هو الفرح الحقيقي، الذي يتجدد كل عام مع ولادة الطفل يسوع، فالنور سينتصر على الظلام، رغم كل ظل الظروف الصعبة التي تعصف بلبنان واللبنانيين، سنبقى مؤمنين ومتمسكين بإيماننا بمخلصنا يسوع المسيح، وبأن الخير هو الذي سينتصر في النهاية، وسنبقى متفائلين ببصيص النور في كثرة الظلام، ألم يقل لنا المسيح :"َأنا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ.

مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ"؟
في زمن عيد الميلاد، تكثر الصلوات، وتعلو الأصوات المرنمة، مبارك الآتي بإسم الرب، وهذا العام أطلقت بلدية زحلة، المعلقة وتعنايل نشاط "زحلة ترنم"، بالتعاون مع جوقات وكنائس المدينة، إذ إختارت البلدية أقدم 19 كنيسة في المدينة، ودعت كل جوقات زحلة للمشاركة في هذا النشاط، وكان من بين الجوقات التي لبت الدعوة، جوقة "نسروتو" بقيادة الأب مروان غانم، والتابعة لجمعية "نسروتو"، فأحيت الجوقة رسيتالاً ميلادياً في كنيسة مار يوسف في حوش الأمراء، يوم الأحد الماضي، ورسيتالاً آخر يوم الإثنين الماضي في كنيسة مار جرجس للسريان الأرثوذكس في حي الميدان، ورسيتالاً ثالثاً مساء الأربعاء الماضي في كنيسة رعية مار الياس الحي في وادي العرائش.

قدمت الرسيتال رئيسة تحرير موقع "الفن" الإعلامية هلا المر التي شكرت بلدية زحلة، المعلقة تعنايل التي أطلقت "زحلة ترنم" في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون على أكثر من صعيد، ورحبت بعضو المجلس البلدي ميشال أبو عبود ممثلاً رئيس البلدية أسعد زغيب، وكذلك شكرت الأب يوسف نصر الذي إستقبلنا في رعيته، وقالت :"اعبدوا الرب بفرح. ادخلوا إلى حضرته بترنّم"، هذا ما ورد في المزمور المائة للنبي موسى من سفر المزامير، ومن هذا المزمور استوحت جوقة نسروتو مسيرتها الفنية، أي أن ترنّم بفرح، خصوصاً أن "نسروتو" هي كلمة سريانية تعني "أناشيد الفرح"، فانطلقت نسروتو بالأناشيد وبشرت كل الناس في كل مكان، لأنه بحسب سفر الأمثال "إِذَا سَادَ الصِّدِّيقُونَ فَرِحَ الشَّعْبُ". هذه هي جوقة "نسروتو" التي حملت رسالتها المسيحية، برئاسة الأب مروان غانم الذي أصر على المحافظة على التراث، إن كان في الموسيقى السريانية أو المارونية أو البيزنطية، وبكل التقاليد الكنسية، وبكل التقنيات الموسيقية".
وأضافت المر :"في وقت تدنى فيه سعر صرف الليرة اللبنانية كثيراً مقابل الدولار الأميركي، وإنتشر فيروس كورونا، ووقع إنفجار المرفأ، وودعنا أحباءنا الذين لم نجد جثث بعضهم، بل وجدنا أشلاء منها، وهناك أشخاص من دون منازل، وآخرون يموتون من الجوع، وحالة أمنية يرثى لها، طلبت منكم، بحسب المزمور، أن ترنموا بفرح، لأن الكنيسة منذ حوالى 2020، كانت حياتها كلها طريق جلجلة لتصل إلى القيامة، وإذا كنا لا نريد أن نعتمد بمعمودية الدم، مثلما إعتدنا في لبنان، بحيث كل معمودية بعدها قيامة، فما نفع مسيحيتنا؟ لذلك بعد معمودية الدم، أتمنى أن تكونوا صامدين، وأن تدحرجوا الحجر لنصل معاً إلى قيامة يسوع. جوقة "نسروتو" ستملأ الدنيا فرحاً بمجيء الإله الذي تجسد وصار إنساناً من أجلنا، ومن أجل خلاصنا، وأحبنا إلى هذه الدرجة التي جعلته يُصلب من أجلنا".
وتابعت :"أحدهم قال لي كيف سنحتفل بعيد الميلاد ولا نملك المال؟ لا يمكننا حتى أن نشتري هدية، ففكرت ووجدت أن يسوع حين ولد في مغارة، ولد بطريقة فقيرة ومتواضعة، ورغم أنه جاءته هدايا من الذهب وباهظة الثمن، ولكنه وزعها على الذين كانوا بحالة أكثر فقراً من حالته، لذلك نستطيع أن ننتظر ولادة يسوع، ويمكننا أن نعطي أولادنا وقتنا وإهتمامنا بهم ومحبتنا لهم، فأجابني هذا الشخص بأنه في زمن يسوع لم تكن هناك سلطة حاكمة مثل التي تحكمنا في لبنان، فقلت له إنه كان هناك هيرودس والفريسيون، ويسوع غلبهم، ونحن في لبنان لدينا قديسونا الذين يحبونا ويتشفعون لنا، لبنان مسيّج بقديسينا، وحالياً على طريق القداسة الطوباوي الأخ أسطفان نعمة الذي يحضر له المخرج طوني نعمة فيلماً سينمائياً، بعد أن أبدع طوني في إخراج فيلم "سراج الوادي" الذي يروي سيرة حياة المكرّم الأب بشارة أبو مراد".
وشكرت المر رئيس مجلس إدارة تلفزيون زحلة المخرج جوزيف شعنين، بحيث نقل الرسيتال عبر صفحة تلفزيونزحلة على موقع التواصل الإجتماعي، كما أن الرسيتال متوفر أيضاً عبر قناة نسروتو الخاصة على يوتيوب.
وبكت المر متأثرة حين تذكرت شيراز التي توفيت العام الماضي، وهي السيدة التي كان لديها سبعة تماثيل للسيدة مريم العذراء، وبارك هذه التماثيل البابا يوحنا بولس الثاني، وهو الذي سمح بزيارة هذه التماثيل المنازل، وكان وداع شيراز الأخير في هذه الكنيسة.
وقدمت المر جوقة "نسروتو"، وقالت :"جوقة نسروتو ستحمل الفرح لكل بيت، إن كان بكلمة حلوة أو ترنيمة حلوة، لذلك هي لا تحيي رسيتالات فقط، بل تحيي حفلات خيرية للأولاد الصغار في العديد من الضيع، ولنصلي على نية المدمنين والمدمنات السابقين على المخدرات الذين يخضعون للتأهيل في "علية إبن الإنسان" التابعة لجمعية "نسروتو" برئاسة الأب مروان غانم".

