تميز طوني كيوان بصوت جميل، وثقافة فنية، ومسيرة محترمة وراقية. في رصيده عدد كبير ​​​​​​​من الأغاني والكليبات. زار دول الاغتراب بشكل منتظم لمدة عشرين عاماً، وتواصل مع الجاليات اللبنانية هناك، التي أحبت فنه وموهبته. يعشق الطبيعة والأرض وأرز الباروك، إلى حد بناء "علية الكيوان" في ضيعته الفريديس.​​​​​​​
طرح طوني حديثاً أغنية جديدة بعنوان "يا ويلي لما بتطلي"، وكان لموقع "الفن" هذا اللقاء معه.

نشرت فيديو لقصيدة جريئة وصريحة بعنوان "ابعت لي شي كم مليون"، هل يمكن أن نعرف ما هو السبب الذي دفعك إلى نشرها؟


نمر بظروف صعبة ومؤلمة، وأنا أنتقد بشكل موضوعي ولا أحب التجريح، ويهمني إحترام الآخر. ولكن عندما نرى على الشاشات إتهامات متبادلة من الناس والسياسيين بسبب الاختلاسات، وأقصد القضايا التي تهم الناس، فمن حق المواطن اللبناني أن يعرف مصير أمواله. وما يثير العجب، هو دفاع البعض عن أشخاص متهمين. فجاءت القصيدة لتحاكي الوجع الذي أصابنا، وكيف يتراجع البعض عن مبادئه من أجل المال. إذاً القصيدة كا​​​​​​​نت صرخة وجع، أطلقتها من مواطن لبناني يؤمن ببلده وبدولته بهدف التوعية. وأنا لا أستطيع المساواة بين السارق والمختلس، والقضاء هو الذي يصدر الأحكام.

​​​​​​​​​​​​​​​​​​​​في نيسان/أبريل كتبت على صفحتك الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي كلمة "قريباً"، هل هو موعد لعمل جديد؟


الظروف الصحية في لبنان والعالم بسبب فيروس كورونا كانت صعبة جداً، فتوقفت المهرجانات والحفلات والأعراس، وشعر الفنان بإحباط ليس فقط في لبنان، انما في كل العالم، وحتى رحلاتي الى استراليا وكندا ألغيت بسبب فيروس كورونا. ولأن الفنان لا يجب أن يغيب طويلاً، أطلقت أغنية بمناسبة عيد الأم "مشتاق لضمة"، واخترت عيد الأم كونه مناسبة مهمة، ودليل على الإستمرار في العمل الفني. وحالياً أحضر أغنية نقدية للأغاني التي هي دون المستوى والتي نسمعها. مثلاً الأغنية الراقية من حيث الكلمات واللحن والتوزيع الموسيقي، تحصل على حوالى ١٠٠٠٠٠ مشاهدة، بينما الأغنية التي لا تتمتع بالمواصفات المطلوبة، وتكون خالية من المضمون، وليست مسجلة في ستوديو، تحصل على مليون مشاهدة. الأغنية أطلقت عليها إسم "من كل وادي عصا"، لكي أقول إنه باستطاعتنا الغناء بهذه الطريقة، ونقوم بالإنتاج والتسويق، لكن على الفنان المحافظة على مستوى الفن اللبناني والعربي،​​​​​​​ومضمون الكلمة واللحن، خصوصاً الذي يملك الثقافة الموسيقية، ولا يكتفي بالموهبة. واذا شاءت الظروف، أطلق الأغنية قريباً. لقد اعتاد الناس أن يسمعوا طوني كيوان في أغاني الدبكة والفلكلور، إنما هذه الأغنية ستكون لها نكهة خاصة.

هل لاقت أغنية الأم تفاعلاً ونجاحاً؟


الأغنية التي تطلق لمناسبة محددة، تقتصر على المناسبة فقط. هي من كلمات الشاعر مارسيل مدور، وتوزيع موسيقي إيلي سابا. أنا لحنت الأغنية، بعيداً عن لون طوني كيوان، وكانت من اللون الكلاسيكي القريب من الشعبي البطيء، وهو لون جديد أؤديه. كان عملاً جميلاً، وتم تنفيذ الأغنية كتابة ولحناً وتصويراً خلال أيام، وكنا مصرّين على إطلاقها بمناسبة عيد الأم.

