مخرج آمن بقدرته على إعادة تشكيل العالم من حوله، وسعى إلى ذلك بجهد وجدّ. كان حرصه على أن يقدم المشهد نقياً، ناصعاً، بالغ الإيحاء، يصل إلى حدود الهوس. ترحاله بين دمشق وبيروت والقاهرة أثرى مسيرة المخرج التونسي شوقي الماجري بأعمال مختلفة. لم تنحصر أعماله بواقع معيشي واحد، ولا بلهجة عربية خاصة، بل شملت مسيرته الإخراجية قضايا وحكايات الشرق الأوسط كله.

نشأته وبداياته

ولد شوقي الماجري يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1961، في العاصمة تونس في منطقة باب سويقة، ولديه 9 أخوة وهو أصغرهم، ووالده كان نجاراً يعمل في شركة إنتاج الأثاث.
درس الإبتدائية بمدرسة "نهج المشنقة"، ثم انتقل في الثانوية إلى مدرسة "المعهد الصادقي".
عام 1994، إنتقل لدراسة الإخراج في بولندا في المعهد الوطني للسينما والمسرح والتلفزيون‏ حيث تخرج المخرج العالمي رومان بولانسكي، وحصل على درجة الماجستير في السينما.

المخرج الفّذ


بعد تخرجه من المعهد، أخرج شوقي الماجري العديد من الأفلام القصيرة، بما في ذلك "La Poste" و"The Smell of Islam" و "Orliano و"Clé de sol"، وقد أظهرت هذه الأفلام إتقانه وموهبته المبتكرة، مما جعل منه إسماً مطلوبًا لجميع المنتجين.
وفي العام نفسه دخل باب الدراما التلفزيونية بإخراجه لمسلسل "أخوة التراب 2"، وهو نص لحسن يوسف، وقد قدمه كمخرج فذ في الساحة الفنية.
وفي عام 2001 أخرج مسلسل "الأرواح المهاجرة"، المقتبس عن رواية "بيت الأرواح"، للكاتبة العالمية إيزابيل أليندي. وكان عام 2002 غنيّاً بالأعمال لـشوقي الماجري، فأخرج المسلسل التاريخي "عمر الخيام"، الذي نال عنه إعجاب الجمهور والنقاد، من كتابة غسان جباعي، كما عمل على مسلسل "تاج من شوك" وهو عملٌ درامي تاريخي، من تأليف وحوار رياض عصمت، وفي العام نفسه أخرج مسلسل "الإجتياح"، سيناريو وحوار رياض سيف، كما حصل على جائزة إيمي العالمية عن فئة المسلسلات الطويلة.
عاد في عام 2006 للعمل على مسلسل "أبناء الرشيد"، الذي نال أيضاً إعجاب النقاد، ونال المسلسل الجائزة الذهبية في مجال الدراما التاريخية في مهرجان القاهرة العربي عام 2006، من كتابة وسيناريو غسان زكريا وغازي الذيبة.

وبعد عامين أخرج المسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور"، الذي يروي فترة حكم الخليفة العباسي، من كتابة محمد البطوش، كما عمل على مسلسل "أسمهان"، الذي يسرد قصة حياة الفنانة الراحلة أسمهان، وقد حقق العمل نجاحاً كبيرا، ًوهو من مساهمة 4 كُتّاب.
خلال عام 2009 أخرجشوقي الماجريمسلسل "هدوء نسبي"، الذي عُرض خلال شهر رمضان، من تأليف خالد خليفة، وبعد عامين أخرج مسلسل "توق"، وهو عن رواية للأمير بدر بن عبد المحسن، وقد حقق العمل ضجةً وشهرةً واسعتين.
في عام 2012 أخرج مسلسل "نابليون والمحروسة"، الذي يحاكي الحياة السياسية والإجتماعية خلال الحملة الفرنسية على مصر، والعمل عُرض خلال شهر رمضان، وهو من كتابة عزة شبلي. وفي العام نفسه قدم أول عملٍ سينمائي بعنوان "مملكة النمل"، والذي ساعد بتأليفه رفقة خالد طريفي، والعمل يروي معاناة الشعب الفلسطيني وحياتهم تحت الأرض وبالسراديب، كما يحاكي قصة ثلاثة أجيال من الفلسطينيين الذين يُقاومون، ولكل جيلٍ طريقته، وبصورة تجمع ما بين إبداع خيالشوقي الماجريوالواقع المر .
كما أخرج مسلسل "حلاوة الروح" الذي عرض عام 2014، من كتابة رافي وهبي، بالإضافة الى مسلسل "سقوط حر" عام 2016. ومن أخر أعماله مسلسل "دقيقة صمت"، الذي عرض في رمضان عام 2019.

جوائز


-جائزة أدونيا خلال عامي 2008 و2009، كأفضل مخرج عن مسلسلي "أسمهان" و"هدوء نسبي".
-جائزة إيمي كأفضل مسلسل أجنبي، عن مسلسل "الإجتياح".

حياته الشخصية

حياة شوقي الماجري كانت بعيدةً دوماً، عن فضائح الإعلام والمناكفات السطحية، وقد تزوج من الممثلة الأردنية صبا مبارك عام 2003، وله منها طفل وحيد إسمه "عمار"، وُلد يوم 28 آذار/مارس عام 2004، ولكنهما إنفصلا لاحقاً عام 2004.
وعند زواجه من مبارك، وطلاقه منها وتعاونهما الفني معاً، لم تصدر أي تصريحات عدوانية من الطرفين، بل كانت علاقة عاطفية مثالية وبعيدة عن الإعلام.

إنتهت رحلته بـ"دقيقة صمت"

صُدم الوسط الفني بالرحيل المفاجئ لـشوقي الماجري،​ يوم 10 تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، إثر أزمة قلبية في العاصمة المصرية ​القاهرة​ عن عمر ناهز الـ57 عاماً، تاركاً بصمته الخاصة في الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي أخرجها.
وفي تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته، أوضح محمد إبن شقيقة الراحل، خلال حديث تلفزيوني أن الماجري الذي كان مقيماً في القاهرة أصابته وعكة صحية، وتم نقله إلى المستشفى في ساعة متأخرة من ليل 9 تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، وقد أصيب بذبحة في مدخل المستشفى فارق على إثرها الحياة.
وأضاف أن صبا مبارك هي من أعلمت العائلة بالخبر، مشيراً إلى أن عمار، إبن الفقيد، يعيش مع والدته في الأردن.
ووري جثمانه الثرى بمقبرة الجلاز في العاصمة تونس، بعد صلاة عصر يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، بحضور زوجته السابقة صبا مبارك وأفراد أسرته، وعدد كبير من الممثلين والاعلاميين التونسيين .
ولفّ جثمان الراحل بالعلم التونسي، وزيّن بباقات الورود والأزهار.
ظلّشوقي الماجريمنكباً على الإخراج حتى وفاته، لتنتهي رحلته بـ"دقيقة صمت".