عشق جوزيف بو نصار التمثيل وإحترفه، له بصمة خاصة ومؤثرة في كل عمل أطل به على الجمهور، كما عشق "اللغة الجديدة" في أعماله وتستفزه الأدوار المركبة، محترف جداً ويتقن درس ولعب شخصيته.

ممثل لبناني قدير، شارك في العديد من المسلسلات والأفلام السينمائية، وأيضاً في مجال الدوبلاج.

متزوج من الشاعرة ندى الحاج، إبنة الشاعر اللبناني الراحل أنسي الحاج، وأنجبا ولدين هما "يارا" و" كمال" اللذين دخلا مجال الفن، إذ تخصصت يارا في المسرح وكمال في إدارة التصوير، متأثرين بوالدهما بتوجيه منه نحو الفن، إلا أنه كان يوحي لهما العكس.

إلى جانب التمثيل، عمل في مجال الصحافة، وهو مسؤول عن "الدليل" في جريدة "النهار"، يعشق القراءة ويعتبرها مصدراً لتعزيز ثقافته، ويستلهم منها لتحضير الشخصيات التي يؤديها في الأعمال الدرامية.

بداياته

منذ طفولته عشق جوزف بو نصار قراءة الكتب، ومن عمر 12 عاماً توسعت دائرة إهتماماته وبدأ يقرأ المسرح ويتابع السينما، وكان ذلك بمثابة القاعدة لمهنته المستقبلية، وتجلى هذا المخزون في سن 16 عاماً حين قرر أن يخوض غمار العمل المسرحي، فأخذ المبادرة على الرغم من معارضة أهله، لكنه أصر على أن يعبّر عن القصص المؤلمة في مجتمعه، وتبيّن له أن لا سبيل الى ذلك، إلا عبر الأداء المسرحي.

تأثر شاباً بأداء بطل "The Godfather" مارلون براندو، وأيضاً بلورانس أوليفييه، وأُعجب لاحقاً بأداء نجوم هوليوود، منهم روبرت دي نيرو، آل باتشينو وميريل ستريب.

شرارة الإنطلاق كانت في عام 1967، مع رائد المسرح اللبناني منير أبو دبس،

في مسرحية "فاوست"، يوم كان طالباً في مدرسة المسرح الحديث، ليلعب أدواراً في مسرحيات متتالية لمنير بو دبس، منها "الطوفان"، "نبع الحقيقة"، "ملوك طيبة" وغيرها...

بعدها توجه الى بولندا لإكمال تخصصه على يدي المسرحي البولندي ييجي غروتفسكي، وكان عليه إجتياز مباراة دخول تقدم إليها 45 طالباً، تم إختيار 5 منهم، وهم كنديان، أميركي، يوغوسلافي ولبناني هو جوزيف بو نصار.

أنهى دراسته الشاقة في بولندا، وتوجه نحو فرنسا ليعمل على خشبات المسارح الفرنسية، وليتعلم في آن ولمدة 5 سنوات، وفي العام 1980 حزم حقائبه عائداً الى لبنان.

عاد حاملاً طموحاته الكبيرة، ولم تكن البدايات سهلة، كان عليه أن يشق طريقه والخطوة الأولى كانت بتأسيسه المسرح البلدي في منطقة الجديدة، موزعاً مهامه بين الإخراج والتمثيل وإعداد النصوص.

انصب شغفه ممثلاً على المسرح والسينما، وفي العام 1975 خاض أول تجربة سينمائية مع المخرج الراحل مارون بغدادي في فيلم "بيروت يا بيروت"، ليكمل طريقه بين سينما ومسرح بعيداً من الأعمال التلفزيونية.

نجومية التلفزيون لم تبعده عن السينما

جوزيف بو نصار الذي لمع نجمه تلفزيونياً في عدة أدوار مركبة، إختلفت شخصياتها بين سياسي وباشا وبيك أو أب، لم تتمكن إغراءات الشاشة الصغيرة من إبعاده عن عالم الفن السابع، كما فعلت بعالمه المسرحي، ليسجل في رصيده منذ العام 1975 أكثر من 10 أفلام سينمائية، منها "بيروت يا بيروت"، "بيت الزهر"،"دخان بلا نار"، "بطل من الجنوب" (عزيز عيني)، "West Beirut"، "السيدة الثانية"، "اسمعي"، "حلم رشا"، و"روميو 11"، الذي نال عليه جائزة عالمية كأفضل ممثل في مهرجان "موناكو شاريتي فيلم".

