في وقت نعيش ببلد منهوب لا يزال فيه السياسيون يستمرون في البحث عن كيفية إصطياد غنائم جديدة، تضاف إلى سجلاتهم المليئة بملفات الفساد، والتي بسببها يغرق المواطن اللبناني ويعيش أبشع أنواع الذل، أتحفتنا نقابة الفنانين المحترفين في لبنان ببيان أقل ما يُقال فيه إنه معيب ومخزي بحق الفنانين والثقافة وحرية التعبير في لبنان.


فكيف يُطلب من الفنان، الذي يفترض أنه يمثّل حال الشعب ويصرخ بصوتهم، السكوت وعدم التعبير عن رأيه بحرية إزاء الإنتهاكات الإنسانية، التي يتعرّض لها المواطن اللبناني؟
جاء في بيان النقابة: "إنّ نقابة الفنانين المحترفين في لبنان تأسف للأوضاع التي وصلنا إليها، الوطن يمر بظروف اقتصادية وصحية صعبة، ومجتمعنا تتجاذبه الإنقسامات السياسية والحزبية والطائفية. وبالنسبة لنا كفنانين، فدورنا انطلاقاً من خشبة المسرح والشاشة، والكلمة واللحن والنغم، فاعل في إرساء الثقافة، وتدعيم الانتماء إلى الوطن".
وتابع: "إنّ مجلس نقابة الفنانين المحترفين في لبنان واستناداً للنظام الداخلي، يطلب من الزميلات والزملاء عدم التعرض والتجريح بالأحزاب، والتيارات والحركات، والمذاهب ورموزها، مع تأكيدنا على حرية التعبير واحترام الرأي الآخر يصونهما الدستور والأعراف".
أيُعقل أن تصدر نقابة، يُفترض أنها وجدت للدفاع عن الفنانين وحقوقهم المهنية والمعنوية، هكذا بيان يجرّد الفنان من دوره الأساسي، وهو قيادة الرأي في المجتمع؟
يبدو أن من كتب هذا البيان لم يسمع بفنانين ومشاهير في العالم، قادوا حملات سياسية وإجتماعية في وجه إسكات الرأي الحر، ومنهم أوبرا وينفري وجورج كلوني، ومن لبنان جوليا بطرس، مارسيل خليفة، زياد الرحباني، وخالد الهبر وغيرهم، ولم يسمع أيضاً أن الفن هو الواجهة الأساسية لتقدم المجتمعات.
ويبدو أن النقابة لا تعلم أن الفن يتجاوز الحدود ولا يأبه بالمحظورات، والفنان لا يقف عند الرموز، ونسيَت النقابة أيضاً أن الفن يلازم الحرية، ودور الفنان الأساسي هو التمرد على كل ما يعيق الفكر الحر والرأي الحر، وحفظ حق الفرد في التعبير بهدف تقدم المجتمع وإزدهاره.
هذا البيان سقطة فنية وإنسانية، ولا يمثلنا، ولا يمثل أي فنان حقيقي، بغض النظر عن الإنتماءات السياسية والطائفية، ويتنافى أيضاً مع مبدأ ومفهوم النقابات، التي يجب عليها أن تنحاز للفنانين، وتطالب بحقوقهم المهنية والمعنوية.
نأسف أن نقرأ بياناً يحمل كل هذه السقطات، ولن نقبل بأي تبريرات واهية، لأي كلمة صيغَت فيه، لأنه معيب ومهين بحق الفن والثقافة والحريات في لبنان.. فعلاً إنه "بيان العار".