أعطى الممثل اللبناني باسم مغنية في مسلسل "للموت" من عمق ذاته، وصدق إحساسه، وفرادة موهبته لشخصية "عمر".

يشعر المشاهد أنه في كل مشهد يؤديه، يغرف من فائض إحساسه، ليعبّر عن ألمه، فيتغير لون وجهه، وتغرورق عيناه بالدموع، وتنطبع صورته في ذهن المشاهد، إلى درجة يصعب نسيانها، ومن المؤلم أحياناً مشاهدتها مرة أخرى.
لم تستطع قسوته أن تمحو الأسى من عينيه، لشدة الألم الساكن في قلبه. فقد عاش "عمر" طفولة مشرّدة، معذبة، طبعت شخصيته، وسكنت أوجاعها في قلبه، وهذه الحقيقة نقلها لنا في أدائه، في لغة جسده. لبس شخصية رجل متألم، فصار الألم جزءاً منه، ورفيقه الدائم في كل مشهد يؤديه، ويهرب من ألمه بتعاطيه المخدرات.

باسم مغنية حلّق عالياً في دوره، شرب كأس المهنية حتى الثمالة، ولم يبخل لا بإحساس أو بتعبير، كالمقامر الذي يلعب كل أوراقه وبشراسة، وحتى النهاية. "عمر" كان مغرماً برفيقة عمره، ولم يتقبل تخليها عنه، فهو العاشق المجنون الذي لم يبادلها بالمثل، وعندما كان ينظر إليها، كان بريق عينيه يكشف قوة حبه لها.
تحدى ذاته، وتمكن من أن يسمّر المشاهد أمام شاشة التلفزة، ويفرض عليه براعته وإحترافه. وعندما علم أن ريم حامل، تحركت لديه مشاعر الأبوة والطفولة، فكان الفرح والحزن يتسابقان ليرسما تعابير وجهه. كان سعيداً لأن طفله سيبصر النور، وحزيناً على الطفل الذي يعيش في داخله، والذي لم ينعم بالطفولة. إستطاع أن يرسم أحاسيسه وهواجسه على وجهه، وببراعة فائقة. وفي مشهد موت والدة هادي وباسل كان رائعاً، بكاؤه وإعتذاره وتقبيل قدمي المرأة التي يعتبرها بمكانة أمه، مشهد مؤثر جداً أداه بإحساس عالٍ.
باسم مغنية حرّك مشاعرنا، أبكانا، كشف عن طاقة متجددة لديه في الأداء، وعن توزيع محترف بين المشاعر المتناقضة. باسم مغنية في دور "عمر"، مثل الجندي الذي يبذل ذاته حتى الموت، ويعطي أغلى ما عنده، وهو بذل ذاته من أجل "للموت".