نازك صادق الملائكة من أهم الشعراء العراقيين والعرب في العصر الحديث. عُرفت برائدة الشعر الحرّ، وحققت إنتقالاً كبيراً في شكل القصائد الشعرية وتركيبتها من النمط الكلاسيكي الذي ساد لقرون عدة إلى الشكل المعروف بالشعر الحرّ مما أثار جدلاً ومعارضة من الشعراء التقليديين ومن عائلتها.
أتقنت اللاتينية والإنجليزية والفرنسية، وحصلت على العديد من الجوائز والتكريمات. دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت من قسم الموسيقى. دافعت عن دور المرأة في المجتمعات العربية، وحثّت النساء على رفع الصوت في المجتمع.


نشأتها

ولدت نازك الملائكة في 23 أغسطس / آب 1922في بغداد وهي الفتاة الكبرى بين سبعة أولاد: خمس بنات وشقيقين. كان والدها شاعراً ومدرساً وله مؤلفات أهمها موسوعة "دائرة معارف الناس". شجّعها على القراءة وإختار إسمها تيمناً بالثائرة السورية نازك العبد. والدتها سلمى عبد الرزاق الملائكة شاعرة نشرت أعمالها تحت اسم مستعار وهو أم نزار الملائكة لأنه كان الأسلوب الوحيد المتبع للكتاب النساء في تلك الفترة. جدتها لأمها الحاجة هداية كبة شاعرة وإبنة العلامة والشاعر الحاج محمد حسن كبة وخالاها جميل الملائكة وعبد الصاحب الملائكة هما شاعران معروفان وخال أمها الشاعر الشيخ محمد مهدي كبة. كتبت أول أشعارها في سن العاشرة، بعدها كتبت الشعر بمساعدة أمها وعمّها تحت عنوان "بين روحي والعالم". نشرت المجموعة الشعرية الأولى "عشاق الليل" عام 1947، بالأسلوب الشعري الكلاسيكي. درست العود على يد مدرّس موسيقى ذو مكانة كبيرة وغالبًا ما كانت تمضي ساعات في العزف على العود وحيدةً في حديقة المنزل. تخرجت من كلية الآداب في جامعة بغداد عام 1944، وفيما بعد أكملت دراسة الماجستير في الأدب المقارن في جامعة Wisconsin في الولايات المتحدة الأميركية. عُينت أستاذة في جامعة بغداد وجامعة البصرة وفيما بعد في جامعة الكويت.


مسيرتها الأدبية

نشرت الملائكة شعراً إبداعياً بعنوان "الكوليرا" بعد إرتفاع عدد الوفيات في مصر بسبب الوباء، ووصفت ظروف القصيدة قائلة: "خلال ساعة واحدة إنتهيت من كتابة القصيدة وركضت مسرعةً إلى بيت أختي إحسان، قلت لها أنني كتبت شعراً مختلفًا من حيث الشكل وسوف يسبب جدلاً كبيراً"، وحالما قرأت إحسان الشعر أصبحت من أشد الداعمين لها، بينما تساءلت والدتها ببرودة عن القافية ووصفته إنه يفتقر إلى الموسيقى الشعرية، وكذلك الأمر بالنسبة لوالدها الذي إنتقد وسخر من جهدها وتوقع لها الفشل. لكنها قالت بوضوح: "قل ما شئت أنا واثقة أن شعري سوف يغيّر خارطة الشعر العربي".
لم تكن نازك قائدة هذا النمط لوحدها، لأن بدر شاكر السياب نشر قصيدة "هل كان حبًا" (من مجموعته أزهار ذابلة) في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1946 أي قبل أن تنشر الملائكة قصيدتها "كوليرا" بعام. وقد إعترفت الملائكة بأن لها محاولات شعرية بالشكل الحر قرابة عام 1932، وبالنسبة للجدل حول من هو المبدع والمبتكر الأول للنمط الجديد من الشعر فهو لا يزال قائماً، وفي الوقت الذي كان يعني لها التحدي نوعًا من الإهانة لإنجازها، أشعل فيها الرغبة بالتراجع عن الحياة الأدبية العامة. ووفقًا لصلاح حسن في صحيفة النهار: "لقد أغلقت الباب خلفها إلى الأبد بعد أن تجاهلها العالم بأسره ولم يعترف بها كرائدة حقيقية".
بعد 20 عاماً أطلقت الملائكة ثورة مضادة للشعر الحر عام 1967 مدّعية أن الجميع سوف يعودون إلى الشكل الكلاسيكي. وبالرغم من تغيير رأيها إلّا أن شهرتها في حركة التجديد قدمت لها فرصة فريدة وسمحت لها أن تكون ملهمًة حقيقية للمرأة. كانت مفكّرة مستقلة وباحثة ومدرّسة محترمة وكاتبة خططت لتتفوق في المجال الذي لطالما سيطر عليه الرجال، وكان من المهم بشكلٍ خاص تفوقها في المجال الأدبي، حيث أن ما واجهته المرأة في المجتمع العربي في ذلك الوقت كان دافعًا للقمع لا للتعبير عن مشاعرهن وحياتهن.


