُ الأمكنة" بخور هيكل الجمال، أيُّه لا يسابق إلى تلمّس رفعتها، فيدرك كم ذهباً يلزم لروحه، فيمتلئ!"


وقدم الدكتور عماد يونس فغالي وأسرة منتدى "لقاء" درعاً تكريمياً للدكتورة ربى، التي شكرته، وشكرت كل المتكلمين في حفل التكريم، وإعتبرت كلماتهم إكليلاً من الحب تضعه على جبينها.
وبعدها قرأت حبيب مقتطفات من شعرها باللغتين العربية والفرنسية، وقالت :"بعد مئات السفرات بين لبنان وليون في فرنسا، كنت حين أصل إلى مطار بيروت، ويقول لي العتال :"عوافي أو أهلا وسهلا"، كان يطلع على بالي أن أقبّله، لأنه حينها كانت تمر عليّ شهور وأنا في فرنسا، من دون أن يقول لي أحد "كيفك".


وفي حديث خاص مع موقع "الفن"، قالت د. ربى سابا حبيب :"هذا التكريم أضاف لي القلب، وحضرت إلى تكريمي من قلبي وبعاطفتي. تم تكريمي كثيراً في السابق، ولكني لم أبكِ في أي تكريم لي مثلما بكيت اليوم".
وعن القصيدة، قالت :"هي تملي عليّ عند ساعات السحر أو عند الفجر، يكون قلبي معتمراً وتأتي القصيدة، لا أستطيع أن أتكلّف في كتابتها".
وعن ما يمكن أن تكتبه القصيدة عن د. ربى سابا حبيب، قالت :"المرأة العاشقة للحياة والعناصر، الماء والهواء والنار والتراب".
وعن رؤيتها للبنان في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون، قالت :"لبنان سيعود، أن لا أعطيك أوهاماً، لبنان سيعود. عام 1986، كنت في فرنسا، وكان راتبي حينها 30 ألف فرنك فرنسياً، وأصبح 1500 فرنك فرنسياً، ولذلك بقيت في فرنسا، وعملت وجاهدت، ونحن اليوم في أسفل الدركات، ولبنان سيعود ويصعد، هذه ليست المرة الأولى".