أصبح واضحاً اليوم أن الدراما التركية تفوقت على الدراما في الشرق الأوسط، خصوصاً عندما يبدأ الموسم الدرامي التركي، فيفضل معظم المشاهدين في لبنان والوطن العربي متابعة أعمالهم، حتى لو بدأ عرض مسلسلات محلية في الوقت عينه.


وقد جذبت المسلسلات التركية المشاهدين لعدة أسباب سنذكرها تباعاً:
أولاً مدة الحلقة: ففي حين لا تتجاوز الساعة في المسلسلات اللبنانية والعربية، فهي تدوم لأكثر من ساعتين في المسلسلات التركية، وكل حلقة من أي مسلسل تركي تشهد عدة تغييرات وأحداثاً نفتقدها في أعمالنا.
ثانياً الثنائيات المختلفة: معظم المسلسلات التركية تركز على عدة قصص بين العديد من الثنائيات، فلا تدور قصة العمل فقط حول البطلين.
إضافة إلى ذلك نادراً ما يجتمع ثنائي في عملين متتاليين، ويركز المنتجون على التنويع، وخلق ثنائيات جديدة تشغل العالم، فينجحون في كل مرة، حتى أن أخبار إرتباط البطلين تنتشر مع كل مسلسل، علماً انها لا تكون صحيحة في معظم الأوقات.
ثالثاً السرعة في التنفيذ: صحيح أن المسلسلات التركية تطول كثيراً، ويتم العمل فيها لأكثر من موسم، لكن المدة الزمنية التي يفصلون بها الموسم الأول عن الثاني هي قصيرة، على عكس الدراما اللبنانية والدراما العربية إذ يكون الجزء التالي بعد سنة تقريباً من الجزء الأول، فينسى المشاهد تفاصيل العمل.
رابعاً تلاؤم محتوى الحلقات مع الأجواء العامة في البلد: لاحظنا ذلك مثلاً في مسلسل "إبنة السفير"، إذ أشاروا خلال الحلقات إلى إنتشار فيروس كورونا، وبرروا عدم نقل إحدى الشخصيات الى المستشفى خوفاً من إصابته بالفيروس، هذا الأمر لا نراه في أعمالنا لأنها تصور قبل فترات طويلة من عرضها.
خامساً الجرأة التي يبحث عنها المشاهد اللبناني والعربي في المسلسلات التركية وينتقدها في المسلسلات اللبنانية والعربية، فيستمتع الجمهور بأجرأ مشاهد الحب بين الأبطال الأتراك وينتظرها من أسبوع إلى آخر، في حين يخاف المنتج اللبناني والعربي من تقديم مشهد قبلة في العمل خوفاً من حظر المحطات لأعماله.
سادساً التنوع والخيارات الكثيرة: موسم الدراما في تركيا لا يمكن ان ينطلق بتقديم أقل من 10 أعمال على كافة المحطات، فلا يتم حصر المشاهد بعمل أو إثنين ولا بنوع أو نوعين من الأعمال، فمتابع الدراما التركية يحتار ماذا يختار بين المسلسلات الكوميدية الرومانسية، والتي منها "أنت أطرق بابي" و"السيد الخطأ" و"في السراء والضراء"، أو الدراما التشويقية في "إبنة السفير" و"حياة جديدة" و"علي رضا"، أو حتى مسلسلات تتناول القصص العقائدية والحب والإنتقام، منها "زهرة الثالوث" و"كان يا مكان في شوكوروفا" المعروفة أيضاً بـ"مرارة الحب"، إلى جانب الأعمال الأخرى التي حصدت نجاحات كبيرة، منها "السد" و"الحفرة" و"الطبيب المعجزة" و"التفاح الحرام". نعم كل هذه الأعمال تعرض في الوقت عينه، أما محطاتنا فتُلزمنا بعمل وحيد "بعد نشرة الأخبار المسائية"، أو بثلاثة أعمال أو أربعة في شهر رمضان المبارك.
لا زالت طريقنا طويلة لمنافسة الدراما التركية، علماً أن ممثلينا أكفاء ولدينا مواهب كبيرة، لكن الإنتاج الضعيف جعل الدراما اللبنانية والدراما العربية تتراجعان، ما يجعلنا ننتظر بين الحين والآخر عملاً وحيداً على مستوى عالٍ ننبهر فيه، في وقت يجب أن تكون كل أعمالنا مثله.