وإنطلقت جوقة "نسروتو" بترنيم عيد الميلاد، وأبدعت، كعادتها، في هذا الرسيتال الذي تضمن أداء منفرداً لمديرة الجوقة المرنمة ريما سعادة الترك، وإيلي جرمانوس الذي كان له أيضاً أداء ثنائي مع ريتا الرامي، إضافة إلى أداء الجوقة بعض الترانيم بتقنية الأربعة أصوات، فرنمنا جميعنا، ورفعنا صلواتنا على نية خلاص لبنان من الأزمات المتلاحقة التي تضربه، آملين أن ينعم اللبنانيون بالعيش الكريم.

تضمن الرسيتال :

تعظم نفسي الرب

هبط جبرائيل، أداء ريتا الرامي وإيلي جرمانوس

حُيّيت يا مريم

الشكر لمن ولد في المغارة

علامَ أنت صامت يا أشعيا

أيها الطفل في مذود، أداء ريما سعادة الترك

هلمّ يا مؤمنون، أداء ريما سعادة الترك

ميلادك أيها المسيح

رنّمي أيتها السماوات، أداء إيلي جرمانوس

When a Child is Born، أداء ريما سعادة الترك والجوقة

Joy to the World بتقنية الأربعة أصوات

رجاء الكون وافانا بتقنية الأربعة أصوات

Les Anges dans nos campagnes بتقنية الأربعة أصوات.

رافق المرنمين عزفاً على الأورغ روجيه كرموش، وعلى الفلوت جينيفر معقّر، هندسة صوت ميشال عشقوتي.

المر قدمت كاهن رعية مار يوسف المخلصية الأب يوسف نصر، وقالت :"الأب يوسف نصر فتح قلبه لهذه الرعية، وزحلة هي أكبر مدينة لبنانية مسيحية وفيها نوابغ، سعيد عقل نابغة في الشعر واللاهوت، ولكن النابغة أيضاً هو من يعرف كيف يكون الراعي لكل الخراف، ويعرف كيف يحمل الخروف الضال على أكتافه ليعيده إلى هنا، هو الأب الذي يستقبل كل أبناء الرعية ويحتضنهم بمحبته ويساعدهم".