أعماله التلفزيونية

يتمتع جوزيف بو نصار بمهارات تمثيلية عالية وأداء محترف وآسر، يمتلك الصوت والحضور والكاريزما والأداء المحترف، لكنّه طبع في الدراما التلفزيونية بأداء الأدوار القاسية والسلطة والقساوة في أعمال عديدة، منها "أنا"، "النحات"، "الهيبة الحصاد"، "بردانة أنا"، "وأشرقت الشمس"، "الشحرورة"، "حدوتة حب"، "الشقيقتان"، "سوا" و"يا ريت"، "ابني"، "الينابيع"، "الليلة الأخيرة"، "نضال" "حواء في التاريخ" "ابنتي"، "العائدة 1 و2" و"العاصفة تهب مرتين".

بين المهنة والنقد

جوزيف بو نصار الذي نشأ على الأعمال المسرحية الراقية، إستخف بالأعمال التلفزيونية على غرار أساتذته الكبار، وإعتبرها "كما البوشار للإستهلاك اليومي السريع، الذي سرعان ما يختفي، خلافاً للأعمال المسرحية أو السينمائية.

ينتقي أدواره بعناية شديدة، لأنه يخاف من الندم على إختيار دور غير مناسب له ولمسيرته، كما تغريه الأدوار المركبة ويدرس الشخصية وتشعباتها بعناية، قبل أن يوافق على أي دور، إذ يعتبر أن كل ما تشعبت الشخصية كل ما إستطاع الممثل أن ينوّع في الشخصية وأحاسيسها.

إرتبط إسمه بأدوار الشخصيات المتسلطة والقاسية، بسبب تعابير وجهه وصوته، بالإضافة الى قدرته على تجسيد الشخصية بتفاصيلها، إذ يعمل أولاً على الدور من الداخل قبل الخارج ، إنطلاقاً من مشاعره وتجاربه والشخصيات التي قابلها في حياته.

حبّه للمسرح جعله يعمل لسنوات عديدة بحماسة وشغف، ولكن مع إزدياد خبرته في مجال التمثيل فضّل عدم التعب كثيراً في هذا المجال، بعد أن خفّ الإقبال على المسرح من قِبل الجمهور.

وفي مقابلة صحفية، أشار جوزيف بو نصار الى أنه رفض المشاركة في فيلم "Munich"، لأنه يشارك فيه ممثلين يهود، ويتضمن رسائل سياسية لا يريد الدخول فيها، فرفض المشاركة فيه على الرغم من أن هذا العمل كان سيرشده نحو العالمية والشهرة أكثر.

من الممثلين المحظوظين في الدراما اللبنانية والمشتركة

يعتبر جوزيف بو نصار من الممثلين المحظوظين في الدراما اللبنانية والعربية، لأنه لا يزال يقدّم أدواراً مهمة، وعن رأيه بعدم وجود فرص تمثيل جيّدة للكبار في السن، يقول في مقابلة صحفية: "من واجب الكُتّاب، إنتاج نصوص للممثّلين الشباب الوافدين الجدد، كما يجب كتابةُ نصوصٍ لأعمار تتخطّى الخمسين سنة. يجب أن تأخذ كل فئة عمرية حصّتها، حتى لا يُظلَم أحد. لكن، ما يحصل في لبنان، هو أنّ المنتجين يأتون بشبان وسيمين، وفتيات جميلات. وهذا في الحقيقة شكل من أشكال الكذب على الجمهور، لذلك فإنَّ التقدم في العمر يخيفني، لأنه سيأتي يوم ولن يتّصل بي أحد، ومن هنا، فأنا أناضل كي أؤمن نفسي مادياً ومعنوياً، لأني أتجهّز لليوم الذي لن أحتاج فيه لأي أحدٍ منهم. أخاف من التقدم في العمر، وأنا أهتم بصحتي جداً، وأحترم جسد الممثل الذي في داخلي".

ويشير جوزيف بو نصار الى أن الدراسة الأكاديمية في التمثيل، تصقل الموهبة، وأن ممثلين كباراً، منهم شوشو وفيليب عقيقي، رغم موهبتهما الكبيرة، لو كانا درسا، لكانا أبدعا أكثر.