عاد الفنّ اللبناني الحقيقي وأصالة الزمن الجميل بعد إطلالة النجم عبدو ياغي في برنامج The Voice Senior، عاد إسم لبنان الى الواجهة، ليس للحديث عن انهيارات، بل عن نجاحات وصل أصداؤها إلى العالم كله من خلال شاشة MBC.

عبدو ياغي أعاد جزءاً من كرامة لبنان بعد سنوات الخبرة والعطاءات في الفن والمسرح والأغاني التي دخلت تاريخ الفن اللبناني، منذ انطلاقة ياغي في برنامج "ستوديو الفن" عام 1972. كما تميّز بأداء القدود الحلبية، وله مجموعة أغنيات حققت انتشاراً واسعاً، وليس هذا فقط، يدرك البعض أن الحياة قد تنتهي بعد التعب والشهرة، لكن ما لا يستطيع أحد أن يصفه أو يعبّر عنه، هو الدعم الذي يتلقاه الإنسان من أفراد أسرته، هذا الدعم المجاني اللامحدود هو الأثمن والأسمى في الحياة، ويعطي دافعاً خيالياً للإستمرار قدماً. ليت الكثيرين ومنهم اللبنانيين، يتعلمون من عائلة عبدو ياغي اللبنانية أهمية الدعم المجاني. يُقال "واثق الخطوة يمشي ملكاً"، نقول "واثق الخطوة بدعم عائلة يمشي سلطاناً". هكذا نفتتح هذه المقابلة مع الفنان الكبير عبدو ياغي لأنه غنيّ عن التعريف، والحوار معه درس في الوطنية لا يجب أن ننساه أبداً.

كيف تصف هذه التجربة والعودة إلى المسرح التلفزيوني؟​​​​​​​
لم تكن تجربة بالنسبة لي، إنما شاركت من أجل تقديم صورة جميلة عن بلدي لبنان وعن الفن اللبناني. وبالنسبة لي، كان هناك هدف أفكّر فيه لأن بعض السياسيين أظهروا للعالم أن لبنان بلدٌ فاسدٌ، وهذا ليس صحيحاً، فلبنان بلد الفنّ والحضارة والذوق. ولم يكن لدي هدف آخر، ولست بحاجة للشهرة أو غيرها.

أخبرني عن مرحلة تلقيك العرض من البرنامج إلى حين موافقتك عليه، وكيفية اتخاذك قرار المشاركة فيه؟
لم أتلقَ عرضاً، بل شاهدت الإعلان على التلفزيون، واتصلت وطلبت المشاركة في البرنامج، وحدّدوا لي موعداً لإجراء مقابلة، وكان من المخطط أن أشارك مع عدد من أصدقائي المطربين، لكنهم لم يتوفقوا.

ما كان رأي أفراد عائلتك في هذا القرار؟​​​​​​​
عائلتي رفضت القرار كلياً، فعدت واتصلت واعتذرت عن المشاركة، لكن إحدى السيّدات من أسرة البرنامج طلبت مقابلة عائلتي، وجاءت وتحدثت مع بناتي الثلاث وزوجتي وسألتهنّ "ماذا يتأملن بعد من لبنان؟ لقد انتهى، ولا يزال لدينا أمل بالفنانين أمثال والدكم لإظهار صورة لبنان الحقيقية، وهناك أكثر من 400 مليون مشاهد عربي ومن دول الاغتراب يشاهدون البرنامج"، لكن رغم ذلك، ظلّت عائلتي ترفض الفكرة، وابنتي جيسيكا قررت الهجرة إلى كندا، وأخذت شقيقتيها معها بعد البرنامج، في اليوم التالي، أعادت إبنتي بريجيت النظر بالفكرة كونها في مجال الفن، ووافقت على المجيء معي إلى البرنامج، وتفاجأت بأنها أقنعت زوجتي وابنتي الصغيرة ليا بدعمي، وكانت فرحتي كبيرة لا توصف.

​​​​​​​لماذا اخترت الانضمام إلى فريق الفنان اللبناني ملحم زين؟
ملحم زين فنان برزت أصالته حين قلت :"إن العيون التي في طرفها حور"، إذ وقف واستدار لي، وظلَّ واقفاً حتّى انتهيت، فاخترته مباشرة، لأنّني قلت في نفسي من سيستدير لي أولاً سأختار الانضمام الى فريقه. وعندما اخترته قال ملحم :"أنا من أريد الانضمام الى فريق الأستاذ عبدو".
وفي الحقيقة لم نكن نعرف من هي اللجنة في البرنامج، وأحترمهم جميعاً. أما من ناحية التدريب، فكنا نتبادل الآراء حول اختيار الأغنية والطبقة في المرحلة نصف النهائية، وأعجب ملحم بأنني أستطيع أن أغني أغنية "رح حلفك بالغصن يا عصفور" على جميع طبقات السلّم الموسيقي، رغم أنني أبلغ 71 عاماً. وأعتبر أن البرنامج كان بمثابة تكريم أكثر من أنه مباراة، وسط احترام شديد لكل واحد منا، كان المدربون مثل أخوة لنا.

