شاعر وكاتب سوري، عرف بغزارة إنتاجه الأدبي وتنوعه، وبكونه المثقف والأديب المشاكس، الذي إخترق الصمت عبر مؤلفاته المتنوعة بين الشعر والمسرح والأدب والترجمة، محققاً شهرة واسعة لا يزال إسمه متناقلاً على ألسنة الأجيال.


إمتاز أسلوب ممدوح عداون بالسلاسة ولغته بالبساطة والقرب من القرّاء، وتجاوزت مؤلفاته على إختلاف محتواها الثمانين مؤلفاً، والتي لا زال العديد منها يطبع وينشر، ومنها ما يستخدم كسيناريو مسلسل حتى بعد وفاته.
هو المبدع في الشعر والمسرح والرواية والكثير من الأعمال التلفزيونية والمقالات، يحمل هواجسنا في أدبه وأعماله، يوثق ويرصد أحوال البشر، ويكشف عن الوحش المختبئ في أعماق الإنسان، زيدق ناقوس الخطر قبل وقت طويل مما وصلنا إليه.

نشأته وبداياته
ولد في 23 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1941 بقرية قيرون في محافظة حماة، وتخرج من جامعة دمشق - قسم اللغة الإنكليزية عام 1966، وعمل صحفياً في صحيفة "الثورة" السورية منذ عام 1964، لكنه كتب المقالة في العديد من الصحف السورية والمجلات العربية حتى وفاته، وله عدد من المسلسلات التي عُرضت على التلفزيون السوري.
بدأ بنشر الشعر منذ عام 1964 في مجلة "الآداب" اللبنانية والمجلات العربية الأخرى، وترك ورائه 26 مسرحية مطبوعة قدمت على المسارح في سوريا، وفي دول عربية متعددة.
كما نشر 22 مجموعة شعرية في دور نشر سورية وعربية، ومجموعتي "مختارات" نُشرتا في القاهرة، ونشر 30 كتاباً مترجماً عن الإنكليزية في الأدب والفكر والمسرح، وأصدر 6 كتب نثرية حول هواجسه في الأدب والفن والحياة عامة، إلى جانب تدريسه لمادة الكتابة المسرحية، بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق منذ عام 1992.

أعماله
بلغ عدد المسلسلات التي ألف ممدوح عدوان نصوصها ونال العديد منها شهرة كبيرة حوالى 18 مسلسلاً، منها "دائرة النار" عام 1988، "دكان الدنيا" عام 1988، "شبكة العنكبوت" و"القبضاي بهلول" عام 1990، "أيام الخوف" عام 1991، "اختفاء رجل" عام 1992، "جريمة في الذاكرة" عام 1992، "الزير سالم" عام 2000، "أبو الطيب المتنبي" عام 2002 و"الدوامة" عام 2009.
وأصدر روايتين فقط، هما "الأبتر" عام 1969، عن الإدارة السياسية في دمشق، و"أعدائي" عن دار الريس للنشر في بيروت عام 2000.
وألّف 8 مجموعات شعرية وتم جمعها في مجلدين، وصدرت أول مجموعة منها عام 1981، وكانت هذه المجموعات "الظل الأخضر" عام 1967، و "تلويحة الأيدي المتعبة" عام 1969، و"أقبل الزمن المستحيل" عام 1974، و"الدماء تدق النوافذ" عام 1974، و"يألفونك فانفر"، و"حياة متناثرة" عام 2004.
وألّف 26 نصاً مسرحياً، منها "محاكمة الرجل الذي لم يحارب"، "ليل العبيد"، "هاملت يستيقظ متأخراً"، "الوحوش لا تغني"، "القناع"، "القبض على طريف الحادي".
كما ألّف ممدوح عدوان خلال مسيرته 8 كتب متنوعة، والتي تناول فيها موضوعات أدبية وتاريخية وسياسية وإجتماعية، منها "دفاعاً عن الجنون" عام 1985، "الزير سالم" عام 2002، "المتنبي في ضوء الدراما"، "نحن دون كيشوت" عام 2002، "تهويد المعرفة" عام 2002، "حيونة الإنسان" عام 2003، "جنون آخر" عام 2004، "هواجس الشعر"، والذي صَدَرَ بعد وفاته عام 2007.
أما الترجمة، فكان له مساهمة هامة فيها وقد تميز بإنتقاء المواد التي ترجمها، وكان من شروطه أن يحب النص الذي سيرتجكه وأن يلقى قبولاً من القراء، ويقدم لهم معلومات مفيدة، وبلغ عدد الكتب التي ترجمها إلى اللغة العربية 25 كتاباً ورواية، منها "الشاعر في المسرح" للمؤلف رونالد بيكون و"تقرير إلى غريكو" للكاتب نيكوس كازانتراكي، و"عودة البحار" للكاتب جورج أرماندو، والمجموعة القصصية "الرقص في دمشق" للكاتبة نانسي لينيلسفيرن.

