عبد الوارث عسر ممثل بدرجة مُعلّم، على الرغم من دخوله عالم الفن في فترة متأخرة من حياته، إلا أنه ترك بصمة واضحة في قلوب محبيه، وليس هذا فقط بل علّم النجوم والممثلين الكبار فن الإلقاء.


والى جانب موهبته التمثيلية، كان لديه شغف بالكتابة، فقدم مجموعة من السيناريوهات المهمة في تاريخ الفن المصري.

نشأته وبداياته
ولد عبد الوراث عسر يوم 16 أيلول/سبتمبر عام 1894 في حي الجمالية، وكان والده الشيخ علي عسر محامياً، وتعلّق منذ صغره باللغة العربية وبدأ حياته في الكتاتيب، وكان يحضر الصالونات الأدبية مع والده، ويستمع لأحاديث أدباء وفنانين ومشايخ مصر، وحفظ القرآن وتعلم أحكام التجويد للقرآن، وهو ما منحه ملكة الكتابة والتأليف والإلقاء.
إلتحق بكلية الحقوق، ولكنه تركها بعد وفاة والده وتفرغ لرعاية أملاك الأسرة ورعاية شؤونها، كما عمل كاتب حسابات بوزارة المالية، ورغم ذلك لم يتخل عن حبه للفن، فإنضم إلى جمعية أنصار التمثيل، وفي عام 1912 ضمه جورج أبيض إلى فرقته وأسند له دور رجل كبير بإحدى المسرحيات، وقد يكون هذا هو السبب إضافة إلى ملامحه في وضعه داخل قالب الأب والجد والرجل المسنـ الذي إشتهر به.

مشواره الفني
أثناء دراسته في الثانوية العامة، كان عبد الوارث عسر حريصاً على مشاهدة العروض المسرحية، والذهاب الى السينما ومشاهد الكثير من الأفلام، ومن هنا ولد بداخله حب الفن.
وجد أنه لن يستطيع أن يجمع بين عمله ككاتب حسابات في وزارة المالية وبين الفن، فقرر أن يضحي بوظيفته على الرغم من أنه كان في سن الأربعين، وإتجه الى الفن.
كما نجح في كتابة العديد من القصص الرائعة وسيناريو مئات الأفلام، وكان يعتبره الموسيقار محمد عبد الوهاب تميمة الحظ، ويعتمد عليه في مراجعة النصوص السينمائية، ويشترط على كل شركات الإنتاج وجوده في أفلامه.
كان عبد الوارث عسر يحمل مهمة تطوير الفن على عاتقه، مع صديقيه سليمان نجيب ومحمد كريم، من خلال تدريب عدد من الوجوه الشابة، وكان يدرّس هذا الفن بالمعهد العالي للسينما، فضلاً عن تمرين العديد من الممثلين على فن الإلقاء، وخرج من تحت يديه العديد من النجوم، منهم عماد حمدي، سميرة أحمد، نادية لطفي، آمال فريد، ماجدة الخطيب، كما كان وراء إختيار إسم الفنانة "شادية"، وألّف كتاب "فن اﻹلقاء"، وهو أحد أهم المراجع لتعليم أسس التمثيل والإلقاء.
كتب سيناريو فيلمي "سلامة" و"عايدة" لأم كلثوم، وشارك في التمثيل بهما، حتى جاءت مرحلة الإنتشار فقدّم فيلم "دموع الحب"، "يوم سعيد"، "حب في الظلام"، "عيون سهرانة"، "شباب إمراة"، "صراع في الوادي"، "الاستاذة فاطمة".
كما شارك عبد الوارث عسر في مسلسل "أحلام الفتى الطائر"، مع عادل إمام، وكان آخر أفلامه "لا عزاء للسيدات" عام 1979.

جوائزه
حصل عبد الوارث عسر على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وجائزة الدولة التقديرية ووسام الفنون من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، وقد أصدرت الدولة طابع بريد يحمل صورته تكريماً له، كما حصل على جائزة عام 1956، عن دوره في فيلم "شباب امرأة"، وشهادة جدارة من الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، وشهادة تقدير من الهيئة العامة للسينما وجمعية الفيلم، والعديد من الجوائز في التأليف السينمائي.

دوره البارز في حياة فاتن حمامة
كان لـ عبد الوارث عسر دور بارز في حياة الممثلة فاتن حمامة، وذلك عندما كلّفه المخرج محمد كريم بكتابة سيناريو فيلم "يوم سعيد"، وكان من ضمن الأدوار في الفيلم دور لطفلة عمرها 6 سنوات، فكتب دوراً مختصراً يناسب طفلة، ولكنه عندما رأى فاتن حمامة مع والدها بعد الإعلان، الذي نشره المخرج محمد كريم يطلب فيه طفلة لأداء الدور، إنبهر عسر بموهبة فاتن بعد حديثه معها، وقال إنها ستكون نجمة المستقبل، وأعاد كتابة دور الطفلة ليمنحها مساحة أكبر إيماناً منه بموهبتها.

وفاته حزناً على رحيل زوجته
تدهورت حالته الصحية بعد رحيل زوجته عام 1979، وعاش آخر أيامه حياته في إكتئاب شديد، نظراً لإرتباطه بها وحبه الكبير الذي يحمله في قلبه تجاهه، فدخل في غيبوبة لمدة طويلة، حتى توفي يوم 22 نيسان/أبريل عام 1982.