متأنٍ دوماً في خياراته التي يطل من خلالها على الجمهور عبر الشاشة سواء الكبيرة أو الصغيرة، يعشق السينما، لذلك يحاول دائما أن تكون الشخصيات التي يقدمها، حتى لو كانت كوميدية، لا تنسى، وينوع في أدواره، ليقدم أعمالاُ غير متوقعة، تزيد من شغف الجمهور، لاستقبال جرعات أخرى من الشخصيات الغريبة التي يرى أنها لا تشبهه في الواقع، ولكنها تحقق له نجاحاً غير عادي، سواء من الجانب النقدي أو الجماهيري.
إنه الممثل كريم عبد العزيز، الذي إمتهن التمثيل، وأخلص له، نتيجة تربيته وسط عائلة فنية، تشرّب خلال وجوده وسط أفرادها، كيفية التعامل مع الفن، كأداة مهمة لترقية الجمهور، وتقديم ما يسليهم، ولكن في إطار خاص بتوقيعه، وتوقيع فريق العمل الذي يعمل معه بشغف.
موقع "الفن" كان له هذا اللقاء الشيّق مع الممثل كريم عبد العزيز.

تمكن آخر أفلامك "البعض لا يذهب للمأذون مرتين" من أن يحقق إجمالي إيرادات وصلت حتى الآن إلى أكثر من 45 مليون جنيه...

الحمد لله على نجاح العمل، فهو من الأعمال المحببة إلى قلبي، واستمراره دليل على حب الجمهور للفيلم، الذي يناقش قضية اجتماعية مهمة، وهي الزواج والطلاق، في أجواء كوميدية، فلقد قام السيناريست أيمن وتار بكتابته بطريقة كوميدية وبسيطة جداً، تصل إلى كل المنازل، فاعتمد الفيلم على كوميديا الموقف، القائمة على موضوعات اجتماعية موجودة حولنا، لأن هذا ما يعيش ويشاهده الجمهور، حتى بعد مرور سنوات على الفيلم، ولذلك بالرغم من مرور فترة طويلة على بداية عرض الفيلم، لا زال يحصد إيرادات.

ولكنك حققت من قبل أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية، 100 مليون جنيه في فيلم "الفيل الأزرق 2"، فهل هذا الأمر فرق معك نفسياً؟

لقد كان ذلك فضلاً من الله أن أصل إلى هذا الرقم، ومما لاشك فيه، أن إقبال الجمهور على أعمال الممثل، هو أمر يسعده، ويحفزه نفسياً على المزيد من النجاحات، خصوصاً وأننا نعيش في عصر مفتوح، لا يمكن أن يكون هناك إجماع من المشاهدين على عمل إلا إذا كان جيداً، والحمد لله أعمالي تحقق نجاحات جيدة، وأفتخر بها.
"الفيل الأزرق" كان نوعاً جديداً على السينما المصرية، وأذكر حينها أيضاً أن أحمد مراد أرسل لي هو ومروان، نسخة من "الفيل الأزرق" مكتوبة بخط يد أحمد قبل طباعتها، وأصبت بذهول عندما قرأتها، فأحمد رسم الشخصية بطبيعتها وأزماتها، وأنا من الأساس مهتم جداً بروايات أحمد مراد، فهي المفضلة لدي، وأظهرني على الشاشة في عالم سينمائي أكبر و"جرّأني"، وأعجبت بعالمه كثيراً، وجعلني أعشق تقديم الأعمال الروائية أكثر، فكتابته تتميز باللامحدودية، مع لمسات فنية محسوبة.

"كيرة والجن" مشروعك السينمائي الجديد مع المخرج مروان حامد قرينك السينمائي في الأعمال غير العادية.

(ضاحكاً) بالتأكيد، مروان حامد من أكثر المخرجين الممتعين الذين عملت معهم على مشاريع متنوعة في موضوعاتها عن الكوميديا، إذ اعتمدت تلك الأعمال على روايات، فقدمنا معاً "الفيل الأزرق" الجزأين الأول والثاني، ويعتمد الفيلم على رواية أحمد مراد، وها نحن نكرر التعاون معاً من جديد، برواية لأحمد مراد، بعنوان "1919"، تدور أحداثها في مطلع القرن الماضي، إبان الحكم البريطاني في البلد، ومحاولات الزعيم الراحل سعد زغلول التصدي له، والأزمات السياسية في ذلك الوقت، وتدشين حزب الوفد المصري، وأعتقد أن المشاهد سيجد في العمل، أحداثاً مثيرة ما بين دراما وكوميديا، كما أنها المرة الاولى التي أقدم فيها عملاً مع الممثل أحمد عز، رغم أننا صديقان، وأنا سعيد بهذا اللقاء، وبلقاء مجموعة من الممثلين الموهوبين الذين يشاركوننا العمل، الذي هو من الأعمال الكبيرة والضخمة إنتاجياً، كما أن الجمهور سيشاهد إبهاراً غير معتاد، يفوق "الفيل الأزرق" بمراحل.

حدثنا عن شخصيتك في "كيرة والجن".