الأب يوسف نصر قال في كلمته :"هبط جبرائيل من السماء حاملاً إلى الأرض رسالة سلام، فحُييتِ يا مريم، وتعظم نفوسنا الرب.. هذه من عناوين الترانيم التي رنمتها جوقة نسروتو، جمعتُها مع بعضها البعض حتى نرتفع بروحانية هذا الرسيتال، كل الشكر للذي ولد في مغارة بيت لحم، هو عنوان لقائنا، ومن أجله التقينا، ونحن ضائعون ونطلب منه الخلاص، خصوصاً في هذا الوقت الصعب، وقت الضيق "في الضيق صرخت إلى الرب، فاستجاب لي من جبل قدسه". ما أجمل من أن يرفع الإنسان صلاته إلى الرب في وقت الضيق، وهذا أفضل ما يمكننا أن نقوم به، خصوصاً في هذا الظرف الصعب الذي نمر به، وهو أن نصلي، ومن كل قلبنا، وأن نعيش الميلاد بروحانيته. ربما هذه مناسبة لنا، فيروس كورونا وظروفه والظروف الإقتصادية، لنعود ونعيش روحانية عيد الميلاد، بعيداً عن المظاهر الخارجية، لأن فيروس كورونا جعل العائلة تجتمع في منزلها، ويكون طفل المغارة موجوداً في قلب كل عائلة، فتصلي لهذا الطفل من أجل خلاص العالم".
وأضاف نصر متوجهاً بكلامه للأب مروان غانم، فقال :"في بدايات جوقة "نسروتو" زعلت منك، لأنك أخذت أجمل الأصوات من كنيستي، لكن اليوم عاد لي حقي لأن جوقة "نسروتو" عادت إلى كنيسة مار يوسف وأحيت هذا الرسيتال الجميل والمنوع في الترانيم وبأعمار المرنمين، ونسروتو هي مدرسة موسيقية، فيها الصغار والكبار، ومتنوعة بآلاتها الموسيقية، نشهد لجوقة "نسروتو"، خصوصاً مع كل النشاطات التي تقوم بها جمعية "نسروتو".
وختم قائلاً :"أتمنى أن تدخل الفرحة إلى قلوبنا، أن نتخطى كل الأزمنات الإقتصادية والسياسية والأمنية والصحية من خلال هذه الصلاة، وهذه الروحانية".

رئيس جمعية "نسروتو" الأب مروان غانم رد على كلام الأب يوسف نصر، فقال :"في العام 2020 أخذنا الأب يوسف إلينا، فأصبح وهذه الرعية، من الأشخاص المحسوبين على جمعية "نسروتو"، بعد أن كان في الماضي أخذ منا محبتنا عندما أخدنا الأصوات الجميلة من كنيسته، نحن والأب يوسف في مشوار طويل".
وكشف الأب مروان غانم عن أنه أصيب بفيروس كورونا، وأصبح حالياً في المرحلة الأخيرة من شفائه منه، وأشار إلى أن هناك العديد من أعضاء جوقة "نسروتو" مصابون بالفيروس، لذلك لم يشاركوا في الرسيتال لأنهم يلتزمون الحجر المنزلي. كما أكد غانم على أن الرسيتال لا يقاس بحجم الفرقة الموسيقية، لذلك وللمحافظة على التباعد الإجتماعي والإلتزام بالإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، إقتصرت الفرقة الموسيقية على عازفين فقط، والموضوع ليس لعرض العضلات، فنحن جئنا لنصلي.
وشكر غانم بلدية زحلة، المعلقة تعنايل على نشاط "زحلة ترنّم"، وحيّا عضو البلدية ميشال أبو عبود الذي حضر الرسيتال، وقال :"على الرغم من الوجع الذي تعيشه زحلة، وفيروس كورونا الذي ضرب بشكل كبير جداً، ستبقى زحلة مدرسة، والأولى في كل شيء في لبنان، طالما أن أبناء زحلة متعاطفون مع بعضهم البعض، والبلدية تحتضنهم".

موقع "الفن" عاد بهذه الكلمات الخاصة.

