كتب نقيب الممثلين السابق والكاتب اللبناني جان قسيس قصيدة جديدة تناول فيها سوداوية الأوضاع الراهنة، وما فعله بعض الحكام في وطننا لبنان، وجاء فيها:"

قولوا لهم.

..

وَلْيعرفوا أنّي استقلْتُ مِنَ الوَهَنْ

لا الموتُ عادَ يُخيفني

وَلا... وَلا عُهرُ الزمَنْ

سَأقولُ ما يأتي بِبالي...

لَمْ أَعُدْ فيهِمْ أُبالي

كلُّ أَصحابِ الفَخامةِ والسَعادةِ والمَعالي

كلُّ مَنْ خانوا الوطَنْ...

أَصبَحوا عِندي نِعالًا

بَلْ سُخامًا ساقطًا تَحتَ النِعالِ.

هُمُ الأَقزامُ

والأَورامُ

والأَزلامُ

عِندَ تُجّارِ الدِماءْ

باتوا عِندي وَحَلًا لَيسَ مَجبولاً بِماءْ

بلْ بِدَمعِ المُحبطينَ

الساخطينَ

الأَنقياءْ

أَو وَباءً يأنَفُ مِنهُ الوَباءْ.

قولوا أَنّي...

بَعدما عانَيتُ مِن شَرِّ السَلاطينِ العِظامْ

بِتُّ أَصحو لا أَنامْ

مِلءُ عَينَيَّ العَويلْ

مِلءُ أَنفاسي الظَلامْ

ليس لي حُلُمٌ جَميلْ

بَلْ كَوابيسٌ... فأَحلامي رُكامْ

إِذْ أَراهُم يَنهَشون اللَّحمَ مِنّا

وَ يَلوكون العِظامْ

خَمرُهُم دَمعُ الثكالى الباكياتْ

وَدَمُ الناسِ ... وَأَنفاسُ المَماتْ

روحُهُم ماتت وَفيهِم...

كلُّ ما فيهِم مَواتْ.

خانوا أَرضَ الطُهرِ لبنانَ العظيمْ

خانوا بيروتَ عروسَ البحرِ والمجدِ القديمْ

زرعوا في صَدرِها حِقدًا وَنارْ

جعلوا في قلبِ فَرحتها الدَمارْ

فتحوا الجُرحَ اللَّئيمْ

خَلَّفوها في نَزيفِ الإِحتضارْ .

هؤلاءِ الحاكمونَ

المُتخَمونَ

الظالمونْ

يَتمادَونَ بإِطفاءِ العيونْ

يَزرعونَ القهرَ في أَحشائنا وَيُعَربدونْ

حتّى رَغيفَ الخُبزِ مِنّا يَسرِقونْ

يَقتلونَ الصَبرَ فينا والرَجاءْ

يُقفلونَ كُلَّ أَبوابِ السَماءْ

يَدفعونا لِلجنونْ .

إلى مَتى يا جُثَثَ العُهرِ سَتبقَونَ هُنا ؟

هَذهِ الأَرضُ لَنا

فيها أَودَعْنا مآثِرَ أَهْلنا

فيها قَضَينا عُمرَنا

هِيَ أَرضُ اللهِ والأَرْزِ وَأَرضُ السِندِيانْ

هِيَ روحُ المَجدِ وَالعِزِّ وَنَبْعُ العُنفوانْ

هِيَ فَخْرٌ لِلزَمانْ

نَسيمُ الصُبحِ غَنَاها

دَمُ الأَحرارِ رَوّاها

وَثَغرُ الحُبِّ صَلّاها

وَزَهرُ البيلَسانْ...

جاءَها الأَوغادُ واحتلّوا الكَراسي

قَتلوا الفَجرَ وَأَحلامَ الأَماسي

أَعدَموا روحَ الحياةِ...أَغْرقونا في المآسي .

ما شَبِعتُمْ بَعْدُ يا أَهلَ النِفاقْ؟

كَمْ قَطعتُمْ مِن شَرايينِ البلادِ تَحتَ عُنوانِ الوِفاقْ؟

ما كَفاكُم ما اقْتَرَفْتُمْ بَعْدُ يا أَهلَ الفُجورْ؟

ما سَمِعْتُمْ بَعْدُ صَرْخاتِ الطُفولَهْ

وَدُعاءَ الأُمّهاتْ؟

إِدَّعوا ما شِئْتُمُ بَعْدُ البُطولَهْ...

إِنَّ سَوْطَ الحَقِّ آتْ

مُطلِقًا صَوْتَ الغَضَبْ

شاهِرًا سَيْفَ اللّهَبْ

نَهرُ نارٍ سَوْفَ يُصْليكُمْ عَذابَا

وَتُحالونَ رَمادًا وَتُرابَا

فَتَمادَوا،كَيْفَما شِئْتُمْ،كِلابًا وَذئابَا

لَعنَةُ التاريخِ مَثْواكُم وَظُلْماتُ القبورْ

أَمَّا لُبنانُ فَيبقى فاتِحًا لِلمَجدِ بابَا

ناشِرًا في الكَونِ نورْ".


يذكر أن قسيس كان وقع منذ فترة كتابه "صلاح تيزاني (أبو سليم) ديلّلارتيه لبنان"، الذي يجمع ما بين البحث الأكاديمي العلمي، والسيرة الشعبيّة لممثل من لبنان شكّل على مدى أكثر من نصف قرن "ظاهرةً" فنّية، فهو الذي أطلق عبر فرقته نمطًا كوميديًّا لامس أعظم مدرسة للكوميديا في التاريخ، وهي "كوميديا ديلّلارتيه" (commedia dell’arte)، التي أرست أقدامها على أرض المسرح بدءاً من أواسط القرن السادس عشر، من دون أن يعرف شيئاً عنها أساساً.