استكمالاً لمشروع ثقافي موسيقي بدأته المؤلفة الموسيقية والسوبرانو د.

هبة القواس، عبر "أكاديمية هبة القواس"، التي تتضمن رؤية مستقبلية للارتقاء بمواهب الجيل الشاب في الغناء العربي والأوبرالي والتأليف الموسيقي، واحتضان هذه المواهب وتدريبها وصقلها ورعايتها فنياً، عبر إتاحة تجربتها العلمية والأكاديمية ومسارها الموسيقي الثري الذي أوصل موسيقاها إلى أعرق مسارح العالم، ومن خلال ريادتها في الأوبرا العربية التي كرست هويتها الفريدة عالمياً، شاركت أكاديمية هبة القواس مع مجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون (ADMAF) في مهرجان أبو ظبي لهذا العام في دورته الثامنة عشرة، بتعاون فني موسيقي بسلسلة فعاليات المهرجان الرمضانية 2021، تحت شعار «الأخوّة الإنسانية: رقي وأمل» التي تبث عبر المنصات الرقمية للمهرجان.
يقوم هذا التعاون مع مهرجان أبو ظبي، وتحت مظلة مؤسسة هبة القواس الدولية (HKI)، على الإنتاج الفني لبعض العروض المشاركة في المهرجان، تأليفاً موسيقياً وتسجيلاً أوركسترالياً وقيادةً وتصويراً، كما يتضمّن تدريباً وتوجيهاً وإشرافاً ودروساً احترافية ورعايةً لثلاث من المواهب المشاركة، ساهمت القواس في تطوير قدراتهم الفنية والصوتية، وصولاً إلى اعتلائهم مسرح المهرجان عبر المنصات الرقمية بحلّة فنية مكتملة المعايير، وبتنفيذ احترافي عالي المستوى من مؤسسة هبة القواس الدولية.

مواهب جديدة من المملكة العربية السعودية ذات أصوات مميزة تشقّ طريقها الفني، واكبتها هبة القواس، فتألقت في المهرجان في تقديم عروض مبهرة حازت استحسان الجمهور والنقّاد لما تضمنت من رقيّ موسيقيّ ومادة فنية جادة ومختلفة عمّا يقدّم راهناً في الموسيقى المعاصرة. خصوصاً أنها استلهمت روحانية الشهر الفضيل من خلال بعض القصائد لشعراء المتصوفة، ومن خلال الموسيقى المتضمّنة أبعاداً روحية وعمقاً فنياً يعبر بالأغنية إلى فضاءات رحبة.

المتحف الوطني اللبناني كان حاضراً في عرضين من العروض، حيث تمّ التصوير وتسجيل الموسيقى بمشاركة أعضاء من الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية بقيادة هبة القواس، والذين قدّموا أداءً موسيقياً مميزاً، فأضفت عراقة المتحف وهيبته التاريخية سحراً مختلفاً على العمل الموسيقي، كما استطاعت القواس أن تستلهم من فرادة المكان وجماله، نغماً تسلّل إلى عصا قيادتها، ليتحوّل عبقاً يظلّل الإطار الأثري في لحظات انخطاف موسيقية نادرة على مدى ساعات من قيادة الأوركسترا.

افتتح الأمسيات الرمضانية بعرض "وجد"، التينور السعودي مروان فقي، الصوت الآسر الحميم، الذي يتميز بالتنقلات الصعبة بين الطبقات العالية والقرار الرخيم والجميل، ويرسم خطاً موسيقياً فنياً موازياً لأبعادٍ ذات مضامين عميقة ومختلفة. في عمل يحمل توقيعه لحناً، توزيع الموسيقي السعودي رامي باصحيح، شعر ندى الحاج (أتيه فيك)، وقيادة القواس. في خطوة مهمة للبعد التوزيعي ودخول الجيل الجديد في عالم كتابة الموسيقى.

عرض "أثير" هو العرض الثاني في الأمسيات الرمضانية، قدّمه الكاونترتينور السعودي محمد خيران زهراني، وهو صوت من نوعٍ ونمطٍ مختلفين يحمل بصمة مميزة (Countertenor)، مع مساحة في صوته تصل إلى خامات جهيرة يخترق فيها المساحة التقليدية ليتخطاها إلى مساحة أبعد، والجدير بالذكر أن الكاونترتينور هو من نوع الأصوات النادرة في العالم. وفي أولى خطواته الفنية، قدّم الأغنية الخاصة به "أعلى وأمجد" شعر حسّان بن ثابت، ألفت موسيقاها هبة القواس لتعكس قدرات صوته وتتناغم مع طاقاته ولتظهر المساحة الصوتية لديه، كما تولّت القواس قيادة أوركسترا الحجرة والإشراف على العمل بكامله.

أما العرض الثالث في أمسيات المهرجان التي تندرج تحت التعاون مع أكاديمية هبة القواس، فقدمت الفنانة السعودية ريم التميمي 4 أغنيات من تأليفها الموسيقي، هي: «عرفت الهوى» من شعر رابعة العدوية، و«One earth» من كلماتها، و«والله ما طلعت شمس ولا غربت» من شعر الحلّاج، و«Rise» من كلماتها وجوردن بنجامين. وذلك بعد رعاية فنية من أكاديمية هبة القواس عبر تدريبها وصقل قدراتها الصوتية، والإشراف على موسيقى الأغنيتين بالعربية.

أسست هذه الشراكة بين مجموعة أبو ظبي للثقافة والفنون وبين أكاديمية هبة القواس لمرحلة مقبلة تحمل في خطوطها العريضة رؤية مشتركة أثبتت نجاحها من خلال هذا التعاون المثمر في المهرجان والذي أبهر من تابعه بمستواه الفني والموسيقي المتقدّم عبر أداء مواهب طبعوا بمشاركتهم بصمة مميزة.