تختلف معايير إختيار الممثلين بين دولة وأخرى، بحسب العمل والظروف والإنتاج والدور، والعديد من الأمور التي تلعب دوراً لإنتقاء الشخص المناسب للشخصية، ومنهم من يفشل في أدائه، ومنهم من يلاقي إقبالاً واسعاً من المشاهدين.

وتبقى الإشكالية المطروحة، ما العنصر الأساسي لإختيار الممثلين بالأعمال التمثيلية والذين هم الركن الأساسي لها؟ وبالتالي ما الواقع اليوم في مجال التمثيل؟ وهل المحسوبيات باتت تلعب دورها في العمل، وتحديداً في لبنان؟ كل هذه الأسئلة حملناها إلى العديد من الممثلين، في مقابلات خاصة لموقع "الفن"، وكانت آراؤهم كالآتي:

أشارت الممثلة اللبنانية ورد الخال إلى أن ليس كل الأفراد والشركات يعملون بنفس الطريقة، ويختلف هذا الموضوع بين العمل على صعيد العالم العربي أو محلياً، إذ إنه محلياً تدخل المحسوبيات في بعض الأحيان، أما عربياً فتدخل في آلية الإختيار معادلات أخرى، والمطلوب فيها، في أغلب الأحيان، تنوع هوايات الممثلين، وقالت :"محلياً يلجأ أصحاب العمل إلى الفئة الأقل أجراً، خصوصاً عندما يكون الإنتاج ضعيفاً، فيلجأون إلى الوجوه الجديدة، ويصادفهم أناس موهوبون يكسبون الفرصة، والبعض لا يحالفهم الحظ، وقسم كبير يختارونهم في المجال على أساس المحسوبيات".
وأكدت الخال أنه في بعض الأحيان، لا بد من الوجوه الجديدة، والحاجة إلى القدامى في المجال أيضاً ضرورية لتقدم الوجوه الجديدة في العمل. وأضافت :"البعض منهم توفق، وعمل بشكل جدي، ويصادفهم مرات فريق عمل جيد ومخرج عمله جميل، أو حتى شركة إنتاج جيدة، فهذه العناصر جميعها تلعب دوراً في تقديم الوجوه الجديدة، وبالتالي حتى الوجوه القديمة، والتي تملك تجربة، هي بحاجة أيضاً إلى عناصر عديدة تدفعها، ولا يمكننا وحدنا القيام بعمل درامي بمفردنا، لذلك الوجوه الجديدة والقديمة هي بحاجة بشكل مستمر لإلى ناصر تدفع بها، في سبيل النجاح، وكل الوجوه الجديدة هي بحاجة إلى وجوه القدامى والعكس صحيح".
وختمت ورد حديثها مؤكدةً على أن الحضور يلعب دوراً كبيراً في المجال، وليس من الضروري أن يتمتع الفرد بالمعايير الجمالية المثالية، فالحضور والشخصية هما الأساس، والتميز يلعب دوراً كبيراً، بالإضافة إلى الثقة، وأن يتقبل الناس الممثلون.

من جهته، أكد الممثل اللبناني باسم مغنية أن الكاستينغ يلعب دوراً كبيراً ومهماً في مهنة التمثيل، إذ ومن المفروض إقامة تجربة أداء صحيحةلكل فرد، ومن الضروري أن يشبه من يقدّم على الدور، الشخصية المراد تجسيدها، وأن يملك، ولو القليل، من الخبرة، وفي حال غاب عنصر الخبرة، وهناك إصرار على لعبه الدور، أو توفرت فيه المواصفات الخارجية التي يتطلبها الدور، فمن الضروري أن يتم تمرينه لأداء الشخصية. وأضاف :"في بعض الأحيان هذا الإختيار ينجح، أو يفشل حين تكون التجربة غير متكاملة، ويكون الشكل هو الأساس.
وأضاف :"من الأمثال الناجحة، أذكر الممثلة دانييلا رحمة حيث كانت تجربتها في مسلسل "تانغو" ناجحة جداً، خصوصاً بعد إصرار المخرج على تمرينها، والعمل على طريقة إلقائها ولغتها، خصوصاً أنها عاشت في بلد أجنبي، وأرى أن إصرارها على النجاح جعلها تتفوّق في عملها".

