كريم الرحباني من أهم المخرجين الشباب الموجودين على الساحة الفنية، والذي يحمل على عاتقه دائماً مشاكل المجتمع ووطنه، ويجد الفن طريقته الوحيدة ليترجم أحساسيه ومشاعره تجاه القضايا التي تشغل باله دوماً، وآخرها إنفجار مرفأ بيروت الكارثي الذي أثر على نفسيته، وعلى كل الشعب اللبناني، لذلك اختار اخراج وكتابة فيلم "تروبيل" ضمن المسلسل القصير "بيروت6:07"، وشاركه في كتابة "تروبيل" والده المؤلف الموسيقي غدي الرحباني.
المسلسل ترشح لجوائز International Emmy Awards التي تمنحها الأكاديمية الدولية للفنون والعلوم التلفزيونية، وجاء ترشيحه ضمن فئة المسلسلات القصيرة، ويتنافس المسلسل على الجائزة مع ثلاثة أعمال من البرازيل وإسبانيا ونيوزيلاندا.
مع الإشارة إلى أنه سيتم الإعلان عن الفائزين في حفل، سيقام يوم 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بمدينة نيويورك.
وأجرى موقع "الفن" حواراً مع المخرج اللبناني كريم الرحباني، بعد ترشح "بيروت 6:07" لجوائز International Emmy Awards، فكشف لنا الرحباني عن كواليس تصوير "تروبيل"، والصعوبات النفسية التي واجهها خلال تنفيذه، وكيف تلقى خبر ترشح العمل لجوائز إيمي، وغيرها من الأمور.

حدثنا عن الآثار النفسية التي سببها لك إنفجار مرفأ بيروت؟

عام 2020 كان الوضع سيئاً في لبنان على جميع الأصعدة السياسية والإقتصادية، وكنا نعاني كثيراً، ولكن لا أحد يستطيع إنكار أن يوم 4 اغسطس/ آب كان يوماً مفصلياً في تغيير حياة اللبنانيين، فبعد انفجار مرفأ بيروت، نشعر أن هناك شيئاً انكسر داخل كل شخص منا في لبنان، ونحن لا نستطيع أن نمحو من ذاكرتنا صوت الانفجار، وكيف تلقينا الخبر عبر الفضائيات الإخبارية، فكان من المستحيل أن نستوعب أو نصدق ما حدث، وكأنه فيلم تراجيدي بسبب كم الخسائر الإنسانية، والخراب الذي ضرب بيروت.

ما كان أكثر مشهد موجع لك بعد إنفجار مرفأ بيروت؟

أكثر ما أزعجني وشعرت بآلام بسببه، هو عندما كان هناك أشخاص يبحثون عن ذويهم وأسرهم تحت الأنقاض، وبعد الحدث الكارثي، شعرنا أنه لا بد أن نخطو خطوة، ومن هنا فكرنا في تقديم عمل فني يوثق ما حدث في إنفجار مرفأ بيروت.

كيف بدأت فكرة تنفيذ مشروع "بيروت 6:07"؟

بعد الانفجار مباشرة، مررنا بظروف نفسية صعبة، ولم نستطع ترتيب أفكارنا، ومن أين نبدأ، وكيف سنكمل ما توقفنا عنده، إلى أن تواصل المخرج مازن فياض مع المخرجين في لبنان، من أجل تقديم عمل فني عن هذه الحادثة، التي من المستحيل أن ينساها اللبنانيون طوال حياتهم، لذلك كنا أوائل الناس الذين أبدوا ردة فعل تجاه هذه الكارثة بشكل فني، ومن هنا جاءت فكرة "بيروت 6:07".

وكيف تم التحضير لـ"بيروت 6:07" في ظل هذه الظروف الصعبة؟ ولماذا اخترت تقديم قصة الضحية علي صوان؟

وضعنا فكرة في الأساس، وبدأنا تنفيذها على أرض الواقع، وهي أن يختار كل واحد من فريق العمل قصة ضحية في إنفجار مرفأ بيروت، سواء شخص توفي، أو أصيب في تلك الكارثة، أو تضرر بسببها، وعندما إطّلعت على الأبحاث التي أجراها فريق العمل، انجذبت إلى قصة الضحية علي صوان، وشعرت أنه لا بد أن أحكي قصته من خلال عمل فني، لأني أذكر جيداً أن يوم إنفجار مرفأ بيروت، كانت عائلته تبحث عنه، وبعد أسبوع عثروا على جثته داخل سيارته في البحر، وتبين أنه بسبب قوة الإنفجار، غرقت سيارته في البحر، وهذا المشهد رأيناه جميعنا على شاشات التلفزيون، وتوجعنا كثيراً.

لماذا أسميت العمل "تروبيل"؟ وهل له دلالة معينة؟

"تروبيل" يعني لدى الصيادين أصبع الديناميت الذي يقتلون من خلاله السمك، لكي يتمكنوا من الصيد، وشعرت أن هذا الإسم ملائم جداً لقصة الضحية علي صوان، لقد كان يوم 4 آب/أغسطس أول يوم للبنانيين يقومون فيه بالتنزه بعد مرور فترة طويلة من الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا، وبالصدفة ذهب علي صوان إلى مرفأ بيروت لكي يصطاد، ويشكو همومه للبحر، ولم يكن يعلم ما يخبئ له القدر، وهؤلاء ضحايا لا يمكن أن ينساهم أحد، وسنظل نبحث عن الحقيقة، لكي تتحقق العدالة، لأنه حتى هذه اللحظة، لم يعرف الشعب اللبناني ما الذي حدث، وكيف وقع هذا الإنفجار.

ما هي الصعوبات التي واجهتها عند تنفيذ "تروبيل"؟

توقيت تنفيذ العمل، وخصوصاً مرحلة الكتابة التي شاركني فيها والدي غدي الرحباني، والذي دائماً ما يشاركني في كتابة أفلامي، وإتخذنا قراراً أن نقدم القصة كما هي، وابتعدنا عن وضع قصص مفتعلة أو مبالغ فيها، وإعتمدنا على قصص يومية واقعية.

كيف كانت كواليس تصوير "بيروت 6:07"، خصوصاً أن في العمل ذكريات مؤلمة؟

حاولت قدر الإمكان أن أكون موضوعياً في عملي، ومحترفاً، وأن أتحكم بمشاعري خلال التصوير، لأنه إذا فكرنا خلال التصوير في ما حدث، لن نستطيع تنفيذ العمل كما يجب، وإخراجه بهذا الشكل.

كيف تلقيت خبر ترشيح "بيروت 6:07" لـ جوائز إيمي؟

أحسست بمشاعر مختلطة بين الفرح والحزن، بالتأكيد هو إنجاز فني، ولكن بنفس الوقت، نحن لم نصل إلى الحقيقة، ولم نحقق العدالة في ما يخص إنفجار مرفأ بيروت، ومازال هناك ضحايا يعانون من الإنفجار حتى وقتنا هذا، ومنهم من توفوا مؤخراً، بعد مرور أكثر من عام على دخولهم في غيبوبة.