يثابر مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية على رحلته مع الأفلام العالمية الراقية في دورته السادسة هذا العام، وسط إجراءات إحترازية مشددة بسبب انتشار فيروس كورونا، إذ انطلق المهرجان يوم الخميس 3 كانون الأول في مسرح مونو الأشرفية، ويستمرّ بعرض مجموعة مؤلفة من 20 فيلماً، تحمل رسائل أمل وحبّ إلى كل العالم، في ظل فترة ضبابية بسبب الحجر والأزمات الإقتصادية والثورات والكوارث.

Beethoven’s Ninth – Symphony for the world
اختار المهرجان أن يفتتح دورته بفيلم Beethoven’s Ninth – Symphony for the world مدّته تسعون دقيقة من إخراج كريستيان بيرجير. "Beethoven’s Ninth" هو فيلم وثائقي موسيقي بمناسبة الذكرى الـ 250 لميلاد لودفيغ فان بيتهوفن. وتعتبر هذه السيمفونية واحدة من أشهر المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية في العالم.
الفيلم يجعل المشاهد يكتشف تفسيرات جديدة للسيمفونية التاسعة، يؤديها موسيقيون بارعون.

ويشرح المايسترو اليوناني تيودور كرنتزيس عن هذه السيمفونية، ويحلّل أبعادها وأبعاد شخصية بيتهوفن، والظروف التي كانت محيطة به وهو يقود فرقته الموسيقية MusicAeterna لعزف السيمفونية.

وأكد تيودور في تحليلاته، أن بيتهوفن واجهته ظروف صعبة، ومن يعاني من تلك الظروف في حياته، يصبح شخصاً صعباً، خصوصا اذا كان محاطاً بأشخاص غير موهوبين.

من جهة أخرى، يعرض الفيلم الملحن الصيني والفائز بجائزة الأوسكار تان دون، وهو يبتكر تركيبة جديدة مستوحاة من سيمفونية بيتهوفن.
كما يتيح الفيلم مشاهدة العزف المباشر لـOrchester Symphonique Kimbanguiste في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث يفسرون السيمفونية التاسعة، باستخدام آلات صنعها الموسيقيون أنفسهم. وما يلفت الإنتباه أكثر، هو مدى تأثير هذه الموسيقى على الناس الذين يعيشون في أحياء فقيرة في البرازيل للخروج من الشوارع.

هذا ولا يمكن للمشاهد سوى الإنبهار بجوقة مؤلفة من 10000 شخص في اليابان يغنون "نشيد الفرح"، أي الجوقة الأخيرة من السيمفونية التاسعة لبيتهوفن.
كما يشرح الفيلم كيف يقوم بول ويتاكر بولادة بيتهوفن جديد، الذي أصبح هو نفسه أصمًا، ويعلّم أولاداً وشباباً فقدوا السمع كيفية عزف هذه السيمفونية.
الى جانب أبعاد هذه السيمفونية وتأثيرها على الموسيقيين، يدخل الفيلم الى متحف بيتهوفن ليعرض لنا البيانو الذي عزف عليه، والأدوات التي كان يستخدمها في حياته ليسمع، وأشهر مؤلفاته القديمة، الى جانب رسائل ومذكرات تعود إليه منذ عام 1806.
هذه السيمفونية العابرة للقارات، وحدت جميع الموسيقيين من مختلف أنحاء العالم في عزفها، كل على طريقته، بغية التعبير عن المحبة والأمل والحرية والفرح.

Following the Ninth

وتلى الفيلم عرض "Following the Ninth"، مدّته 70 دقيقة، من إخراج كيري كانديل باللغة الإنكليزية، وهو فيلم يشرح تأثير سيمفونية بيتهوفن في الثورات حول العالم، إذ كانت معزوفة بيتهوفن تعبّر عن ثورة الجوع، واعتبرت موسيقاه أنها تهز الكيان، وتدخل الفرح الى القلوب.
الأول من ثلاثية أفلام بيتهوفن، يدور حول التأثير العالمي لسيمفونية بيتهوفن النهائية، مع توقف في ميدان Tienanmen خلال احتجاجات عام 1989، في تشيلي، حين غنت النساء اللواتي يعشن في ظل ديكتاتورية بينوشيه "التاسعة" خارج جدران التعذيب في السجون.
كما يتم عزف هذه السيمفونية حداداً على ضحايا الزلازل والتسونامي في اليابان. وأخيرًا، في ألمانيا عند حائط برلين في ديسمبر 1989، حيث أدى ليونارد بيرنشتاين سيمفونية بيتهوفن كـ "قصيدة للحرية".

Une ville et une femme

اختتم المهرجان في اليوم الأول بفيلم للمخرج اللبناني نيكولا خوري "Une Ville et une Femme"، المترجم باللغتين الفرنسية والإنكليزية، والذي عبّر من خلاله عن وجهة نظره المختلفة لبيروت بعد إنفجار 4 آب، متأملاً بالتغيرات والملامح والألوان والهدوء بعد الكارثة.