في المراحل الماضية، كان الأول من نيسان/أبريل يحمل "مقالب مضحكة"، لأننا كنا نعيش في عصر كان فيه الكذب قليلاً ونادراً، وكانت تلك المقالب والنكات تحمل معاني الفرح والبهجة والسرور، خلافاً لما نعيشه في هذا الزمن، الذي فيه الكثير من الغدر والخيانة وقلة الوفاء والإخلاص والصدق.


وعلى الرغم من أن البعض يتقبّل بقاءها ضمن المقالب والفكاهة والنكات العادية، بحيث لا تتحول إلى مصدر للإزعاج والقلق والخوف، لكننا في المقابل نعيش الدجل والكذب والنفاق في الممارسات الكيدية اليومية، الحاصلة في واقع البلد كله.
وأصبحت أيام اللبنانيين على مدار السنة، مليئة بالكذب والنفاق، لذلك بتنا نحتاج الى يوم آخر للوفاء والإخلاص والصدق.
لقد إنقلبت الآية رأساً على عقب، وما يحتاج إليه اللبنانيون هو أن يكون هناك يوم للصدق، لأن الأغلبية الساحقة تمارس الكذب والنفاق والمراوغة، ولا ينحصر الأمر فقط على الطبقة السياسية والحزبية، فالناس باتت مأخوذة بحب المظاهر والمال والمصلحة الشخصية، ولا يعيشون الأشياء الصادقة في جوهرها الأصلي.
اليوم وصلنا الى مرحلة لم نعد نتأثر، ليس لأن فكرة كذبة أول نيسان فقدت معناها المرح، بل لأننا وصلنا لمرحلة تعوّدنا على الكذب، وأصبحت الصدمات والمفاجآت يومية في حياة اللبنانيين.

أصول الكذبة
يرى بعض الباحثين أن "كذبة أول نيسان" تُعدُّ تقليداً غربياً، يقوم على المزاح وإطلاق بعض الأكاذيب والخدع، وذلك في سبيل إضفاء أجواء من الضحك والمرح، حتى يصبح البعض ممن تنطلي عليه هذه الكذبة، يشار إليه بوصفه ضحية "كذبة أبريل".
هي مناسبة تقليدية في العديد من دول العالم، تتوافق في الأول من شهر نيسان/أبريل من كل عام، وتشتهر بتنفيذ خدع من قِبل البعض وبحق غيرهم من أصدقاء وأقارب وأهل.
وتُعد هذه المزحة منتشرة في غالبية دول العالم، بإختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وحضاراتهم، وهناك نظريات متعددة بشأن أصل هذه المناسبة، والبعض يعيدها إلى روما القديمة. ويربط بعض المؤرخين بين هذه المناسبة و"هيلاريا"، وهو إحتفال بنهاية الشتاء في روما القديمة، فكان الناس يرتدون أزياء تنكرية، أما البعض الآخر فيربطه بالإعتدال الربيعي والطقس الصعب، الذي يأتي في بداية الربيع.
ويرى آخرون أن شارل التاسع في فرنسا عدّل عام 1582 التقويم، إذ كان الإحتفال بعيد رأس السنة يبدأ يوم 21 آذار/مارس، وينتهي في اليوم الأول من نيسان/أبريل، لكنه أعاد توقيت الإحتفالات برأس السنة الجديدة 3 أشهر إلى الوراء، لتبدأ في الأول من كانون الثاني/يناير.
كما ثمة علاقة بين الكذب في أول من نيسان/أبريل، وبين عيد هولي المعروف في الهند، والذي يحتفل به الهندوس يوم 31 آذار/مارس من كل عام، فيقوم بعض ‏البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو والدعاية، ولا يكشف عن حقيقة أكاذيبهم هذه إلا مساء اليوم الأول من نيسان/أبريل.

أسماء مختلفة لضحايا الكذبة
يطلق البعض أسماء مختلفة على ضحايا هذه المناسبة، ممن يصدقون هذه الإشاعات أو الأكاذيب، ففي إسكتلندا يسمونهم ضحايا نكتة أبريل، لكن الفرنسيين يسمون الضحية سمكة.
إذاً أصبح هناك يوم يتاح فيه الكذب في كل أنحاء العالم، إلا إسبانيا وألمانيا، وذلك لإرتباطه بيوم مقدس دينياً في الأولى، ولكونه يتعارض مع يوم ميلاد الزعيم الألماني المعروف "بسمارك" في الثانية.
ومن أطرف الأكاذيب وأشهرها ما حدث في رومانيا، عندما كان الملك كارل يزور أحد متاحف عاصمة بلده في أول نيسان/أبريل، فسبقه رسام مشهور كان قد ترصد قدومه، ورسم ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة على أرضية المتحف، مما دفع الملك إلى أمر أحد حراسه للنزول وإلتقاطها، ولكن سرعان ما إكتشفوا أنها كذبة.
والى جانب بعض المواقف المضحكة، كانت هناك أحداث مؤلمة جرت بسبب هذه المناسبة، وأشهرها قيام سيدة إنجليزية بالصراخ وطلب النجدة من أعلى شرفة مطبخها، بسبب إندلاع حريق داخله، ولكن من دون جدوى، فلقد ظن الناس أنها كذبة لأنها كانت تستنجد في الأول من نيسان/أبريل.