سمير يزبكصاحب حنجرة قوية وفنان تشرّب أصالة وصدح صوته بالعنفوان، هو أحد أعلام الغناء اللبناني الذي غنّى المواويل، وينتمي إلى جيل عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي، منهم وديع الصافي، نصري شمس الدين، صباح، جوزيف عازار وعصام رجي.


ملحم بركات قال عنه: "صوتٌ جميلٌ جداً وكان صاحب اسم كبير، وقد إبتدينا سوياً أنا وسمير يزبك وإيلي شويري وعصام رجي، وقد لعب سمير دوراً مهماً جداً على الصعيد الفني، فلم تكن هناك أصوات بهذا الشكل بعد وديع الصافي".
إشتهر بموال "موجوع"، الذي غناه الكثير من الفنانين في حفلاتهم، وسجلته لاحقاً الفنانة اللبنانية نجوى كرم كنوع من التكريم لهذا العملاق، وهو من كلمات الشاعر الزجلي زين شعيب، ولا زالت أغنياته ذات الطابع الشعبي اللبناني تتردد ويغنيها أغلب الفنانين في إطلالاتهم التلفزيونية والإذاعية وحفلاتهم، إنه الفنان الكبير الذي ابتعد في أوج عطائه ولم ينل تكريماً سوى من بلدته رمحالا.

نشأته وبداياته
سمير يزبكمغني وملحن لبناني إشتهر بصوته الجميل وحنجرته القوية، ولد عام 1939 ببلدة رمحالا قضاء عاليه في جبل لبنان، وهو من الناعمة، وبدأ مسيرته الفنية بعمر 16 عاماً.
نشأ في منطقة برج البراجنة حيث كان أهله يسكنون، وكان يزور بيت عمّه في بلدة الناعمة، أما في بلدة رمحالا فكان بيت جدّه. تعلّم في مدرسة مار الياس شويا، وكان يرنم مع فرقة الكنيسة في القداديس، وكانت والدته تتمتّع بصوت جميل وهي من حفّظته موال "عشنا يا ليلى"، ومن هنا جاء عشقه للفن والغناء، ووهبه الله صوتاً جميلاً رخيماً، فكان يغنّي من عمر 7 سنوات، وكان كلّ من يسمعه يشيد بقوّة صوته وحنّوه، ثمّ دخل المعهد الموسيقي الكونسرفتوار، وفي الوقت نفسه عمل مزيّناً في صالون جوزيف عتيق للنساء.

إنطلاقته
لعب الحظ والقدر دورهما معه، فقد حضرت السيدة فيروز ذات يوم إلى الصالون، وكانسمير يزبكيصفف شعرها، فقال لها جوزيف: "أريد أن أُسمعك صوتاً على المسجّلة"، وأسمعها الصوت فذهلت وأعجبت به جدّاً، فقال لها: "إنّ هذا الصوت هو صوت سمير الذي يقوم بتمشيطك"، وفوراً، إصطحبته السيدة فيروز إلى الأخوين رحباني وبدأ العمل معهم في الكورال عام 1961، ويقول إنه يفتخر بهذه المرحلة التي أفادته جدّاً وأصقلته صوتاً وموسيقى.
ثمّ تقدّم إلى إذاعة لبنان بأغنية الراحل وديع الصافي "لبنان يا قطعة سما"، وفاز بالمرتبة الأولى، وتابع في صقل موهبته بالدراسة الأكاديمية فإلتحق بالكونسرفتوار ودرس على آلة العود.

