على الرغم من أنه لم يحصل على البطولة المطلقة، وليس ضمن نجوم الصف الأول، إلا أن الممثل المصري حسين الشربيني واحد من الممثلين الذين تركوا بصمة خاصة، من خلال أعماله الفنية، حتى أصبح وجهاً مألوفا لأجيال مختلفة، وشارك مع عدد من أهم الممثلين في أعمال سينمائية وتلفزيونية مهمة.

مدرس لغة عربية إكتشف موهبته
ولد حسين الشربيني يوم 16 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1935، في مدينة القاهرة، لكن أصول عائلته من مدينة شربين في الدقهلية.
بدأت علاقته بالفن في عمر الـ7 سنوات، حين لفت نظر مدرس اللغة العربية إلى موهبته في التمثيل، لأدائه الجيد في قراءة المحفوظات، إلى أن إلتحق بكلية الآداب في جامعة القاهرة لدراسة علم النفس والاجتماع عام 1954، ونصحه د. رشاد رشدي، الذي كان مشرفاً على الفرقة الفنية بكلية الآداب، بضرورة الإلتحاق بمعهد الفنون المسرحية، حتى يصقل موهبته بالدراسة.


إمتهن الصحافة قبل التمثيل
بعد حصوله على بكالوريس من معهد فنون المسرحية، تم تعينه في هيئة السكك الحديدية، إلا أنه رفض هذه الوظيفة وتركها بعد 11 يوماً فقط، ثم عمل صحفياً في إحدى الصحف، وبعدها إحترف حسين الشربيني مجال الإذاعة والتلفزيون في التلفزيون المصري.

أعماله
إلتحق حسين الشربيني بمسرح التلفزيون، الذي قدم من خلاله عدداً من المسرحيات، منها "شقة للإيجار" و"من أجل ولدي"، وهي أدوار صغيرة لكنها قدمته إلى الجمهور.
وعرف بعدها طريقه إلى عالم السينما، من خلال عدد من الأدوار الصغيرة أيضاً في البداية، وكانت أول مشاركاته السينمائية فى فيلم المارد مع الممثل المصري الراحل فريد شوقي عام 1964، و"الجزاء" عام 1965، لتتوالى أعماله بعد ذلك، ويشارك في 90 فيلماً.
ومن أشهر أفلامه "أنا اللي قتلت الحنش"، "إلحقونا"، "أبو كرتونة"، "ضحك ولعب وجد وحب"، "ضربة شمس"، "اليتيم"، "الذئاب"، "مستر دولار" و"أبو خطوة".


جوائز
حصل حسين الشربيني علي لقب "فنان قدير" من المسرح الحديث، وكرمه وزير الثقافة المصري الأسبق فاروق حسني، كما نال جائزتين سينمائيتين لأحسن ممثل دور ثان عن فيلمي "الرغبة"، من بطولة الممثل المصري الراحل نور الشريف، و"جري الوحوش" إخراج علي عبد الخالق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حصل أيضاً علي جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة الثاني عشر للإذاعة والتليفزيون، تم تكريمه في مهرجان زكي طليمات.

مرض السكر كان بداية نهايته المأسوية
من المواقف المؤثرة في حياة حسين الشربيني أنه تعرض لكسر في مفصل اقدمه اليسرى، خصوصاً أنه كان يعاني من مرض السكر، وذلك ثناء الوضوء لأداء صلاة العشاء، فكان يواظب على الصلاة بشكل مستمر. وروى في إحدى المقابلات أنه إعتبر هذا الموقف إشارة من الله، ثم إكتشف الأطباء إصابته حسين بجلطة في مركز الإتزان في المخ، وهي الازمة التي دفعته لترك التمثيل عام 2002.
كما كان يعاني مما يسمى بالأطراف العصبية في قدمه اليمنى، ولذلك كان يقضي أيامه الأخيرة مع زوجته وإبنتيه سهى ونهى، وأيضاً في التقرب إلى الله والتفرغ للعبادة.


وفاته على مائدة الإفطار في رمضان
في يوم الجمعة الثاني من رمضان عام 2007، أي يوم 14 أيلول/سبتمبر، جلس حسين الشربيني على مائدة الإفطار مع زوجته وإبنتيه، وتناول بضع التمرات، ثم أمسك بكوب الماء وإرتشف 3 مرات وإستند إلى مقعد خلفه، فحاولت زوجته أن تساعده وإحدى بناته أن تسنده، لكنه رفض ذلك وقاوم بهدوء، ثم تمتم بكلمات مسموعة بصعوبة، وأراح رأسه إلى الخلف قليلاً، وبعد ثوانٍ توفي.

مفارقة غريبة
بقدر ما كانت حياة حسين الشربيني مليئة بالمفارقات الغريبة، إلا أن وفاته في شهر رمضان، شهدت مفارقة غريبة، وتحديداً حينما صُلي عليه في مسجد رابعة العدوية، بعد مرور 24 ساعة على صلاته لصلاة العصر في المسجد نفسه، وهو ما أدخل إمام المسجد حينها في حالة بكاء شديد.
وقال الإمام للمصلين قبل البدء في صلاة الجنازة: "أيها الأحبة من أمة محمد.. دعوني أقول لكم قبل الصلاة أن أخوكم الذي حضر قبل قليل محمولاً على الأعناق داخل هذا النعش كان هنا في هذا المكان عصر يوم أمس تحمله أقدامه، ويجلس يقرأ القرآن الكريم من بعد صلاة العصر وحتى قبل أذان المغرب بقليل، ودموعه تتساقط بشدة، وجسده يرتجف بعنف".
وأضاف: "اليوم وبعد مرور 24 ساعة عاد للمكان نفسه، لا ليقرأ القرآن، ولا لتتساقط دموعه، ولا ليرتجف جسده، لكنه جاء لنقرأ نحن القرآن الكريم، ونصلي صلاة الجنازة عليه، ونودعه إلى مثواه الأخير".

وصيته لإبنته "نهى"
كشفت نهى إبنة حسين الشربيني أن والدها أوصاها بأن تكون الأولى في حياتها الدراسية والمهنية والإجتماعية، وأن تحافظ على حسن الخُلق لأن الأخلاق أهم من العلم، وأثمن شيء في الوجود.