يعود مهرجان "مسكون" لأفلام الرعب والخيال العلمي بتعزيزات كبيرة تضاف إلى رصيده هذا العام، وذلك من خلال توسيع إطار مسابقته لتشمل أفلاماً عربية قصيرة لا لبنانية فحسب، حيث يتخذ بُعد عربي جديد، في دعم مشاريع أفلام من العالم العربي، ضمن إطار مختبر Maskoon Fantastic Lab أو حتى من خلال وصول عروض دورته الخامسة التي تمتد خلال شهر تشرين الثاني المقبل، إلى جمهور أوسع، يتجاوز حدود لبنان إلى دول المنطقة، بفضل إبقائه على صيغته الافتراضية عبر الإنترنت مطعمّة بجانب حضوري يقتصر على افتتاحه واختتامه.


من ناحية أخرى تتولى جمعية "بيروت دي سي" تنظيم المهرجان، على أن تُعرض الأفلام عبر منصة "أفلامنا" التي أسستها "بيروت دي سي" لدعم الأفلام العربية المستقلة، فيما يقام الافتتاح والاختتام حضورياً.
وصرحت مديرة المهرجان ميريام ساسين بأن إقامة هذه الدورة من المهرجان كانت "قراراً صعباً" في ظل ما يواجهه القطاع الثقافي في لبنان من صعوبات "تهدد قدرته على الصمود"، إضافة إلى تأثره بجائحة كوفيد-19، لكنها شددت على "ضرورة استمرار المهرجان أكثر من أي وقت مضى اذ أن بقاء الفكر ضروري تماماً كبقاء الجسد".
وأضافت ساسين أن مختبر "مسكون" لأفلام الفانتازيا الذي يقام للسنة الثانية "يتيح لخمسة مشاريع أفلام عربية قيد الإعداد الاستفادة من خبرات محترفين معروفين عالمياً، ويوفر لها فرصاً جديدة من خلال المشاركة في Frontières ، أكبر سوق لأفلام الرعب والفنتازيا والخيال العلمي في العالم".
وشددت على أن المهرجان "سواء أكان عبر الإنترنت أم لا، سيبقى منبراً وجامعاً وراعياً وداعماً لمحبي هذا النوع من السينما وصانعيها في كل مكان".
من ناحية أخرى أكد المدير الفني أنطوان واكد أن المهرجان "يستفيد هذه السنة من عالم الإنترنت غير المحدود لتوسيع نطاقه إلى العالم العربي بأسره"، ويقدم "بعضاً من أفضل" أفلام الرعب والإثارة والخيال العلمي من فرنسا وإسبانيا واليابان وإيسلندا وتونس والدنمارك وأستراليا.
وأوضح واكد أن مسابقة الأفلام القصيرة التي يتضمنها تضمّ أعمالاً "لأصوات سينمائية جديدة من لبنان والمغرب والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية، اختارت مساراً جريئاً ومختلفاً لتعبّر من خلاله عن الواقع".
يتنوع البرنامج هذه السنة ضمن المهرجان حيث يقسم إلى قسمين، حيث تنطلق عروض الأفلام على الإنترنت في الأول من تشرين الثاني وتستمر عبر منصة "أفلامنا" إلى الثامن والعشرين منه، يقام العرض الافتتاحي حضورياً في 3 تشرين الثاني في سينما "مونتين" التابعة للمعهد الثقافي الفرنسي، وسيكون لفيلم Titane للمخرجة جوليا دوكورنو، وهو شريط شديد العنف وصادم بطابعه الدموي، اختارته فرنسا لتمثيلها في السباق إلى جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، بعدما كان حصل في تموز الفائت على السعفة الذهبية في مهرجان كان.
أما بالنسبة لإختتام المهرجان في 24 تشرين الثاني بالصيغة الحضورية بفيلم Lamb الآيسلندي للمخرج فالديمار يوهانسون الذي عُرض للمرة الاولى هذه السنة في مهرجان كان السينمائي ضمن قئة "نظرة ما"، وهو يتناول قصة زوجين لم يرزقا أطفالاً يكتشفان مولوداً غامضاً في مزرعتهما، ويفرحان كثيراً لهذا الحدث غير المتوقع في حياتهما الاسرية لكنه يدمرهما في النهاية.
