أثبت الفنان السوري وديع مراد مكانته على الساحة الفنية، منذ إنطلاقته عام 2000، وحقّق نجاحاً كبيراً خلال مسيرته الفنية، التي قدّم خلالها العديد من الأغاني والألبومات، ومنها "قمر الزمان، السنين، لا تنحني، ساكت".


في الجزء الأول من المقابلة الشيّقة مع وديع عبر موقع "الفن"، يتحدث عن أعماله وغيابة خلال الفترة الماضية، وإبتعاده عن الشرق الأوسط، ورأيه في العديد من الأمور الفنية.

ما سبب غيابك عن الساحة الفنية طوال الفترة الماضية؟
في العام 2010 إنتقلت الى السويد وإستقريت في أوروبا، لذلك إبتعدت عن الشرق الأوسط بسبب الحروب والأوضاع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية الصعبة، بالإضافة الى ظروف عائلية، ولتأمين حياة مستقبلية أفضل.

هل إنتقالك الى السويد سببه أيضاً عدم تقديرك فنياً؟
تقديري الفني موجود في الشرق الأوسط والغرب، وبعد كل ما جرى خلال العشر سنوات الماضية في الشرق الأوسط إبتعدت بقرار شخصي، وإسمي الفني موجود مهما غبت.

ألم يؤثر هذا الغياب على مكانتك في الساحة الفنية؟
عندما تكون الأرض خصبة يمكنك أن تزرع فيها حتى تحصد ثمرة مثمرة، لكن في حال هذا الضياع والدمار والحروب، كيف يمكننا أن نقدّم أعمالاً جيدة تحصد النجاح المطلوب؟ وهذا الوضع أثّر على أغلبية الفنانين في الشرق الأوسط، وبعض النجوم حتى لا يختفي وجودهم شاركوا في لجان تحكيم برامج المواهب، وأكثرهم توقفوا عن الغناء أو يطرحون بين الحين والآخر أغنية، لذلك عندما تستقر الأوضاع يمكن للفنان أن يطرح أغانٍ منفردة.

لكن الكثير من الفنانين يستمرون بطرح الأغاني رغم هذه الأوضاع
هؤلاء ليسوا المثل، وأنا أتحدث إنطلاقاً من خبرتي في الفن، والبعض منهم قد يطرح أغنية الان، وبعد شهر لن تسمع الناس يرددونها وينسونها.

برأيك من يبقى أكثر في ذاكرة الناس إسم الفنان أو الأغنية؟
الفنان الذي زرع فناً حقيقياً يبقى دائماً في ذاكرة الناس، وأرى أن موضوع الأغنية هو الأساس بالإضافة الى أنه إذا لمع اسم فنان منذ فترة كبيرة سينتظر الجمهور عمله المقبل، وماذا سيقدم له من أفكار جديدة وغير مكررة، لذلك آخر أغنية طرحتها هي "الدنيا مصالح"، لأنني رأيت المنطق السائد في وضعنا الحالي وكيف باتت الحياة تتغير وتعامل الناس مع بعضها. وكل أعمالي كانت ولا تزال من واقع الحياة، والجمهور ينتظر ما أقدمه من أفكار جديدة.

لكنّ فناني المهرجانات في مصر أحدثوا ضجة كبيرة وباتوا هم الأشهر على الساحة الفنية..
هذه الموجة أحدثت ضجة لفترة، لكن أنا على يقين أنهم بعد سنة لن يعودوا بهذه الأهمية، لأنهم يحتاجون إلى أفكار جديدة وغير تقليدية على مستوى الأغاني التي يقدمونها، ولقد إستهلكوا كل الأفكار والعناوين. وما يقدمه هؤلاء شيئاً جميلاً يفرح ويرقص عليه الجمهور مدة طويلة، لكنه لا يعدُّ فناً بل "هرطقة" ولا يبقى للتاريخ الفني. وأنا من الفنانين الذي تتلمذوا في مدارس فنية منها وديع الصافي وأم كلثوم، وغيرهما من كبار الفنانين.

أي أنك لست مع هذه النوعية من الأغاني؟
أنا أديت التراتيل، ولقد غنيّت القصيدة والدبكة والكلاسيكي والطرب والرومانسي وكل الأنواع الغنائية، لذلك يمكن أن أسلّي الجمهور لكن بطريقة أكاديمية أكثر، مع مواكبتي للتطور وتوزيعات معاصرة.

وهل ترى أن هناك أزمة على صعيد نوعية الأغاني التي تُطرح حالياً؟
ليس هناك من أزمة في الفن، لأن الحياة تستمر وعلينا مواكبة التطور والتغيرات التي تحصل، والفن من صلب الحياة، أي أنه يتغير مع هذه التغيرات، لذلك على كل فنان أن يبني تاريخه ومملكته الخاصة، التي تجعله باقياً في ذاكرة الجمهور.

ألا تعتبر أغنيتك "لا تنحني" هي هويتك الأساسية؟
هذه الأغنية بالتحديد جعلت أكثر من 120 نجماً وفناناً، وحتى من الذين يتعاونون مع شركة روتانا جربوا لوني الغنائي، وهنا لا أتحدث عن التقليد بل كان هذا النوع الغنائي الذي قدّمته في "لا تنحني" جديداً ومختلفاً في ذلك الوقت، لذلك أحدثت كل هذه الضجة والجمهور لا زال يرددها حتى الآن. وسر نجاح هذه الأغنية كان بعواملها وتوقيت طرحها ولم أتردد أبداً بغنائها، مع أن معظم الناس إعتقدوا أنها للفنان جورج وسوف، وفي البداية طُرحت الأغنية على إذاعة صوت الغد لمدة 4 أيام، والبعض إعتبر أن توقيت طرح الأغنية كان مقصوداً، لكن للتوضيح وأقولها بعد 20 عاماً هذا الأمر ليس صحيحاً، وأنا فوجئت بطرح الأغنية في الإذاعة، حتى قبل الإتفاق مع وديع أبو جودة (مدير الإذاعة) على إسمي الفني، وإخترت هذا الإسم مثل إسم مدير إذاعة صوت الغد، الذي دعمني كثيراً في بداياتي وآمن بي كفنان، وحتى قبل ذلك تعذبت كثيراً عندما جئت الى لبنان، ولم أوقّع أي عقد إحتكار.

لماذا لجأت الى تأسيس شركة إنتاج خاصة بك؟
بعد العذاب الذي عشته في بداية مسيرتي الفنية وما رأيته من مشاكل وإحتكار معظم شركات الإنتاج في لبنان وغيره من البلدان، حتى بعد تعاقدي مع وديع أبو جودة وبعده مع روتانا، فضّلت تأسيس شركتي الخاصة لأكون في مكان أستطيع فيه أن أقدّم ما يناسبني، بعيداً عن الإحتكار والمشاكل.

كيف تنظر الى الساحة الفنية حالياً؟
نحن في عصر الـ"3 دقات"، أي أن الجمهور يحتاج إلى المرح والأغنيات السريعة، لكن بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وتحسّن الأوضاع في الشرق الأوسط، كل شيء سيتغربل وتعود الأصالة والفن الحقيقي، والذي درس أكاديمياً وموسيقي أصلي ومنهم مروان خوري وكاظم الساهر وغيرهما، سيبقى وجوده ثابتاً.

تابعوا الجزء الثاني من المقابلة خلال أيام..