أعماله بين الغناء والتلفزيون والمسرح والسينما
في رصيده أكثر من 300 أغنية وعشرات الأعمال المسرحية، ومن هنا بدأت مسيرته الفنية، فقد غنى بأداء موجع قصيدة "شحّاد" للشاعر الزجلي زين شعيب الذي أعطى يزبك أولى أغانيه بعدما اجتاز إمتحان إذاعة لبنان الرسمية: "طول غيابك يا حلو" وتلتها أغنية "روحي وروحك يا حلو"، وأغنية "يا مصور صور لبنان".
وأغنيات لا زالت تتردد وتبث وهي "الزينة لبست خلخالها"، "هزي بمحرمتك هزّي"، "يا أعند حلوة بالحي"، "دقي دقي يا ربابة"، "إسأل عليّ الليل يا حبيبي"، "ويلي ويلي من حبن ويلي" و "خدني معك" "لو بتشك براسك ريش" و "يا حوا راح اللي راح" "يا جارح القلب" "مرحب مرحب"، "قولو معي" "حلمت بحورية" "عيد العيد بعيدك" "حني حني يا حنونة" "قلها للحلوة قلها "يا طير اللي عالشجر" "الجبلية" "يا كاشف الأسرار" "كانت صغيرة" "عيونا بلون الدوالي" "يا مهندس" "عرم يا جوب" وموال "موجوع" هي أشهر أغنيات سمير يزبك.
كما أن سمير يزبك شارك بفيلمين سينمائيين، هما "حبيبتي" و"الصحافية الحسناء".
وفي التلفزيون إشترك في حلقات مع أبو ملحم، وكذلك في سهرات مع نجيب حنكش وغيره.

مسرحيات مع روميو لحود
عام 1963 تعرّفسمير يزبكإلى الملحن الكبير روميو لحود، وأصبح بطلاً في مسرحياته، ومعظمها عُرض في بعلبك وبيت الدين والأرز، ومن هذه المسرحيات الغنائية: "الشلال"، و"القلعة" و"الفرمان" وغيرها، وبقي مع لحود حتى عام 1970.
كانت المرحلة الذهبية من الستينيات إلى عام 1975 ، وعند نشوب الحرب اللبنانية، انتقل إلى سورية حيث كُرّم بشكل كبير من الدولة السورية والشعب الذي كان يردّد أغنياته بشكل كبير، وقدم أغنية "يا بلادي" من كلمات الشاعر عيسى أيوب وألحان سهيل عرفة، ولقي وفاء متبادلاً، وصار الشباب في سوريا يرددون أغنياته ويحفظونها، ولا زالت تذاع في الفترات الصباحية.
وكانت أغنية "دقي دقي يا ربابة" هي الأحب إلى قلبه، من كلمات وألحان روميو لحود، وحازت شهرة عربية وعالمية، مع العلم أن أغنية "إسأل عليّ الليل يا حبيبي" من الأغنيات المهمة جدّاً، كما أنه يعدّ من الأوائل في الموشّحات والمواويل.


معلومات قد لا تعرفونها عنه
صرحت رئيسة تحرير موقع الفن هلا المر في إحدى مقابلاتها الإذاعية، التي خصصت لتكريم سمير يزبك بمعلومات قد لا يعرفها العديدون عنه، ومنها: "أن سمير يزبك هو من اكتشف الفنان ​جورج وسوف​ عندما جلس جورج بين أحضا​​​​​​​ن سمير حين كان طفلاً وغنى، وأول ألبوم قام به جورج وسوف كان لسمير يزبك حيث غنى أغانيه وهي "يا أعند حلوة بالحي" و"سألتا من وين" و"يا موسيقى يا حنونة"، وعاد سمير وعرّف جورج على الملحن جورج يزبك الذي أعطى الوصوف أجمل أغانيه.
كما أن الفنان اللبناني أمير يزبك كرم كلاً من سمير والشاعر والملحن جورج يزبك، الذي قالت عنه المر إنه رحل "مرور الكرام".
وقالت المر إن سمير كان متمسكاً بالفن الأصيل، وأخذ لحنين من الراحل الملحن ​جورج يزبك"، وعانى من الكآبة في آخر فترة من حياته.

