بعد سنوات طويلة من أدائه الشخصيات الكوميدية، والتي زرع من خلالها البسمة على وجوه المشاهدين، نقلة نوعية قام بها الممثل اللبناني وسام صباغ في مسيرته الفنية الناجحة، وذلك من خلال تقديمه مؤخراً عدداً من الأدوار التراجيدية، والتي فاجأ بها الجمهور من ناحية أدائه المتقن.

ويبدو أن وسام يستكمل هذه النقلة اليوم من خلال دوره في مسلسل "هند خانم" الذي يشارك في بطولته، ومن المقرر عرضه قريباً، ومن هنا كانت لنا هذه المقابلة معه للتحدث أكثر عن دوره الجديد، وعن المسلسل بشكل عام، إضافة إلى مواضيع أخرى.

ما هو الجديد الذي ستقدمه من خلال دورك في مسلسل "هند خانم"؟

الشيء الجديد الذي سأقدمه لا يشبهني، فالشخصية التي ألعبها هي نقيض شخصيتي كوسام، وعندما يخرج الشخص من ذاته ويقدم شخصية لا تشبهه، هنا يكمن التحدي بالنسبة للممثل الذي عليه أن يأخذ من مشاهداته لشخصيات عايشها في حياته، ويستخدمها في شخصيته الجديدة من دون أن يشعر، ويوظفها لأداء الدور المطلوب منه.

ماذا تخبرنا عن الدور الذي تؤديه؟

"سليم" هو شخصية إنتهازية، وليس هناك في الحياة شرّ مطلق، بل هو يكون وليد ظروف معيّنة مرّ بها الشخص ونشأ فيها، فكونت لديه نقصاً وعقداً معيّنة، وعندما جاءه الظرف لينتفض على واقعه إستغله.

سليم كان إنساناً مقموعاً نوعاً ما، وعندما سمحت له الظروف بأن يثبت نفسه أمام المجتمع وعائلته "دعس على كل شي"، على العائلة والروابط الموجودة في عائلته فقط ليثبت أنه شخص موجود وقويّ. هذا هو سليم، وهو محور الكثير من الشخصيات الموجودة في حياتنا.

ما الذي شجعك على خوض هذا الدور في المسلسل؟

هو دور مغرٍ بالنسبة لي، ويثبّت خطواتي في عالم التراجيديا، فعندما يعمل الممثل لسنوات طويلة في الأدوار الكوميدية، فإنه من الصعب جداً قيامه بهذه النقلة وإقناع المنتجين والمخرجين به، قبل أن يقتنع به الجمهور، لأنهم هم من سيعطونه الفرصة.

وأنا تعبت كثيراً لأقوم بهذه النقلة، وبدأت نوعاً ما بشكل محدود، إلى أن أخذت حجمي، ومسلسل "ثورة الفلاحين" كان من الأعمال التي نقلتني نوعاً ما، مع العلم أن دوري كان دور ضيف، ولكني تمكنت من تقديم شخصية لفتت المشاهدين.

هل هناك من قضية معيّنة يطرحها مسلسل "هند خانم"؟

العلاقات الإنسانية والمصالح وقصص الحب، هو مرآة لمجتمعنا وللعلاقات التي يعيشها الإنسان.

بالنسبة للنقلة من الكوميديا إلى التراجيديا، ألم تخف من أن لا يتقبلك الجمهور أو أن يكرهك؟

كلا، لم أخف، لأني زرعت محبة في قلوب الناس لفترة طويلة، حتى من خلال البرامج التي كنت أقدمها، كانت تتضمن شقاً إنسانياً.

وعلى العكس، فأنا اليوم أشعر أن الناس يقدرون ما أقدمه بشكل كبير، فمثلاً في مسلسل "العودة" الشخصية التي قدمتها لم تكن قريبة إلى القلب كثيراً، ولكن ما قمت به وقدمته في هذه الشخصية قدره الناس كثيراً، والأمر نفسه بالنسبة لشخصيتي في مسلسل "ما فيي 2".

