تمكنت مسرحية "رسائل الحب" Lettres d’amour على خشبة مسرح مونو أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وتحملنا بعيداً عن الرسائل النصية على الشاشات الرقمية الباردة، إلى زمن كان الورق والقلم هما وسيلتي التواصل. وقد أعادت الى أذهان المشاهدين ذكرياتهم المحفوظة على ورقة في مكان ما والتي يلقون عليها نظرة من وقت لآخر، علّهم يسترجعون لحظات عزيزة على قلوبهم.
المسرحية للكاتب الأميركي المسرحي آي. آر. غورني ترجمت إلى الفرنسية. شارك في التمثيل المنتجة والممثلة جوزيان بولس والممثل نديم شماس وهي من إخراج لينا أبيض. وشارك بالعزف على الساكسوفون ناريغ كارابتيان.
تدور أحداث المسرحية عن رسائل تبادلها طيلة نصف قرن صديقان أميركيّان هما ميليسا غاردنر وآندرو لاد جونيور في خمسينيات القرن الماضي. وتروي الرسائل مشاعرهما وأفكارهما المتبادلة وأحداث حياتهما. موقع "الفن" التقى منتجة مسرحية "رسائل الحب" والممثلة جوزيان بولس وكان لنا الحوار التالي:

لماذا اخترت مسرحية Lettres d’amour؟

عندما تلقيت عدة مسرحيات طلبتها من إبني المقيم في فرنسا كانت Lettres d’amour أول مسرحية أضعها بين يدي لأقرأها، وعندما أنجزت القراءة تساءلت لماذا لم أكتبها بنفسي؟ استعدت ذكرياتي مع أحد الأصدقاء الذي غادر لبنان منذ مدة طويلة وحافظنا على التواصل وتبادلنا الرسائل واستمرت علاقتنا حتى اليوم. هو يعيش في الخارج مع زوجته وأولاده وأنا تزوجت وتطلقت. عندما بدأت تحضير المسرحية استرجعت الرسائل القديمة وقرأتها من جديد، وأدركت أهمية كتابة رسالة وسرد التفاصيل بشكل هادئ وممتع، وهذا ما نفتقده مع الشاشات الرقمية. وعلى الأثر كتبت رسالة إلى صديقي وأرسلتها في ٢٩ حزيران /يونيو.

هل كان الهدف من المسرحية العودة الى فترة زمنية بعيدة عن واقعنا؟

لم يكن مقصوداً أبداً ولكن تبين لي من الإنطباعات وردود الأفعال الإيجابية التي تلقيتها أن هناك فئة من الشباب لم تتلق ولم تُوجه رسالة واحدة لأحد، وهو شعور رائع لم يتسن لهم إختباره.

لعبت دور ميليسا في مراحل مختلفة من عمرها. أي شخصية تفاعلت معها بشكل مميز؟

ميليسا دور صعب جداً وتدربت كثيراً لأتمكن من إتقانه. أحببت كثيراً مشهد الـ sexe، والمشهد حين أقفز عن السرير مع العلم أنني ترددت في البداية، ولكني قمت به بتشجيع من المخرجة لينا أبيض فهي ساعدتني لكي أتحدى ذاتي. ميليسا دور رائع أؤديه "من كل قلبي" ولا أعتقد أنه سيتسنى لي أن ألعب دوراً مماثلاً. ردود الفعل على المسرحية كانت جيدة جداً وهذا ما يفرحني لأن المسرح مشاعر.

ما هي الصعوبات التي واجهتكم لتحضير وإطلاق المسرحية؟

واجهتنا كل أنواع الصعوبات بدءاً بالمازوت غير المتوفر، وأسعار البطاقات التي تباع بالليرة اللبنانية في ظل وضع إقتصادي ومعيشي صعب. والتدريبات التي قمنا بها عبر الإنترنت بسبب جائحة كورونا.

ما الذي دفعك للإستمرار؟ وهل فكرت بإرجاء الموعد؟

أُرجئ الموعد في حزيران/يونيو بسبب صعوبة إجراء التمارين. وفي شهر أيلول/سبتمبر قررت إطلاق المسرحية من دون تردد لأنني أردت أن اثبت أنني "مقاومة ثقافية" ولو كلفني الأمر خسارة مادية. لبنان منارة الشرق ولن نقبل بالتخلي عن ثقافتنا. تربيت على مبادئ جان كلود بولس ووالدتي، وهي الإحترام والثقافة، وأنا أسعى أن أقدم الأفضل على خشبة المسرح. حرصت على خلق مساحة للتلاقي والحوار بعد العرض مباشرة لإفساح المجال للنقاشات الفكرية بعيداً عن المشاكل اليومية، وأدعو الشعب الى محاربة الوضع الحالي بالقدرات الثقافية. أنا أغامر بالرغم من تراجع إمكانياتي المادية لأنني مقتنعة ومنذ سنوات أن الثقافة هي الشريان الحيوي للبلد، ولا أمل ببقائه من دونها. أشجّع الناس على الإبتعاد عن "النق" والثقة بقدراتهم وتحمل المسؤوليات ورفع معنويات بعضهم البعض، لكي يتمكنوا من مواجهة الأزمة.

هل هناك توجه لتحضير مسرحية باللغة العربية؟

طبعاً أنا أحضّر عملاً جديداً باللغة العربية. وفي حزيران/يونيو، ساعدت من دون مقابل مادي، شباباً لإطلاق مسرحية "هلع" فقط من أجل المقاومة الثقافية. وسأقول شيئاً مؤسفاً: قد تكون مسرحية Lettres d’amour آخر مسرحية باللغة الفرنسية تعرض في لبنان. وهذا يعود الى كلفة المسرحيات المستوردة وتراجع عدد الشعب الفرنكوفوني. سأحاول خلال رحلتي المقبلة إلى فرنسا أن أجد وسائل لمساعدة المسرح اللبناني.


يذكر أن العمل يستمر عرضه حتى 3 تشرين الأول/أكتوبر، ويعرض من الأربعاء حتى الأحد عند الساعة الثامنة والنصف ويمتد المسرحية لمدّة ساعة و15 دقيقة.

​​​​​​​

​​​​​​​