بقلم محمد جابر

منذ أكثر من سنتين، حُرمنا لظروف قاهرة، ومنها وباء كورونا، من الأعمال الفنية، إن كانت مسرحية أو سينمائية. وبعد إنتهاء العمل بقرار الإقفال العام، توجهنا متعطشين إلى أول عمل مسرحي يُعرض للمخرجة كريستيل خضر، التي استطاعت من خلال مسرحيتها "لعلّ وعسى"، التي عُرضت على خشبة مسرح "دوار الشمس"، أن تعود بنا إلى تاريخ المسرح اللبناني في بيروت، بواسطة تاريخ الممثلتيْن رندا أسمر وحنان الحاج علي المسرحيّ، عبر ذكرياتهما الشخصية والمهنيّة.

تمكنت ذاكرة أسمر والحاج علي، من إعادة تشكيل ذاكرة بيروت، وخريطة المسارح، وأماكن العرض التي لم تعد موجودة اليوم، نتيجة الحروب التي عصفت بلبنان، بالدخول إلى تفاصيل شخصيّة تخص بداياتهما وذكرياتهما المسرحية في "إيام الخيام" و"صانع الأحلام".

موقع "الفن" كان حاضراً في كواليس العمل المسرحي، وكانت لنا هذه المقابلات مع الممثلتيْن رندا أسمر وحنان الحاج علي والمخرجة كريستيل خضر، وطرحنا عليهن الأسئلة الآتية:

الممثلة رندا أسمر

ما أهميّة توقيت هذه المسرحيّة في ظل إستمرار إنتشار فيروس كورونا والوضع الإقتصادي المتردي؟

المهم أن يعرف الناس أن في الحياة نفساً موجوداً ويجب التكمّش فيه. نسي الناس الحياة، أصبحوا سجناء واقع معيّن مجبرين عليه. وأن نعمل على عمل مسرحي في ظل هذه الظروف، هو تحدٍّ لنا، ولمسنا تجاوباً من الإعلام والجمهور، وكأن الناس تذكروا أن هناك مسرحاً.

كيف كان التعاون مع حنان وكريستيل؟

"كتير لذيذ"، أعرف حنان أكثر من كريستيل التي هي إنسانة رقيقة جداً، وتعاطت معنا بمحبة كبيرة، كوننا مشينا معها كل هذا المشوار.

لماذا شاركتِ في "لعلّ وعسى"؟

قالت لي كريستيل في البداية "إني سأعمل على مسرحية عنكما"، فتساءلت :"كيف يمكن أن تعرف عن نفسي وأنا لا أعرف نفسي؟". فعملت المخرجة على الفكفكة، والغوص بداخلنا، والدخول إلى ذاكرتنا وتجاربنا، ونتج عن ذلك، هذا النص من الشهادات التي أعطيناها إياها.

في المسلسلات التلفزيونية، يمكنك رؤية النتيجة لتوجيه الملاحظات لنفسك، كيف يختلف الوضع معك في المسرح؟

في المسرح ألعب يومياً العرض كأنه للمرة الأخيرة، فأضع كل جهدي فيه. ولاحقاً أراجع نفسي وأسال :"أين كنت جيّدة وأين أخفقت؟".

ما المفضل لديكِ، المسرح أم التلفزيون؟

المسرح، في التلفزيون ليست بيديك النتيجة، في المسرح فيمكنك أن تتملك الكثير من الأشياء، هناك صعوبة في الوقوف لمدة ساعة ونصف الساعة تحت الأضواء وأمام الناس، وتشعر بنفسهم وردة فعلهم، أما في التلفزيون فأنت رهينة إضاءة وديكور وزميلك الممثل والمخرج.

الممثلة حنان الحاج علي

ما الذي جذبك إلى هذه المسرحيّة؟

كنت أتابع مسرحيات كريستيل، وأنا أحب أن أكتشف الشباب الموهوبين، رأيت مسرحياتها، لديها طريقة مهمّة، وأسلوب فريد في الكتابة. وتتميّز بـ"همّ" نقل المعرفة والذاكرة. وهي كانت تتابعنا، وتعرف أننا إنطلقنا في ظرف صعب، واستمرّينا في الحرب، أهم الأعمال خلقت في الحرب. كان بالنسبة لها مهماً أن تعرف هاتين الممثلتين اللتين كل منهما من منطقة، ومن نهج مسرحي مختلف، أين تتقاطعان، وما هي القوة التي دفعتهما إلى أن تستمرا وتصلا إلى ما هما عليه اليوم، ورغم كل الظروف، نحن نستمر، والدليل هذه المسرحية.

كيف كان التعاون مع الممثلة رندا أسمر؟

رندا أسمر لا تعرف كريستيل، فهي تشجعت معي على العمل مع كريستيل، وآمنت بإيماني بالعمل. بعد كل هذا البعد، اجتمعت مع رندا على المسرح في هذا العمل الحقيقي، الذي يتضمن رسالة قوية جداً، وهي موجهة إليكم لتعطيكم الأمل.

كيف تنتقدين أداءك على المسرح؟

أدعو عامّة الشعب، مثل الجار والجارة، بالإضافة إلى أشخاص ذي أهميّة أثناء التمارين، أمزج الجمهور، بالنسبة لي، المسرح هو مختبر وقابل للتطور، وأنا أتقبل النقاش، وأحاور الناس.

كشفتِ الكثير عن حياتك الشخصية في هذه المسرحية، كيف تعاملتِ مع هذا الموضوع؟

نحاول منذ سنتين ونصف السنة أن نعمل على المسرحية، لم نستعجل، بل قمنا بتمارين إرتجال، وتمارين أخرى، لنستريح ونتكلم عن أنفسنا، ولم تجبرنا كريستيل على وضع أي تفصيل، وأعطتنا الحريّة لإضافة أو إلغاء أي شيء. مع الوقت، يصبح لدينا ميراث. وفي مسرحيتي السابقة تعرّيت ذاتياً أكثر. على الممثل المخاطرة، وتمثيلنا مع كريستيل هو مخاطرة ضرورية وجميلة.

ما هدفك بعد فوزك بجائزة "الرابطة الدولية لنساء المسرح المحترفات"؟

أنا فنانة وناشطة، وعضو مؤسس بثلاث مؤسسات ثقافية، ولدي عمل في مجال التدريب والتعليم وأعلّم في الجامعة، وأشارك في التظاهرات، وأدخل في مجموعات عملت على إنجاح الثورة، كل ذلك يشكل من حياتي كتلة واحدة، لها هدف يُختصر في كلمتين "العدالة والحرية".

كريستيل خضر

لماذا اخترت الممثلتين حنان الحاج علي ورندا أسمر؟

هما ممثلتان مؤثرتان على مساري الشخصي والعملي.

كيف تعاملتِ مع حياتهما الشخصيّة؟

بإحترام، و"أخد وعطا".

كيف تتعاملون مع المسرح في ظل وضع لبنان اليوم؟

نحن خائفون على كل القطاعات الإقتصادية، وعلى البلد.

هل المسرح لازال قادراً أن يحافظ على وجوده؟

هذا المسرح مغلق منذ سنة ونصف السنة، ولا زلنا نعرض فيه أعمالنا، إن شاء الله خير.