من ناحية أخرى فإن الأفلام التي سيتم عرضها عبرمنصة "أفلامنا" فمتاحة مجاناً للجمهور من كل أنحاء العالم العربي، ويبلغ الحدّ الأقصى لعدد من يمكن ان يشاهدوا كل فيلم 500 شخص.
وخُصَصت لكل أسبوع من تشرين الثاني مجموعة مختارة من الأفلام، "تغلب عليها الإثارة السوداوية، حيث تتناول رجال ونساء في مواجهة مجتمعاتهم التي تحاصرهم بكوابيس حية، وهو واقع يومي يواجهه كثر"، بحسب المدير الفني للمهرجان أنطوان واكد.
وفصّل واكد البرنامج، فشرح أن الأسبوع الممتد من الاول من تشرين الثاني إلى االسابع منه يشمل فيلمين إسبانيين يُقدمان بالتعاون مع السفارة الإسبانية، هما La Cabina للمخرج أنطونيو ميرسيرو عن رجل يُحاصر داخل مقصورة للاتصال الهاتفي ولا يستطيع أحد ان ينقذه، وCross the Line للمخرج ديفيد فيكتوري عن رجل محبوب يواجه حدثا قاتلاً غير متوقع يطلق عنان الغرائز.
وضمن برنامج الأسبوع الأول الفيلم المكسيكي New Order للمخرج الشهير ميشال فرانكو الحائز جائزة الأسد الفضي (جائزة لجنة التحكيم الكبرى) في مهرجان البندقية السينمائي عام 2020. وفي هذا الفيلم، تتحول حفلة زفاف فخمة للمجتمع الراقي صراعاً طبقياً يؤدي إلى انقلاب عنيف.
ومن 8 إلى 14 تشرين الثاني، فيلم Mad God لأهم أبرز رواد المؤثرات الخاصة فيل تيبيت الذي يقدم أيضاً محاضرة مفتوحة للجمهور عبر الإنترنت. ومن إخراج الدنماركي أندرس توماس جنسن يعرض الفيلم الدرامي المثير Riders of Justice من بطولة مادس ميكيلسن، عن رجل كان يظن أن مقتل زوجته في حادث قطار كان نتيجة حادث عابر، لكنّ ظهور عالم رياضيات كان موجوداً في القطار يظهر خلاف ذلك.
أما العروض المقررة من 15 الى 21 تشرين الثاني، فهي لأفلام قصيرة غير تجارية من توقيع المخرج الأسترالي أليكس بروياس الذي يُحيي كذلك محاضرة عبر الإنترنت مفتوحة للجمهور. ومن أفلامه التي سيتسنى للجمهور مشاهدتها Phobos وStrange Nostalgia الذي صوّر تقريباً بالكامل خلال فترة الحجر باستخدام تقنيات مختلفة للتحكم مِن بعد، وMask of the Evil Apparition عن شابة فقدت ذاكرتها، تبحث في ليل مدينة مهجورة عن شيء أو شخص ما، لكنها لا تستطيع ان تتذكر من أو ماذا. ويُعرض خلال هذا الأسبوع أيضاً فيلم Beyond the Infinite Two Minutes وهو الشريط الروائي الابداعي الاول للمخرج الياباني جونتا ياماغوتشي واستأثر باعجاب المهرجانات العالمية، ويحكي قصة صاحب مقهى يكتشف أن جهاز التلفزيون في مقهاه يعرض فجأة صوراً من المستقبل قبل دقيقتين من حصولها.
أما بالنسبة للأسبوع الأخير من 22 إلى 28 تشرين الثاني، حيث يُعرض الفيلم التونسي النسوي "ما تسمع كان الرّيح (Black Medusa) وهو من نوع التشويق السوداوي للمخرج إسماعيل شابي بمشاركة أخيه يوسف. وهذا الفيلم الذي أقيم عرضه العالمي الأول في مهرجان روتردام في كانون الثاني الفائت يحكي قصة امرأة هادئة نهاراً وتتحول بعد حلول الظلام فتاة ليل تصطاد الرجال وتتقرب منهم ثم تضربهم بوحشية. كذلك يضم البرنامج فيلم التشويق الفرنسي Messe Basse للمخرج باتيست درابو من بطولة النجمة جاكلين بيسيه وأليس إيزاز، ويتناول قصة شابة تتابع دراستها الجامعية في بوردو، تسمح لها أرملة عجوز بالسكن في إحدى غرف بيتها مقابل مساعدتها في الأعمال اليومية بشرط واحد: التصرف كما لو كان زوجها الميت لا يزال على قيد الحياة، ولكن سرعان ما تشعر الشابة بوجود الزوج، فيبدأ مثلث حب خطير.