حالتها النفسية

بالرغم من أن نازك الملائكة إختارت لنفسها الدور التقليدي إلا أنها إستمرت في الكتابة عن موضوع غير تقليدي، حيث أخذت تكتب أكثر فأكثر عن الذات وتميزت كتاباتها بالرومانسية الفردية. بقي التكوين العقلي موضوع جدل في العالم الأدبي. كانت مُدركة لفلسفتها الذاتية ولحالتها النفسية، مما دفعها إلى تناول تجربتها في مواجهة الاكتئاب ضمن سيرتها الذاتية، وتقول في هذا السياق: "كما أذكر لقد غصت عميقًا في التحليل النفسي، واكتشفت أنني لا أجسّد أو أعبّر عن أفكاري ومشاعري كما كان يفعل الآخرون من حولي، لقد اعتدت الانسحاب وأن أكون خجولة، وإتخذت القرار بتبديل طريقة عيشي السلبية، وتشهد مذكراتي على الصراع الذي خضته مع نفسي أملًا ببلوغ ذلك الهدف، مقابل كل خطوة إلى الأمام كان يقابلها عشر خطوات إلى الوراء، مما يعني أن التغيير بشكلٍ كلي إستغرق سنوات طويلة، أما اليوم فقد أدركت أن التغيير النفسي هو الأصعب".
وفقًا لبعض المصادر فإن الاكتئاب والحزن كانا صديقين لها منذ طفولتها بعد وفاة والدتها التي كانت صديقتها الوحيدة.


حياتها الخاصة

متزوجة من الدكتور عبد الهادي محبوبة ولهما إبن واحد هو البراق عبد الهادي محبوبة.


مغادرة العراق

غادرت الملائكة العراق عام 1970 إلى الكويت بعد عامين من وصول الرئيس صدام حسين إلى السلطة، ومن ثم غادرت الكويت إلى القاهرة بعد غزو العراق للكويت عام 1990، ومع مرور الوقت أصبحت إنعزالية.

من أشهر أقوالها

-في كل فؤاد غليان، في الكوخ الساكن أحزان، في كل مكان روح تصرخ في الظلمات، في كل مكان يبكي صوت.

-ها أنا وحدي على شط الممات والأعاصير تنادي زورقي.

-لنفترق الآن، إسمع صوتاً وراء النخيل، رهيباً أجش الرنين يذكّرني بالرحيل، وأشعر كفيك ترتعشان كأنك تخفي شعورك مثلي وتحبس صرخة حزن وخوف، لم الإرتجاف؟ ومما نخاف؟ ألسنا سندرك عما قليل بأن الغرام غمامة صيف.


مجموعاتها الشعرية

"عاشقة الليل"، "شظايا ورماد"، "قرار الموجة"، "شجرة القمر"، "ويغير ألوانه البحر" ، "مأساة الحياة وأغنية للإنسان"، "الصلاة والثورة"، "أنا وحيدة" التي كتبتها كتأبين لزوجها.


مؤلفاتها الأدبية

"قضايا الشعر المعاصر" ، مجموعة مقالات بعنوان "الصومعة والشرفة الحمراء" ، دراسة في علم الإجتماع بعنوان "التجزيئية في العالم العربي" "سيكولوجية الشعر"، "الشمس التي وراء القمة".


وفاتها

عاشت في القاهرة منذ 1990 في عزلة إختيارية الى أن فارقت الحياة عن عمر يناهز 83 عاماً في 20 يونيو/ حزيران 2007 بسبب إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية ودُفنت في مقبرة خاصة للعائلة غرب القاهرة.