قلت سابقاً إن أحد الأسباب التي جعلتك تقوم بهذه النقلة اليوم هو أنك ظلمت بحصرك في الأدوار الكوميدية، ولكن هل لهذه النقلة أسباب مادية، بمعنى أن لا تكون فرصك بالعمل محصورة فقط في الكوميديا؟

لا علاقة للأمور المادية أبداً، لأنني كممثل تخصصت في الجامعة اللبنانية بدراسة المسرح، واليوم أكمل دراستي كماجستير، والممثل يشعر بظلم عندما يكون محصوراً بلون واحد، وعليه أن يؤدي كل الشخصيات.

وبرأيي أن الممثل الكوميدي لديه إضافة في شخصيته، وهي أنه عندما يلعب التراجيديا، يلعبها بإحساس صادق جداً، لأنه معتاد على الدخول إلى قلوب الناس في الكوميديا.

وأهم النجوم العالميين واللبنانيين والعرب لعبوا النوعين من الأدوار، منهم تشارلي تشابلن، شوشو وعادل إمام، فتخيّل أن يكون الممثل محروماً من خط مهم وأساسي في التمثيل والذي هو التراجيديا.

لماذا تأخرت في أخذ هذا القرار؟

لأن الإنسان مع الوقت يصبح أكثر وعياً، فأنا كان كل هاجسي أن أضحك وأفرح الناس، والكوميدي لديه رسالة ليست فقط أن يضحك الناس، بل أن يغيّر مزاج ونفسية الحاضرين وخصوصاً في بلد مثل لبنان مليء بالأزمات، وليس هناك من إنسان لا تتطور آراؤه وتتغيّر، فأنا مع الوقت نضجت، وقلت إنني خدمت لسنوات طويلة في الكوميديا، فلماذا لا أكون أنا شخصياً سعيداً لناحية ثقتي بنفسي ورأيي بنفسي.

في حال تلقيت اليوم عرضاً لدور كوميدي، هل ترفضه أم تقبله؟

طبعاً لا أرفضه، لأنني أعود وأقول إنني ثبّت قدمي في المكانين، وأصبحت "جوكر" أستطيع أن أكون في أي مكان.

هل ستشارك في الجزء الثالث من مسلسل "ما فيي"؟

حتى الآن ليس هناك من تفاصيل إن كانت شخصيتي ستستمر في هذا الجزء الجديد من المسلسل، ولم يتم بعد التواصل معي بشأن هذا الأمر، مع العلم أن شخصية "علاء" التي قدمتها في العمل كانت من الشخصيات التي تركت أثراً جميلاً، خصوصاً أنها قدمت علاقة حب غير تقليدية بين شخصين ناضجين وهما الممثلة الرائعة إلسا زغيب وأنا.

هل أنت مع وجود الجزء الجديد من المسلسل؟ أم أنك تفضل التوقف عند الجزء الثاني؟

دائماً نقول إنه إن كانت هناك أفكار قادرة على تغطية جزء ثالث أو رابع أو عاشر فليست هناك مشكلة، المهم أن تبقى الأفكار قادرة على التنويع، فهناك الكثير من المسلسلات الأجنبية إستمرت لعشرات السنين.

إضافة إلى مسلسلك الجديد "هند خانم"، هل من أعمال أخرى تحضر لها؟

هناك تواصل معي حول أكثر من عمل، ولكن لم نصل بعد إلى نتيجة معيّنة، إلا أني أستطيع أن أقول إنها أعمال في جو التراجيديا، وأنا سعيد جداً أنني أصبحت مطلوباً لهذا النوع من التمثيل.

أنت ناشط على السوشيال ميديا بطريقة ساخرة من الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان، هل لديك مشكلة في التعبير عن رأيك السياسي؟

أنا أعبّر عن رأيي حول كل شيء يوجعني كمواطن لبناني، بطريقة فيها سخرية، والتي هي أسلوب يستخدم لإيصال نقد معيّن من خلال الوجع ولكن ببسمة، وهذا أسلوب أستخدمه وأجده يصل إلى كل الناس، لأنني دائماً أفكر بأن اللبناني لا تنقصه المشاكل والهموم، ومن النادر جداً أن أكتب خبراً سلبياً، وأنا أتجنب هذا الأمر.

وفي الوقت نفسه، دائماً ما أحاول أن لا أدخل في موضوع تنقسم حوله الآراء، وإنما أحاول أن أكتب شيئاً يكون مشتركاً، نوعاً ما، عند كل الناس.