يواظب المنتج جان نخول على عمله ويبدع في ما يُعدّه وينتجه ويعرضه على محطة "أم تي في" من برامج وتقارير وحلقات خاصة، وآخرها برنامج "صارو مية" الخاص بذكرى مئوية لبنان الكبير الذي حقق نجاحاً كبيراً رغم التوقعات المعدومة بنجاحه، إلا أن جان أراد أن يُظهر جمالية لبنان رغم الظروف التي عاكسته، واستطاع بصوته وتعليقه أن ينجح في سرد الأحداث ويجعل من صوته عنصراً يجذب المشاهد للمتابعة.


عن فكرة ونجاح "صارو ميّة" أجرينا اللقاء مع جان وتحدثنا طويلاً.

كيف تصنّف هذا العمل هل هو وثائقي؟
هو برنامج ترفيهي توثيقي وليس وثائقياً بكل ما للكلمة من معنى، فهو يحمل وجهة نظر معينة ويتضمن خيارات معينة.
وتناولنا جوانب عديدة، لأنه لم يسبق أن قمنا بهذه التجربة من قبل، فعادة يتم أخذ الجانب السياسي فقط إلا أننا ارتقينا تناول الجوانب الإجتماعية، الفنية والثقافية.

أريد أن أشيد بأدائك وصوتك كمعلّق في البرنامج، هل كنت حريصاً على إظهاره بالشكل المناسب؟
لقد اشتهر صوتي قبل شكلي والتعليق الإيجابي على أدائي يفرحني، لكن لم يكن يوماً همّي الظهور بل أنا سعيد بنجاح أعمالي وراء الكواليس، وهي سبب في شهرتي. أذكر أول مرّة سجلت فيها صوتي قبل 10 سنوات كان المخرج باسم كريستو في "الريجي"، قال منتقداً أن صوتي لا ينفع أن يخرج على الهواء، واستفزني ذلك إيجاباً إذ كان صوتي يحتاج إلى تدريب وإلقاء معينين، فلجأت إلى تدريب صوتي والإعتناء به.

ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتها في مرحلة الإعداد؟
الأمر لم يكن سهلاً، وتفرغت للبرنامج منذ انطلاق الحجر المنزلي مع انتشار فيروس كورونا في شهر شباط/فبراير تقريباً. تذكرت بعض المواضيع التي كنت قد قرأتها في المدرسة أو في الجامعة وعدت إليها لأبحث عن المصدر، إلى جانب الأبحاث التي قمنا بها في الكتب، والأبحاث السابقة التي قرأتها كثيرة جداً مثل دراسة الدكتوراه. الصعوبة ليست في إيجاد 100 خبرية إنما الصعوبة تكمن في الإنتقاء بين المعلومات بحسب وجهة نظر معيّنة، والدليل على ذلك أن حذف بعض الأشخاص أدى إلى إستيائهم لأنهم لم يفهموا المنطلق من البرنامج.
إذ إنني لا أختار أفضل 100 شخصية لأن ذلك يدفعني للإستناد على دراسات معينة وإحصاءات ورأي عام، بل إنني أختار أكثر مئة شخصية غيّروا أو طبعوا في تاريخ لبنان وممكن أن يكونوا قد غيّروا للأسوء.

ما المعيار الذي اتخذته لتحسم القرار في الحذف؟
لكل حلقة من البرنامج معيار معين، ففي حلقة الشخصيات مثلاً، بعضها رائعة ولامعة لكن في حال جاءت في سياق مدرسة معيّنة كنت أفضّل أن أختار المؤسس لهذه المدرسة. على سبيل المثال في الزجل، اختصرته بشحرور الوادي وزغلول الدامور، علماً أن العديد غيرهم رائعون، لكنهم ينتمون الى المدرسة نفسها. ومن ناحية أخرى أيضاً كنت أختار شخصيات كانت لها لحظات من النجومية في فترة مهمة أساسية أحدثت فرقاً كبيراً.

هل توقعت أن يأخذ هذا العمل ضجة كبيرة؟
صراحة لا، إذ حين عرضنا الفكرة على الأستاذ ميشال المرّ، قال لي: "هذا البرنامج وإن شاهدته أنا وأنت فقط لا مشكلة لدي وحتى لو لم يشاهده أحد"، إذ إننا نحضّر لمناسبة وطنية وله بعد مختلف. والأرجح أن التطرق إلى الأمور الترفيهية والمسلية والفنية التي تهم الناس ساهم في جذب المشاهدين إليه.



كيف تلقيت الأصداء؟
فرحت كثيراً بردود فعل الناس، وأعتبر أن كثر من الناس قد يتعلقون أكثر بالبلد حين يشاهدون تاريخه، خصوصاً مع مرورنا بظروف صعبة إذ حين تشاهد تاريخنا السابق الجميل لا تعود تعلّق على السنة الصعبة التي نمرّ فيها، وذلك يخلق لدينا بعضاً من الأمل.

هل النجاح دفعك لإختيار جزء ثانٍ؟
الإدارة هي من اختارت التحضير لجزءٍ ثانٍ، وكان من المفترض أن ينتهي في رأس السنة، والآن زدنا 13 حلقة في الجزء الثاني وسنستمر حتى بداية شهر رمضان. وبعد أن وجدوا أن البرنامج جميل ومبدع وأحبته الناس وتتابعه، طلبوا مني العودة الى الأفكار التي تخلينا عنها في الجزء الأول وإلى التطرق إليها في الجزء الثاني، ومنها أحداث عديدة ومتنوعة في العالم العربي والعالم كله كان لها انعكاس على مئوية لبنان.