​​​​​​​حياته الخاصة
وهو متزوج من السيدة حنان وله إبن وإبنة، توقف صوته عن الغناء جراء عملية جراحية قبل عدة سنوات من وفاته، لكن أغانيه بقيت في حناجر محبّيه في لبنان والعالم العربي، وظل سمير يزبك من احد الرموز الاساسية للعصر الذهبي، هو من عاش حياته للفن فقط بعيدا عن المادة، فأغنى التراث اللبناني من كل جوانبه.

مرضه ووفاته
بعد إصابته بسرطان الحنجرة الذي منعه من الكلام، ثم تطورت حالته للأسوأ في الأسابيع الأخيرة من حياته، كانسمير يزبكطريح الفراش قبل أشهر من وفاته، ويتلقى علاجات دورية في ​مستشفى​ الجامعة الاميركية في بيروت، الا ان أحداً لم يكلف نفسه عناء السؤال عن هذا المبدع الذي حمل لبنان بحنجرته التي تأثرت بالمرض، فباتت مبحوحة بعدما صدحت بأجمل الاغنيات، ولكن من ضمن القلائل الذين إهتموا بصحته، كانت الشاعرة والمنتجة ندى عبد النور، إبنة الشاعر الراحل منير عبد النور، التي تواصلت مع مدير تحرير موقع الفن الزميل جوزيف بو جابر، وطلبت منه أن يهتم بمتابعة أخباره ونشرها، وهكذا كان.
وخلال لقاء معسمير يزبكمع الصحافي سليمان أصفهاني لمجلة "نادين" قال يزبك :"لم ننتظر يوماً ان يرد وطننا الجميل لنا طالما كنا نضحي ونغني ونتحمل ويلات الحروب والازمات لم نطلب شيئاً على الاطلاق، كثر رفعوا اسم لبنان ولم يطلبوا شيئاً، فمحبة الناس كانت تكفي، وربما هذه هي المواساة لاي مبدع يشعر بالغبن".
وأضاف: "ان المرء حين ينظر الى الآخر ويشعر انه بحاجة الى المساندة عليه ان يقدم عليها، ولا ينتظر ان يطلب منه من داخل الازمة ولو الوقوف المعنوي الى جانبه"، وقال "انا رايح على المستشفى صلولي ورعاية الله وحب الناس مطمني كتير".
لكن الحقيقة المؤلمة أنه منذ عودته إلى لبنان بعد انتهاء الحرب، كان يعاني في صمت، ولم يظهر سوى في إطلالات تلفزيونية قليلة من وقت إلى آخر، ولم يسأل عنه أو يكرمه أو يهتم بمتابعة مرضه سوى المقربين والمحبين.
توفيسمير يزبكعن عمر ناهز 77 عاماً صباح يوم الاثنين 22 آب 2016 داخل مستشفى قلب يسوع في بيروت بعد صراع طويل مع المرض، وتلقت عائلته تعزية خاصة من الرئيس السوري بشار الأسد نقلها إلى عائلته السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي تقديراً لعطاءاته.

تكريم
نظّم نادي رمحالا في تشرين الأول/أكتوبر عام 2013، بالتعاون مع أبناء البلدة على شرفسمير يزبكإبن رمحالا، حفلاً تكريمياً وإزاحة الستار عن مُجَسّمٍ له برعاية وزير الأشغال العامة والنقل في وزارة تصريف الأعمال حينها غازي العريضي. حضر الحفل حشد من الفعاليات الرسمية، الاجتماعية، رجال الدين والاعلاميين إلى جانب اهالي البلدة وعائلته وكل من ساهم في هذا الحدث.
يذكر أنه لم يتم تكريمه بوسام خاص من رئاسة الجمهورية، نظراً للفراغ الذي كان يطال منصب الرئاسة عند رحيله، إذ كان يتم عادة تكريم الفنانين، بعد رحيلهم بوسام خاص من رئيس الجمهورية بإسم الجمهورية اللبنانية.