كاهن رعية مار يوسف المخلصية الأب يوسف نصر، قال لنا :"الأمل يخلق من إيماننا بهذا الطفل المولود في مغارة بيت لحم، كل الشكر لهذا الطفل، وإيماننا هو الذي يعطينا القوة والثبات والشجاعة والأمل والاستمرارية، هو ينبوع الحياة، هو ينبوع الخلاص. علينا أن نلتجئ إلى الطفل يسوع، وهو يعطينا كل ما نحن بحاجة إليه، عبثاً أن نبحث في أماكن أخرى، لن نجد أبداً لا أمل ولا مستقبل ولا حياة خارج الطفل يسوع المولود في مغارة بيت لحم، علينا أن نتقرب منه أكثر، ونحبه أكثر، ونفتح له قلوبنا أكثر، ونصلي أكثر حتى يزرع فينا الرجاء والحياة، هذه رسالة الميلاد، يسوع هو الأمل".

رئيس جمعية "نسروتو" الأب مروان غانم أجاب على سؤالنا عن تعافيه من إصابته بفيروس كورونا، فقال :"أنا صرت في المرحلة الأخيرة من شفائي من الفيروس، وأعلنت الأمر أمام المؤمنين ليكونوا مدركين، وكان إيماني كبيراً بأن طفل المزود سيساعدني على أن أجتاز هذه المرحلة، وهذا ما حدث، ويبقى لدي رجاء بأننا أبناء القيامة وأبناء الحياة، بقدر ما نصلي، بقدر ما نتقرب أكثر من الله، ويكون خلاصنا أكبر".
وتعليقاً على أن عيد الميلاد هذا العام يأتي في ظروف سيئة جداً يعاني منها اللبنانيون في الوطن، قال غانم :"من الضروري جداً أن تبقى لدينا فسحة أمل، فلولاها لما كنا نستطيع أن نستمر في الحياة، هناك دائماً صعوبات، وأمامنا الآن حمل صليب، حملنا صليب الفقر، حملنا صليب الجوع، حملنا صليب التعاسة، حملنا صليب فيروس كورونا، حملنا صليب سعر صرف الدولار المرتفع، ولكن إن شاء الله بعد حمل الصليب هناك قيامة، هناك وقت يجب أن يمر، كم هو؟ لا أحد يعرف، ولكن الأهم أن ينتهي فيروس كورونا الذي يقضي على الناس، وللأسف أننا لسنا كلنا مجهزّين لنواجه هذا الوباء الصعب والمزعج والذي يضرب الإنسان".

مديرة جوقة "نسروتو" ريما سعادة الترك، قالت :"هذه الكنيسة رنمنا فيها في بدايات جوقة نسروتو، ونحن نحب كثيراً هذه الكنيسة، وهذه رعيتي، ونحن من حوش الأمراء، وكاهن الرعية الأب يوسف نصر يرحب بنا ويتعاون معنا، وأجرينا تمارين الريستالات في مركز الجمعية، طبعاً مع الحفاظ على التباعد الإجتماعي والإلتزام بالوقاية من فيروس كورونا".
وعن تقييم العام 2020 على جمعية "نسروتو" عموماً، قالت :"كان عاماً قاسياً جداً علينا، خصوصاً أن لدينا "علية إبن الإنسان" لإعادة تأهيل المدمنين والمدمنات على المخدرات، فرغم إنتشار فيروس كورونا والوضع الإقتصادي الصعب جداً، كان علينا أن نستمر في خدمة الشباب والصبايا الذين يتواجدون في العلية 24 ساعة على 24، وذلك لأنه تتم إعادة تأهيلهم بعد أن كانوا مدمنين على المخدرات. الله أعطانا القوة لنكمل رسالتنا، بوجود أهل الخير الذين يدعمون جمعية نسروتو".
وأضافت :"هناك صلاة كتبتها، في ظل الأوضاع السيئة جداً التي نعاني منها منذ أكثر من عام، وأتلوها كل يوم لمريم العذراء، على نية أن يعيّد الناس بفرح، وأن يجد العاطلون عن العمل أشغالاً ووظائف، وليعود الجميع وينطلقوا من جديد ليعيشوا حياتهم الطبيعية، إذ أصلي قائلة :"يا سيدة سفينة الخلاص، خلصي لبنان، من الغلاء والفساد والوباء، من الخراب والدمار والصدمات النفسية، من الإهمال والأهوال والأفعال الردية".