أجسد شخصية "أحمد عبد الحي"، وهي شخصية جديدة ومختلفة عني تماماً، فميزة مروان حامد وأحمد مراد أنهما يرشحاني لتجسيد الشخصيات التي لا تشبهني في الواقع، فعندما قرأت الرواية استغربت أنه يمكن أن أجسد شخصية "أحمد عبد الحي"، فهو كيميائي، وكان طالبًا في مدرسة الطب،قمحي، قصير القامة، وذو شارب خفيف، وعمره 28 عاماً، كما وصفه منشور جهاز المخابرات البريطاني الذي يتضمن: "اقبضوا عليه حياً أو ميتاً، فهو خطير في الاغتيالات السياسية"، وهو يظهر في مقهى "إجيبسيان" بالأزبكية، كأحد الأدوار الأساسية بالرواية، ويلقب بين أبناء حيّه بـ"المجاهد بن المجاهد"، لخلافه الحاد مع الإنكليز، لذلك أعلن حينها الاحتلال مكافأة ثمينة لمن يأتي برقبته بأي ثمن، بعد أن أسقط "أحمد عبد الحي" عدداً ضخماً من ضباطهم.

بالرغم من اعتراضك على تقديم عمل درامي كل عام، ولكنك تحضّر للجزء الثالث من مسلسل "الإختيار"، فهل نجاح الجزء الثاني هو سبب موافقتك على العمل؟

سأقدم الجزء الثالث من "الإختيار" مع النجمين أحمد السقا وأحمد عز، وهناك دراما لا يمكن أن تمتنع عنها، لأنها تشكل الوعي، وتكشف للكثير من الحقائق وتدعم البلد، وأنا أحب أن أكون دائماً في خدمة بلدي. نجاح الجزء الثاني أسعدني، وأنا متحمس لتقديم الجزء الثالث، فهذا العمل خارج أي تصنيف.
بالطبع أنا من عشاق السينما، وأفضلها على الدراما التلفزيونية، ولا أفضل العمل سنوياً بالتلفزيون، ولكن هناك أعمالاً وطنية تكون لها طبيعة خاصة لا يمكن رفضها، وعندها أخرج من أجلها عن أي قاعدة، مثل مسلسل "الإختيار"، فالبعض يرى أنالتلفزيون يحرق ممثل السينما، ولكنه قد يصبح مفيداً لنجم السينما لإقبال الجمهور على فيلمه بعد نجاحه بالتلفزيون.

هناك العديد من المشاريع، سواء سينمائية أو تلفزيونية تستعد لها؟

هناك العديد من المشاريع التي تعرض عليّ وأوافق عليها، ولكن لكل عمل وقته، فمثلاً بالنسبة للجزء الثاني من مسلسل "الزيبق"، فقد كنا بدأنا العمل عليه، ولكن أثناء تنفيذه، كان لا بد من تصوير الجزء الثاني من "الإختيار"، فتم تأجيله، ولكنه ضمن خطتي، لأنه عمل وطني أيضاً، وسيقدم بإنتاج ضخم، خصوصاً وأن الجزء الثاني من أي عمل يكون أصعب بكثير من الجزء الأول، لأنه يكون محملاً بآمال الجمهور. وهناك عملان آخران، هما "شلة ليبون"، الذي أعود فيه للعمل مع المخرجة ساندرا نشأت، ويجمعني بعدد من نجوم جيلي، وأيضا الجزء الثالث من "الفيل الأزرق"، ولكنهما مؤجلان إلى العام المقبل.

كيف تقيّم تكريمك في مهرجان القاهرة، خصوصاً وأن كثيرين يرون أن هذا الاختيار هو بمثابة تكريم لجيلك بالكامل؟

التكريم وسام على صدري، فحلم أي فنان بأن يقف على خشبة مسرح مهرجان القاهرة السينمائي، أهم وأعرق مهرجان في المنطقة، وهو أمر لم أكن أتوقعه، وكان مصدر بهجة لي، أن يحمل التكريم إسم أيقونة السينما العربية فاتن حمامة. كما أن هذا الأمر يزيد من سعادتي، وبالفعل جيلي بالكامل يستحق التكريم، لأنه قدم الكثير للفن المصري، وكلهم يمتلكون قدرات تمثيلية هائلة، وحققوا نجاحات غير مسبوقة على المستوى النقدي والإيرادات، وكلهم سعداء بتكريمي، واتصلوا بي وهنأوني، فنحن نتمتع بعلاقات متميزة معاً، وعندما يتم تكريم أي زميل، أكون أول من يهنئه. أهدي هذا التكريم لهم جميعاً، ولكل من ساهم في وصولي إلى ما أنا عليه الآن، وفي مقدمتهم أسرتي.

وهل التكريم يضع على عاتقك مسؤولية أكبر في ما هو قادم فنياً؟

بالتأكيد، ولكني منذ بداياتي، أختار أعمالي بتروٍّ وتركيز، لأني في النهاية أمتهن هذه المهنة، ويجب أن أقدم أعمالي بإخلاص، ولا يهمني سوى إرضاء الجمهور، تفكيري كان وسيظل منصباً على الحفاظ على هذه العلاقة، ولذلك لا أقبل إلا بالعمل الفني المتكامل والجديد.