الممثل يوسف الخال اعترض على عدم ذكر والده في "صارو مية"، كيف تفسر ذلك؟
ما أزعجني في الموضوع، أنهم اعتبروا خلاف يوسف الخال مع محطة الـ "أم تي في" هو السبب في حذف إسم والده، وجاء الخلاف وقتها حين لام يوسف الخال المحطة بعدما لم يحظَ مسلسل "أدهم بيك" بنسبة مشاهدة عالية.

تغييب إسم يوسف الخال الأب لم يكن مقصوداً لتصفية الحسابات، وأوضحت بأن يوسف الخال الأب ينتمي إلى الشعر بالعامية الذي طوره الشاعر الراحل سعيد عقل. ولم أغيبه لأنني لا أقدّر قيمته، بل قلت أنني مستعدٌ أن أقوم بوثائقي عن يوسف الخال شخصياً. في النهاية لم أحب ردة فعل يوسف الخال الإبن وهو حرّ وأحترم وفاءه لذكرى والده واكتفيت بإطار مؤسسين ومؤثرين وأعتذر إن أزعجهم هذا الموضوع.

لماذا غُيّب أيضاً الفنان جوزيف عازار الذي يعتبر مدرسة؟
جوزيف عازار كان حاضراً في حلقات أخرى ولم نغيّبه عن برنامج "صارو ميّة"، إذ اعتمدت فيه معياراً أفقياً أي أن مجموع الحلقات يبرز تاريخ لبنان وليس كل حلقة بمفردها وذلك لمنع التكرار.

فانز الفنانة نجوى كرم عبروا عن استيائهم من تجاهلها في إحدى الحلقات، واتهمت باعتبارك تعمل مع الفنانة إليسا بأنك همشت أعمالها عن قصد، ما ردّك؟
أنا لم أتجاهل الفنانة نجوى كرم لأنه في الحلقة التي تحدثنا فيها عن الشخصيات الفنية حصرتها بين الفنانين المتوفين وبين الفنانين غير الناشطين، وذكرت بعضاً من الفنانين الفاعلين حتى اليوم. أما في حلقة الأغاني ذكرنا لها أغنيتين من الأغاني التي صنعت القرن، وفي حلقة الكليبات ذكرنا لها 6 كليبات. وبالنسبة لي أعطيت في هذا العمل كل شخص حقه والقيمة التي يستحقها.
وأشير الى أن عملي مع الفنانة إليسا لا يعني أنني لا أحترم مسيرة الفنانين الآخرين، مثل الفنانة نجوى كرم التي تحمل لواء الأغنية اللبنانية الجبلية.

هل تلقيت إتصالات من فنانين معينين؟
كثر من الفنانين اتصلوا بي أو بإدارة المحطة اشتكوا بسبب عدم ذكر أسمائهم في البرنامج، بالنسبة لي لهم الحق في الإعتراض بأنهم طبعوا المئوية وحقي أن أختار ما أجده مناسباً.
أجمل اتصال تلقيته من السيدة ماجدة الرومي التي كانت متأثرة كثيراً وسعيدة، ليس فقط بوجودها في الحلقات كرمز أساسي من لبنان، إنما لأننا أعطينا الراحل حليم الرومي حقه، ففي معظم الأعمال يتم تجاهل دوره في الأغنية اللبنانية. وبالنسبة لي أن تتصل سيدة مثل ماجدة الرومي لتهنئني، فإن ذلك يجعلني لا ألتفت مجدداً الى التفاصيل الصغيرة غير المهمة في الأمور الأخرى.

ماذا أردت للمشاهد أن يتعلم من البرنامج؟
أردته أن يقول إن لبنان جميل، لكن الظروف عاكسته، وإننا قادرون على الخروج من الأزمات، وعلينا أن نركز على جمالية لبنان الذي يستطيع أن يستعيد الدور الرائد الذي وصل إليه سابقاً.

​​​​​​​

​​​​​​​أخبرني عن تحضيرات الجزء الثاني.
هناك مواضيع جميلة وأنا متحمس لها، ومنها الأبنية الرمزية في لبنان والتي لها تاريخها وقصتها في تاريخ الهندسة المعمارية في لبنان والتي تدخل في الأحداث والتطورات، وأبنية توقفت لأسباب سياسية وأبنية أصبح لها بعد سياسي. بالإضافة الى حلقات موسيقية ومواضيع غير متوقعة سأترك عامل التشويق لها وأتمنى تفاعل الناس معها.

كيف تصف تجربة الإعلامية نبيلة عواد في البرنامج؟
نبيلة إعلامية مثقفة وكانت شريكة في العديد من الأعمال، بعضهم يعتبر أن البرنامج ظلمها لأن إطلالاتها كانت قليلة، لكن دورها أساسي جداً فهي تربط الأمور ببعضها البعض، واخترتها أن تقدّم البرنامج لأنها وجه إخباري رصين ويوحي بالثقة، وقد أظهرت قيمة هذا المحتوى.