تتزامن الأحداث والمحطات التاريخية، تتعاكس وتتلاقى، أما الثابتة الوحيدة التي تدور حولها كل الأحداث من نغمات وكلمات وصور وأحلام وأوطان وإنسان، فهي الأيقونة التي تتجلى في حضرتها معالم الأوطان، هي فيروز.

ليست محض صدفة أن تتزامن ولادة السيدة فيروز مع احتفال هذا البلد المشلّع والممزق بذكرى استقلاله... فبتدبير كوني تزامنت ولادة الأسطورة مع استقلال منقوص لتضفي برونق تاريخها هيبة لوطن يعاني الكثير...

فيروز أمل الأوطان التي غنتها وأحبتها بكل ما فيها من شجون ومآسٍ، أحبتها كما هي بويلاتها، تنفض في ذكرى ميلادها رماد الدمار الحاصل، لتنقشع الرؤية في هيبة ولادتها التي تبعث على الأمل بولادة وطن جديد، كما صورته وأحبته وأوصلته إلى كل المسكونة.

تمر السنوات والأيام والساعات، ووجه السيدة فيروز بهي ساطع، لا يحسب للزمان حساباً، بل يصادقه ويلتحفه ليصبح الصوت عابراً للزمان والمكان.

صوت الفيروز المتسلل من روابينا وأمانينا وأحلامنا وقرانا وشوارعنا، يرفعنا إلى سماوات نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت سابق... صوت أدمنه العالم العربي في صباحات ارتشاف القهوة، ومساءات قمرية حتى بات جليسنا وأنيسنا وعالم الهروب من واقع مرير.

فيروز الوجه النيّر الذي اكتملت به كينونة هذا البلد، تطغى بمولدها فوق كل شيء.

وفي زمن، ما عدنا نملك فيه أي شي، تبقى فيروز الوطن الثابت الذي لا يتبدل لا يتهاوى لا ينكسر لا ينخره فساد أو يباس... مشرقة هي فيروز في كل المواسم.. أعجوبة بلون السماء، سامية فوق رتب فساد البشر، فيروز عابرة للأوطان والحدود والبنيان...

أمنيات متواضعة في ختام الكلام، بمديد العمر في ميلادها، لتبقى سرمدية الصوت وخالدة كالأساطير، حقيقية بلون البشر.