من ناحية أخرى يضمن بعض الإضافات الجديدة، حيث أن مسابقته للأفلام القصيرة لم تعد تقتصر على مشاركين من لبنان بل باتت مفتوحة للعالم العربي بأكمله. إلا أن نصف الأفلام العشرة التي تضمها هي لمخرجين لبنانيين، وهي "ألين" لكريستوف سجعان، و Blinded by Desire لغيبير ناجاريان، و"كيف تحولت جدتي إلى كرسي" لنيكولا فتوح ، و"هردبشت" للمخرج سمير القواص ، و"حكم الأزعر" للمخرج فايز أبو خاطر،
ومن المملكة العربية السعودية يشارك فيلما "أرض القبول" لمنصور أسد و"دورة تفاح" لمها الساعاتي، في مقابل Exodus لياسين الإدريسي "المغرب"، و"بنت وردان" لميساء المؤمن "الكويت" و"الخمّار الأسود" للجوهرة آل ثاني"قطر".
هذا وتتضم لجنة التحكيم كلاً من المدير الفنية لمهرجان لوكارنو السينمائي جيونا نازارو، والمخرجة ماتي دو من لاوس والمخرجة اللبنانية ومصممة الصوت رنا عيد، وستعمد إلى إختيار الفائزَين بجائزة "مسكون" البالغ قدرها 500 دولار وبجائزة أفضل فيلم لبناني التي ستتاح لمن ينالها المشاركة في مهرجان السينما المتوسطية "سينيميد" السنة المقبلة في مدينة مونبلييه الفرنسية.
ويقام للسنة الثانية توالياً "مختبر مسكون لأفلام الرعب والفانتازيا والتشويق والخيال العلمي"، وهي مبادرة تهدف إلى مساعدة السينمائيين العرب الذين يعملون على مشاريع أفلام طويلة تنتمي إلى هذا النوع من الأفلام، وتقريبهم من مرحلة الإنتاج، واختيرت للمشاركة فيه خمسة مشاريع هي " حظ أفضل المرة القادمة" لحابي سعود "مصر" و "خزامى" للقطرية للجوهرة آل ثاني "قطر"وLe Refuge" لطلال السلهامي "المغرب" و"رقية" ليانيس قسيم "الجزائر"، و"حشيشستان" للفلسطيني سعيد زاغة.
وستتولى توجيه أصحاب هذه المشاريع ومن ثم اختيار أفضلها، لجنة من ستة خبراء تضم مديرة مبادرة Frontières الدولية المنتجة السويسرية أنيك مانرت، وخبير المؤثرات البصرية الفرنسي غِيّوم نادو، والمخرجة اللبنانية رانيا عطية، ومدير البرمجة في مهرجان Beyond Fest إفريم إرسوي،والمنتج باتريك أندرسون والمؤسس المشارك لشركة Yellow Veil Pictures المنتج والموزع اوغ باربييه، وسيشارك المشروع الفائز في سوق Frontières الدولية لمشاريع الأفلام في مونتريال، إذ قد يحظى بفرص للحصول على التمويل والإنتاج.
وفي إطار مختبر "مسكون"، تقام محاضرات تتعلق بانتاج هذا النمط من الافلام، إحداها عن تصميم الصوت مع فرانك كروس الذي عمل على أفلام شهيرة كRush وCloud Atlas وPerfume: The Story of a Murderer، فيما سيكون إيفريم إرسوي أيضاً محاضراً في ندوة عن كيفية انتاج أفلام الرعب والتشويق وتسويقها في المهرجانات العالمية.
وتجدر الإشارة إلى أن المهرجان والمختبر يقامان بدعم من الهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD) والمعهد الفرنسي في لبنان، أما الجهات الشريكة فهي السفارة الاسبانية ومؤسسة الدوحة للأفلام و Front Row Filmed Entertainment ومبادرة Frontières و Dahshour residency و Chateau St Thomas والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (البا) و"ابّوط برودكشنز " Abbout Production".
الجدير بالذكر، أن المهرجان عضو في "اتحاد ميلييس للمهرجانات السينمائية" الذي يضم مهرجانات سينما النوع الفانتازيا في العالم.