عبّر الكثير من الفنانين عن رفضهم مشاركتك في البرنامج، واعتبروا أنّك لست بحاجة إلى الظهور، ما ردّك؟​​​​​​​
هناك الكثير من الفنانين الذين اعترضوا على مشاركتي في البرنامج، لكنّهم لم يدركوا الهدف الأساسي من مشاركتي، والذي هو من أجل لبنان، خصوصاً أنه لا يوجد مردود مادي من المشاركة في البرنامج، ومشاركتي تدلّ على ثقة كاملة في النفس، أقول لهم "لماذا لم تتقدّموا أنتم للمشاركة في البرنامج، لماذا لم يتحلّوا بالوطنية التي أتحلى بها؟". منذ مشاهدتي الإعلان فكرت مباشرة في لبنان، لبنان المجروح والمذبوح، ولأقول إن لبنان ليس كذلك، بل لبنان فيه حياة. وأنا بملء الثقة بصوتي وبالموهبة التي منحني إياها الله، وأنا أحافظ عليها وأدرك تماماً طاقات صوتي "الفن موهبة وعمل". أحترم رأيهم ولم أزعل منهم، والنتيجة أظهرت أنني كنت على حقّ. نحن نموت من أجل لبنان، ونقدّم الفنّ والجمال والذوق من أجله.

هل شعرت بالمنافسة مع الفنانين المشاركين في البرنامج؟​​​​​​​
طبعاً شعرت بالمنافسة، لأن كل واحد من المطربين المشاركين لديه شيء يميّزه، وهم قادمون من مختلف البلدان العربية، من المغرب والجزائر وتونس والعراق والكويت والسعودية وسوريا وجزر القمر، المنافسة كانت حقاً قويّة جداً، لكن الأهم الثقة في النفس، وأعرف جيّداً ما أمتاز به في صوتي عن غيري، وفي الوقت عينه أعرف ما يميّز الفنانين الآخرين عني، ولذلك فزت باللّقب.

تسرّبت أخبار عن أنك اشترطت الفوز في البرنامج حتى تشترك فيه، كيف ترد؟
هذه أخبار غير صحيحة أبداً، "أم بي سي" تلفزيون محترم، والبرنامج له شروطه، ومعيب الكلام بهذه الطريقة عن الموضوع، ويبدو أن المحبين كثر، وغيرتهم دفعتهم للتحدّث بهذه الطريقة. لقد اشتركت في البرنامج بقدر محبتي للبنان، ووطنيتي رفعتني.

ستنتج لك شركة بلاتينوم ريكوردز أغنية جديدة، كيف ستختار الأغنية وإلى أي نوع تنتمي؟​​​​​​​
أريد أن أشير الى أنه لا جوائز مادية في هذا البرنامج، والفائز يحصل على أغنية، وأنا اخترت أغنية من كلماتي وألحاني ستكون مفاجأة للناس. سأحافظ على نوعية الكلمة التي اعتاد عليها الناس من عبدو ياغي، أغنية لها معنى أحافظ فيها على اللغة العربية، وليست مثل ما نسمعه من أغلب أغنيات اليوم، إذ أعتبر أننا في عصر إنحطاط الأغنية، حيث يستعينون بلحن تركي أو يوناني ويركبون عليه كلمات "بلا طعمة". سأحافظ على ثقافة الأغنية في لبنان، لأثبت أنه ليس الجميع يقدم أغنية هابطة، خصوصاً أننا أصبحنا نفقد اللغة العربية في لبنان، وأحرص على أن أختار أغنية أرضى عنها، ويرضى عنها الجمهور.

كيف تسعى للاستمرارية في المستقبل؟
أتمنى أن يزول فيروس كورونا لأنّ هناك جيلاً في لبنان والعالم العربي لا يعرفني، وأتمنى أن أقدّم لهم فناً نظيفاً، ونقول لهم إن الفن حضارة وذوق وأخلاق وتربية وثقافة. أتمنى أن تهدأ الأوضاع في لبنان حتى أعود على جناح الطير بإذن الله. وأشكركم جزيلاً على هذه المقابلة، وخصوصاً الإعلامية هلا المرّ التي أعطتني فرصة أن أوجه كلمة لقراء موقع "الفن"، وأتمنى لكم التوفيق.