تعدّ الأغنية السعودية من أجمل الأغاني التي نسمعها، نظراً للحنها وكلامها الذي يمسّ القلب ويحمل المعاني المؤثرة، فلقد أسسها وطوّرها مبدعون ليتم نشرها بعد ذلك إلى كل العالم العربي الذي أحبها.

وللأغنية السعودية نكهة خاصة ومميزة وهي ركن أساسي وهام في الفن العربي، ولها قيمة كبيرة في هذا الموضوع.
وقد استُخدمت في الموسيقى السعودية آلات عدة، وهي: "المنجور، الدف، الربابة، السمسمية، العود والمرواس".
سنتحدث عن بداية الأغنية السعودية وكيف تم تطويرها، إضافة الى الأغنية الشعبية، وظهور أول فنانة سعودية ورأي الفنان السعودي طارق عبد الحكيم بالفيديو كليب.

مذكرات الرحال الغربي جون لوييس بوركهارت عن الأغنية السعودية

يعود تاريخ الموسيقى السعودية إلى ما قبل عصر الإسلام، إذ أن مذكرات الرحال الغربي جون لوييس بوركهارت كشفت حين زيارته إلى منطقة الحجاز عام 1814، أنه تفاجأ بانتشار الموسيقى هناك، متحدثاً عن عدد من النساء اللواتي كنّ يجتمعن بعيداً عن الخيم ويغنيّن، وأوّل نوتة غنائية كانت تعرف باسم "البنات يلعبن السمر".

طارق عبد الحكيم يُطلق الأغنية السعودية

يعد الفنان السعودي طارق عبد الحكيم من أشهر الفنانين السعوديين وهو أول من أدخل الموسيقى الوترية إلى السعودية، وأسس معاهد سعودية لتدريسها، كما أن له الفضل بإكتشاف الفنانين السعوديين محمد عبدو وطلال مداح.
وكان محمد عبده قد صرّح سابقاً لـ إذاعة صوت الخليج في برنامجها "سهرة خاصة": "أن التأريخ للأغنية السعودية يبدأ بطارق عبد الحكيم، أما التأريخ للأغنية السعودية الحديثة يبدأ بطلال مداح".
يُعتبر لحن أغنية "يا ريم وادي ثقيف"، التي طرحت عام 1952، هو أول لحن يقدمه طارق عبد الحكيم، وهي من قصيدةٍ للأمير عبدالله الفيصل وهي أول أغنيةٍ سعوديةٍ وخليجيةٍ تدخل إستوديو إذاعة صوت العرب، وأول أغنيةٍ تُغنى للأمير عبدالله الفيصل.
كما صنع بعض الفنانين السعوديين أمثال: "سلامه العبدالله، سالم الحويل، حجاب بن نحيت، عيسى الأحسائي، وبعدهم حمد الطيار"، الأغنية الشعبية السعودية من ناحية الكلام واللحن.

طارق عبد الحكيم يُعارض فكرة الفيديو كليب

عارض الفنان طارق عبد الحكيم فكرة تصوير فيديو كليب للأغنية، إذ اعتبر أنه يساهم بتضييع الأغنية، قائلاً في مقابلة قديمة له: "الفيديو كليب جعل الأغنية تضيع وسط إفرازات عالم الصورة السريعة، والتي جعلت الأغنية مجرد سلعة تعرض بشكل سريع ووقتي من دون أن تخدم الأغنية".
وقد اعتبر بعض النقاد أن الأغنية السعودية القديمة لا تتلاءم مع الفنون الإستعراضية، ما يؤدي إلى فشلها من ناحية الصورة.

طلال مداح وتطوير الأغنية السعودية

ساهم الفنان السعودي طلال مداح بتطوير الأغنية السعودية وتحسينها، في فترة السبعينيات، فهو أشهر من قدّم الأغنية التي تتألف من مقاطع مختلفة الأوزان والقافية، عكس زملائه الفنانين الذين كانوا يلحنون أعمالهم بأسلوب أغنية اللحن الواحد.
مثالاً على ذلك: أغنية "وردك يا زارع الورد"، ويعدّ طلال مداح من أوائل الفنانين الذين أظهروا الأغنية السعودية خارج حدود وطنهم، فبعد تقديمه فيلمه "شارع الضباب" في لبنان مع الشحرورة صباح والفنان رشيد علامة، وإحيائه حفلاته في لبنان وسوريا، سافر طلال إلى مصر، وطرح هناك أغنيته "مقادير" التي لاقت ضجة كبيرة حينها.
وعُرفت أسماء فنية مهمة على الساحة الفنية السعودية، مثل: "فوزي محسون، عبدالله محمد، سراج عمر، سامي إحسان، عمر كدرس وغازي علي، إضافة إلى محمد عبده وعبادي الجوهر ولاحقاً علي عبد الكريم ومحمد عمر".

الأغنية الشعبية السعودية

يعدّ الفنان السعودي بشير حمد شنان من أهم الأسماء في الأغنية الشعبية السعودية، والتي قد بدأها في عام 1963،
إذ اختار أسلوب السرد في أغانيه، وتحديده المكان والزمان، مثلاً أغنيته الشهيرة "سوق الذهب"، التي وصف فيها لقاءه بمحبوبته في سوق الذهب في الرياض قائلاً، "دخلت سوق الذهب قصدي أشتري دبلة".
الوصف الزماني أيضاً، تجلّى في أغنية "سوق القيصرية" والتي قال فيها: "دخلت العصر سوق القيصرية"، إلا أن مسيرة بشير لم تكن طويلة فلقد توفي بعمر الـ 28 وذلك عام 1974.

أول فنانة سعودية ومعارضة المجتمع السعودي لها

برزت في عام 1959 الفنانة عتاب، واسمها الحقيقي طروف عبد الخير، وهي أول فنانة سعودية، لاقت حينها جدلاً كبيراً، وذلك لأن العادات والتقاليد والمجتمع السعودي حينها لم يكونوا معتادين على فنانة إستعراضية، فسافرت عتاب إلى مصر في فترة الثمانينيات، وبدأت مسيرتها الفنية الفعلية، وطرحت أغنيات لافتة، كـ "جاني الأسمر" و "فك القيود".

إذاً فإن للأغنية السعودية تاريخاً طويلاً فلقد بدأ بها الفنان طارق عبد الحكيم وطوّرها طلال مداح، وتلاهما الفنانون محمد عبده، عبادي الجوهر، عبد المجيد عبدالله، عبدالله رشاد، علي عبد الكريم، عبد الرب إدريس، عبد الباقر سالم، رابح صقر، طلال سلامة، وراشد الماجد وغيرهم، إذ أكملوا المسيرة الفنية السعودية بطريقة مشرّفة، وتم تداول أغنياتهم في جميع أنحاء العالم العربي.