كثيرة هي الأدوار التي يجسدها الممثلون في لبنان في الأعمال التمثيلية، وليس فقط دور البطولة هو ما يقيّم الأداء، بل على العكس، فكما يقال، الأدوار المحيطة بدور البطولة هي أساس النجاح، فالبطل المنفرد لا يستطيع أن يقدم الدور على أكمل وجه، من دون مساعدة من حوله، ولو حتى كانت المساعدة معنوية فقط، والبطل المنفرد لا يستطيع أن يأخذ كل المسلسل على عاتقه، لذلك وجدت الأدوار المكملة، التي لا تقل قيمة وأهمية عن الدور الأساسي، لكي يتمكن "النجم" من إيجاد جو ملائم لكي يعطي كل ما لديه.

كثيرة هي الأحاديث التي طالت في الآونة الأخيرة الممثلة القديرة ليلى قمري، بعد أن قدمت دور مدبرة المنزل في مسلسل "الهيبة" بأجزائه الخمسة، هل طرح أحدكم السؤال التالي على نفسه؟ لماذا قرر المخرج أن تكون قمري في هذا المكان وأن تلعب هذا الدور تحديداً؟ هل أصبحتم جميعاً تملكون رؤيا إخراجية؟ كثيرة هي الأسئلة التي قد تطرح في هذا الشأن، لذلك سنغوص في بعض التفاصيل التي لا يراها العديد من الأشخاص، خصوصاً إذا كانوا يجهلون عالم "الفن".

أولاً، إن تأدية الأدوار المرادفة لدور البطولة إلى جانب الممثلة السورية القديرة "منى واصف"، تحتاج إلى ممثلة قديرة كـ ليلى قمري، لكي تتمكن من جعل كفتي العمل متوازيتين، فلا يمكن ألا يكون الشخص المواجه إلا بنفس القدرة والإمكانات.

ثانياً، ليلى قمري هي أحد أهم أركان العمل، هي الذاكرة لأحداث خمس سنوات، فكانت مدبرة المنزل هي الوظيفة الأنسب لها، لأن الشخص الذي يكون في هذا المكان، يدرك خفايا البيت وتفاصيله، وكل ما يدور فيه من أحداث.

ثالثاً، ليلى قمري هي من تضيف إلى الدور، فكلنا نعرف من هي، وتزيد إطلالتها في الدور الكثير من خبرتها وذكائها وتفوقها وقدرتها على تسخير الدور لخدمة المسلسل، مهما كان دورها بسيطاً.

رابعاً، ليلى قمري رافقت الممثلة نادين نسيب نجيم، الفنانة نيكول سابا، الفنانة سيرين عبد النور، الممثلة إيميه صياح، الممثلة السورية ديما قندلفت، هل إلتفت أحدكم، إلى أنه كم من الصعب مجاراة خمس شخصيات في مسلسل واحد؟ كل واحدة منهن تألقت إلى جانبها، وهذا من الدعم الذي كانت تعطيه قمري لهن خلف الكواليس، وهذا ما لم يدركه أحد، إضافة إلى قدرتها على المحافظة على أدائها بشكل متقن.

وبالعودة إلى شخصية مدبرة المنزل، أو "الخادمة" كما وصفها البعض، ما زالت أجيالنا تتوارث قصة "دنيا أسعد سعيد" التي جسدت شخصيتها الفنانة السورية أمل عرفة، التي لعبت دور البطولة، مع أنها كانت مدبرة منزل في العمل.

كما ننتقل إلى الممثلتين اللبنانيتن ماغي بو غصن وكارول الحاج ، اللتين لعبتا دور الخادمة في مسلسل "مريانا"، ومع ذلك تألقتا، لتحتلا مكانتين رفيعتين في عالم الفن.

ليس الدور التمثيلي وحده هو ما يحدد قيمة الممثل، إلا أن بعض محدودي النظر ظنوا ذلك، كل الحب والتألق لسيدة منزل "جبل شيخ الجبل"، وبئر أسرار والدته منى واصف، ووالدة "علي شيخ الجبل" سعيد سرحان، الذي يغار عليها حتى من نسمة الهواء، إذاً ليلى قمري هي كل المسلسل في شخصية واحدة.