أما عن رأيه بالدفعة الجديدة من الممثلين، فقال مغنية :"هناك منهم من يستحق، والبعض منهم لا يستحق، فمن يستحقون لا مشكلة في إعطائهم فرصة في حال كانوا يشبهون الدور، لكن الأهم أن لا تكون التجربة ناقصة، وطبعاً التجارب المستمرة هي درس للتحسن، فكلنا في بداية مسيرتنا لم نكن ما نحن عليه اليوم"، وشدد مغنية في حديثه معنا، على أنه يجب أن لا يكون الوسط الفني التمثيلي والدراما قائمين على تجربة وجوه جديدة.

من جهة أخرى، أشارت الممثلة اللبنانية كارلا بطرس إلى أن الشركات يهمها بيع الأعمال التمثيلية، وقالت :"لا شك أن المنتج أو صاحب المال يهمه أن يبيع، ولا شك أنه يهمنا أن يكون للممثلين المخضرمين وجود له وقعه، وأن لا يمر وجودهم مرور الكرام، ويجب علينا أن نتفهم أن صاحب المال يهمه أيضاً ما يريده الجمهور، الذي بدوره يحب أن يرى الجمال أيضاً، وأنا لست ضد هذه الفكرة، ومع إعطاء فرص للفتيات الجميلات، ولكن شرط أن لا يكون الجمال على حساب الممثلين المخضرمين، ولست ضد أن تتضمن الشاشة جميلات، في حال إستطعن إثبات وجودهن كبطلات في العمل. لذلك أقول نعم، إن المشاهد بحاجة إلى رؤية وجوه جميلة، ولكن مع أداء طبعاً، وأن يأخذ القدامى في الوقت عينه مكانهم في العمل، فمثلاً أحب أن نرى يسرا بدور البطولة وأيضاً غادة عبد الرازق، وأنا كمشاهدة أحب رؤية كارمن لبس وسميرة بارودي ورولا حمادة كبطلات أوائل، لذلك ليس من المنصف أن تلغي بطلة تمثل لأول مرة، أدوار الأوائل في المجال. وأشدد على أنه لكل فرد الحق في الظهور وإبراز مهاراته، ولكن ليس على حساب آخرين، ومن جهة أخرى، أحب أن أرى أيضاً الممثلين الرجال المخضرمين بأدوار بطولة، وفي أماكن عالية تبرز قدراتهم".

من جهته، يعتقد الممثل اللبناني مازن معضم أن المنتج يختار اليوم حسب رؤيته وخبرته بما يحتاجه، وأن بعض المنتجين يتكلون علىخبرتهم، ليأتي بعد ذلك إتفاق العرض والطلب، ويختار على أساس حاجته، والصفات التي يتطلبها الدور، وقال :"من الممكن أن يتصور المنتج الممثل الذي يتناسب مع الشخصية، لكن من الممكن أن لا يتفق الإثنان على أجر الممثل، أو أن يرفض الممثل العرض لإلتزامه بعمل آخر، فيبحث المنتج في هذه الحال عن خيار آخر، وبحسب إعتقادي، يتعاون في هذا الموضوع مع المحطات التلفزيونية، ويطرح عليها الأسماء المرشحة للبطولة، ولا يمكن أن ننسى الأجر المطلوب الذي يلعب دوراً مهم في الإختيار". وأضاف: "في بعض الأحيان، وبعد أن تلمع أسماء من خارج المجال في التمثيل، يتم اللجوء لإختيارها والتغاضي عن العديد من الأمور، بهدف وجودها في التمثيل، كما ويتم إعطاؤها فرصة بطولة كبيرة، في الوقت الذي يمكن فيه أن تكون بفرصة تمثيلية أقل، وأنا لست ضد هذا الموضوع، لكنني أفضل أن يملك الفرد موهبة التمثيل، بغض النظر إن كان آتياً من مجال الجمال أو الأزياء أو التقديم أو غيرها، وفي النهاية "الشاطر يثبت وجوده". وأنا ضد أن يعاود من فشل في التمثيل العمل في المجال، ولكن للأسف نرى اليوم العكس، وشدد معضم على وجود تجربة أداء من متخصصين، يكون فيها الإختيار لصالح العمل، وأبدى مازن رأيه قائلاً :"أرى أن ستيفاني عطالله تستحق، وبارعة في العمل، ولست ضد إعطاء فرص لجدد في المجال، وأنا من الأفراد الذين بحثوا عن فرصة في بداية مسيرتي، وحوربت كثيراً، لذلك فأنا أشجع على وجود وجوه جديدة وإعطائها فرصاً".