ما قصة الصور القديمة لك مع الفنانين راغب علامة وملحم زين وناجي الأسطا والممثل جهاد الأطرش، مرفقة بعبارة "كانت حلوة الدني"؟


رغبت باسترجاع الذكريات، لأننا لم نعد نلتقي مع الأصدقاء بسبب الظروف الصحية، وعبارة "كانت حلوة الدني"، تعني أهمية اللقاء بين الأشخاص، لأن التواصل على الهاتف هو تواصل رقمي، بينما التواصل الفعلي هو في اللقاء. وسوف أنشر المزيد من الصور مع أصدقاء آخرين، لأنني أفتخر بصداقاتي الفنية، وأتمنى لو كانت المنافسة بين الفنانين منافسة مهنية فقط.

تميزت بحياة خالية من الإشاعات، ومن "القيل والقال" ما السبب؟


أعتبر أن خصوصية الفنان ملك له. والإشاعة لها وجهان، يمكن أن تساهم في إنتشار الفنان، ويمكن أن تكون لمجرد الكلام عنه، وأنا لا أوافق على إطلاق إشاعة عن فنان إذا غاب عن الجمهور، إذ تتم فبركة خبر يمس به حتى يعود وينطلق من جديد. هذا لا يسمّى عملاً فنياً. والذي يتابع الفنان، يجب أن يهتم بما يقدمه من أعمال. وعندما أطل على الناس، أحب أن أطلعهم على أعمالي وتحضيراتي، ولا أحب أن يسوّق لي أحد، حتى من قبل المقربين. أنا بعيد كل البعد عن هذه الأجواء، أعيش بسلام في علّية شيّدتها إسمها "علية الكيوان". أنا من ضيعة الفريديس، قضاء الشوف، أفتخر برشيد بك نخلة، كاتب النشيد الوطني اللبناني، وأتغنى بأرز الباروك. وقلت لوالدي إنني أرغب في أن تكون لدي علية تحت شجر الأرز. واشتريت الأرض، وشيّدتها بالحجر اللبناني.

هل ندمت على إنتمائك السياسي الذي لا تخفيه في إطلالاتك؟


أبداً، لأن الإنتماء الوطني يتغلب على أي إنتماء آخر، بغض النظر عن هوية الآخر. وأنا أعتقد أن الخصومة السياسية لا تعني العداء. وعندما يتحول الخصم السياسي إلى عدو، فلا وجود للسياسة. أنا مع التفاهمات بين الناس، لأن المواطن في لبنان لا يستطيع العيش بمفرده. النقد الذاتي مهم جداً، سيما النقد البنّاء، الذي يهدف الى إصلاح الخلل. الإنسان ليس معصوماً عن الخطأ وبإمكانه إصلاحه. وحتى في الطب والهندسة الخطأ وارد، ويمكن في الحالتين تعريض الناس للخطر. أنا أفتخر بإنتمائي الوطني، وأنا مع الصح ضد الغلط، يجب أن​​​​​​​ نبقى منفتحين ومستعدين للحوار والتفاهم، لأن الحقد يؤذي، ويجب أن نبقى على تواصل مع بعضنا البعض. أنا عشت التهجير، وتركت ضيعتي، وعدت بعد ​​​​​​​مرور عشرين عاماً، وتلاقيت مع رفاق وأصدقاء كنا معاً في المدرسة، وجددنا الصداقة، ولا يجب أن نتحمل أخطاء إرتكبها الآخرون. يجب أن يسود التفاهم بين الناس، وهو مبدأ أؤمن به. وفي النهاية، ​​​​​​​أتمنى أن تكون الجائحة التي اجتاحت العالم بسلبياتها، أقنعت الناس بأن في الحياة "ما في شي بيحرز"، إلا عمل الخير، والإبتعاد عن الشر والحقد والضغينة. وأثبت المرض رغم مساوئه، أن الإنسان كان يعيش في غيبوبة يتباهى بالمظاهر الزائلة والغيرة، لكنه أعاد الناس إلى ذواتهم وإيمانهم، وشجعنا على العودة إلى البساطة والإيمان.