أجرت إحدى المنصات الإعلامية حواراً مصوّراً منذ أيام مع الممثل والمخرج اللبناني القدير عمر ميقاتي، حين كان يهمّ بالخروج من إذاعة لبنان، بعد أن أنهى عمله في تسجيل إحدى الحلقات من برنامج إذاعي تمثيلي، متوجهاً إلى منزله، وعُنونت المقابلة :"فيديو محزن، هل جاع عمر ميقاتي؟".


إعتمد القائمون على المقابلة اقتطاع بعض المشاهد من مشاركات ميقاتي في عدد من مسرحيات شارك بها للكاتب والمخرج والممثل جورج خباز، ودمجها مع أسئلة وجهت له، لكنها عرضت فقط إجاباته، ومن الأسئلة التي نستطيع أن نستشفها من إجابة ميقاتي، حول ما إذا كان يعاني مثله مثل كل اللبنانيين من الوضع المعيشي المتردي، ليجيبهم :"نحنا عم نداري وضعنا وما جعنا بعد"، وتابع بطريقته الساخرة المعتادة :"وأنا أصلاً ما بحب اللحمة كتير، أنا شبه نباتي، آخر الأمر بروح باكل حشيش من الأرض"، وهذا الكلام لا يعني أن ميقاتي قال إنه جاع أو أن اللبناني جاع، لأنه عاد وفسر أن اللبناني معتاد على هكذا أوضاع، نظراً لما مر به من أزمات.
وقد انهالت الاتصالات على ميقاتي، مستهجنة عنوان المقابلة، وإظهاره في بدايتها ونهايتها وهو يعاني من صعوبة في الصعود إلى سيارة تاكسي، ما دفع بمن أجرى له المقابلة على مساعدته، لكن ولدى سؤال موقع "الفن" ميقاتي عن الأمر، أبدى استغرابه من تصويره بهذه الطريقة، بدل أن يتم عرض المقابلة فقط، معتبراً أن في عنوانها ذلاً وإهانة، كما أن طريقة عرض الفيديو كانت غير لائقة، خصوصاً في البداية والنهاية، على الرغم من أن المقابلة نفسها كانت مشغولة بشكل جيد، نظراً لمشاهده التي أدخلت فيها.
واضطر ميقاتي أن يرد عبر صفحته على موقع للتواصل الاجتماعي، وكتب : يا شباب يللي صادفتوني خارج من إذاعة لبنان الرسمية و طلبتوا تعملوا معي مقابلة 3 دقائق مدتها و صورتوا أكتر من نص ساعة ..حضرتها بعد ما أجاني أكتر من خمسين اتصال استهجان للعنوان يللي وضعتوا للمقابلة...الڤديو مشغول و ال3 دقائق أختصروا حواري معكم بشكل جيد و مفيد....
معهم حق العنوان يللي و ضعتوا و قصدكم تعملوا سكوب..غير جيد وغير صحيح.
بعدكم زغار بالإعلام تعلموا تكونوا مخلصين للحقيقة..
حواري معكم كان كلو عنفوان و عز..و ما كان حزين مطلقا
و بالحرف و لما قلتوا (الناس جاعت)..قلتلكم اللبناني ما بيجوع ..بيعصر و بيعجن الصخر و ما بجوع..
أخيراً بقلكم ال3 دقائق المقابلة حلوين رغم قصة ركب السيارة ورا و كانت زغيرة و ضيقة...
بس العنوان كان سكوب غير مناسب.
عاش شعب لبنان العزيز و المكافح".
وهنا لا بد لنا من التعليق بأن كبارنا من الفنانين أو الممثلين أو العاملين في أي قطاع، واجب علينا احترامهم، وأن نكون صادقين معهم، وأمناء في نقل كلامهم كما هو، من دون استخدام عناوين مختلفة عن المضمون لجذب المشاهد، وإذا كان هدف المقابلة تسليط الضوء على عدم تقدير الفنان أو الممثل في لبنان عند تقدمه في السن، فإن الوسيلة المعتمدة ساهمت في تصويره بطريقة بشعة.
ليس هكذا نكرّم كبارنا، بل بحفظ كراماتهم، وعدم استغلال وجعهم لتحقيق سبق رخيص على حساب قاماتنا الكبيرة.. ألا يكفي إهمال الدولة للفنانين الذين لا يحظون بأي ضمان أو راتب أو تعويض أو تكريم بعد مسيرة إستمرت سنوات طويلة من العطاء، لتأتي بعض الصحافة الصفراء وتروج لمقابلاتها بأسلوب وعنوان لا يمتان للمهنة وشرفها بصلة؟