التمثيل
أحب ممدوح عدوان التمثيل ولم يكن غرضه من دخول هذا المجال تحقيق الشهرة، وإنما كان العشق البحت له. وكانت بداياته في التمثيل منذ عام 1958 عندما درس التمثيل بالمراسلة، وألّف العديد من النصوص المسرحية والمشاركة فيها ضمن المسرح المدرسي.
يروي رغبته في تعلم التمثيل، فيقول: "وقد أكلت قتلة مرتبة من أبي بعد الثانوية لأنني كنت أريد أن أدرس التمثيل. بينما عقدة المنطقة كلها توجه الأولاد النابغين لأن يكونوا محامين أو أطباء".
ومع هذا فإنه يذكر أن التمثيل كان أول نشاط مارسه في حياته، خارج نشاط المدرسة، وأنه منذ عام 1958 درس التمثيل بالمراسلة.
وبين عامي 1959 و1960 كان يقدم مسرحياته بمصياف في أعياد الوحدة، وكان يكتب نصوصاً مسرحية ويقدمها بنفسه.

إسمان
يحمل ممدوح عدوان إسمان، أحدهما موجود في الوثائق وآخر يناديه به الأهل في القرية، والثاني هو الإسم الذي إشتهر به أدبياً، فعند ولادته قررت عائلته تسميته بـ"مدحت"، وفعلاً تم ذلك وأصبح يطلق على والده صبري إسم "أبو مدحت"، إلا أن أحد الأعيان أشار إليه بضرورة تغيير الإسم، زعماً منه بأن إسم "مدحت" تركي، ويجب تغييره بسبب المآسي التي عاناها الشعب السوري إبان الإحتلال العثماني لسوريا، فإشتهر بعدها بإسمه المعروف، ولم يعرف ممدوح بإسمه الحقيقي إلا عندما إلتحق بالمدرسة الإبتدائية وهناك إكتشف إسمه، ولكن الناس بقوا يعرفونه باسم "مدحت"، الذي أصبح لا يستعمله إلا عندما يزور القرية.

الجوائز
جائزة عرار الشعرية عام 1997.
جائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري عام 1998
تم تكريمه في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته العاشرة، بوصفه واحداً ممن أغنوا الحركة المسرحية العربية.
تم تكريمه في معرض الكتاب في القاهرة عام 2002، من أجل مختارات شعرية بعنوان "طفولات مؤجلة".
تم تكريمه عام 2003 في دمشق، بوصفه رائداً من رواد المسرح القومي.

صراع مع السرطان ووفاته
دخل ممدوح عدوان في صراع مرير ودام وتراجيدي مع الموت، من جهة القلب أولاً، ثم من جانب السرطان الملعون، وظل في مواجهته يتحدى بصلابة وقوة، وبجهود مكثفة ومتنوعة، وبقهقهة تسخر من العدم، فقد عرف كيف يحوّل مأساته الشخصية إبداعاً خالداً يدفع عنه شبح الفناء، يدفعه بالشعر وبالرواية وبالترجمة وسواها، ويتمنى لو كانت لديه أدوات أخرى للتعبير عما لديه، لكنه توفي في 19 كانون الأول/ديسمبر عام 2004، عن عمر ناهز 63 عاماً، بعد معاناة مع السرطان، بدأت في آذار/مارس عام 2003.
وحين كان يُسأل عن مرضه، كان يقول: "أنا لا أشعر أنني مريض، شعرت فقط في الشهرين الأولين ببعض التعب، ومن ثم استأنفت نشاطي، خلال العلاج شعرت بفقدان ذاكرة جزئي، ولكنني خلال الفترة التي تلت أصدرت كتابين".