مع إنطلاق الموسم الخامس من المسلسل العالمي "لا كاسا دي بابيل"، الذي تدور أحداثه على الإعداد لأكبر عملية سرقة أنجزت على الإطلاق، من قبل أشخاص لهم سوابق إجرامية ومطلوبين من العدالة، ضجت مواقع التواصل الإجتماعي بهذه الشخصيات، وتعاطف معها العديد من الناس، الذين وجدوهم محقين في مطالبهم.

الملفت في هذه القضية، أن كل ما يقومون به هو مخالف للقوانين أو حتى للأعراف التي قد ينشأ عليها أي مجتمع، ويخالف العديد من الضوابط الإنسانية، فالقتل هو عادة بالنسبة لهم، وقتل الشرطي أو من يحاول إعتراض طريقهم هو أمر مبرر، ليس بالنسبة لهم فقط، بل أيضاً لكل من تابع المسلسل بأجزائه الخمسة.
قد تكون فكرة المسلسل الإنتقام، أو كما يقال "الأخذ بالثأر"، إلا أنه يجب الأخذ بعين الإعتبار، أن تطبيق القانون أسمى من كل الأفعال، وشريعة الغاب لا تطبق أبداً على البشر، بل على العكس، الإنسان يسمو بعقله لا بغريزته.
وبالعودة إلى أحداث المسلسل، نرى أن كل الأخطاء مبررة، حتى ولو على حساب حياة إنسان آخر، أو حتى قلبه، والإستغلال سمة مقدسة، والتعذيب رد فعل، والقتل حماية، والسرقة نجاح.
في بداية حلقات المسلسل يظن المشاهد أن الهدف من السرقة هو المال، وقد يكون هذا الحدث ملفتاً بعض الشيء، بالنسبة للتخطيط والتنفيذ، لكن مع أحداث المسلسل، يتم الكشف عن تاريخ قصة هذه السرقة، التي قضى بطل المسلسل البروفيسور سيرجيو ماركينا نصف عمره بالتخطيط لها، إذ تبدأ القصة بالطفل المريض سيرجيو في الولايات المتحدة، والذي يحتاج والده إلى المال كي يعالجه، ولا يتم إخراجه من المستشفى، ولهذا السبب يحاول سرقة بنك في أميركا، وعندها يتم إطلاق النار عليه، وهنا تظهر قصة "الإنتقام" والثأر، بوجه كل من يعترض فكره "المريض"، كما وصفه البعض لتحقيق مبتغاه.
كما ذكرنا سابقاً، اللوم لا يقع على فكرة المسلسل، بل يقع على الأشخاص، الذين يتعاطفون معهم، حتى أننا وصلنا إلى مرحلة ينغمس فيها الشخص بمشاعره ويتخلى عن تفكيره، ويبكي لفراق أحد "اللصوص" في هذا المسلسل.
شئنا أم أبينا، خطأ أم صواب، أغرمنا بشخصيات المسلسل، والعمل حقق الأرقام القياسية، ولاقى استحسان الجمهور، رغم أنه ليس مثالياً بالمبدأ والفكرة، لكنه خيالي، ويحق للكاتب والمخرج ما لا يحق لغيرهما، ويمكن للكاتب أن يتوسع بالخيال قدر المستطاع، البعض سيقول إن السرقة جريمة، والقتل جريمة، والعلاقات المتعددة جريمة، لكن يمكننا أن نعتبر أن هذه القصة خيالية، ولا تمت للحقيقة بصلة.