تُعد الفنانة المغربية رجاء بلمليح واحدة من أفضل الأصوات النسائية العربية، إمتلكت صوتاً جميلاً وناعماً وإمتازت بقدرتها على غناء جميع الطبقات والمقامات الصعبة.

ولدت يوم 22 نيسان/أبريل عام 1962 بمدينة الرباط في المغرب، وتخرّجت من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وحصلت منها على إيجازة في الأدب العربي من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، كما درست الشعر الجاهلي والعباسي والأموي والنهضة والحديث.

حافظت طيلة مشوارها الفني على صورة الفنانة المثقفة الراقية في تفكيرها ومظهرها ولونها الغنائي، ولم تنجر الى الإبتذال من أجل مسايرة موضة الكليبات، حتى أن التغيير الشكلي الذي ظهرت به للمرة الأولى عام 2001 في ألبوم "شوق العيون"، كان تغييراً "معقولاً" ومنسجماً.

بداياتها وشهرتها

تربّت رجاء بلمليح منذ الصغر على سماع الطرب الأصيل وأغاني عمالقة الفن، ومنهم أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب.

وتعود بداياتها إلى مطلع الثمانينيات، حين شاركت في مسابقة كبرى للغناء نظمت تحت إسم "أضواء المدينة"، بإشراف المنتج المغربي حميد العلوي، وإحتلت فيها المركز الأول.

بعدها شقّت طريقها الفني بالتعاون مع كبار الملحنين المغاربة، ومنهم المفضل العذراوي، أحمد البيضاوي، عبد القادر الراشدي، عبد الله عصامي وحسن القدميري، ومن الشعراء محمد حاي وعبد الرفيع جواهري وغيرهم.

عام 1987 أصدرت أول البوم لها "ياجار وادينا"، ضم عدداً من الأغنيات منها "مدينة العاشقين" و"الحرية"، و"أطفال الحجارة"، ثم أصدرت ألبوماً آخر بعنوان "هكذا الدنيا تسامح".

وفي مطلع التسعينيات إلتقت بالملحن المصري جمال سلامة، بمهرجان للأغنية في بغداد وأُعجب بصوتها وشجعها على تجريب حظها في مصر، وهو ما إستجابت له فعلاً، فكانت إنطلاقتها الجديدة بألبومات وأغانٍ عرفت نجاحاً وإنتشاراً كبيرين في العالم العربي، من بينها "صبري عليك طال" و"يا غايب"، لتتوالى تعاونها الفني مع ملحنين كبار، ومنهم حميد الشاعري ومحمد ضياء وحلمي بكر وصلاح الشرنوبي، قبل أن يفتح لها الخليج أبوابه أيضا، والإمارات التي حظيت بجنسيتها، بعد أن أصبحت الفنانة المفضّلة للشيخة فاطمة، زوجة مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

ولم تسمح رجاء بلمليح بأن تتحول الى مادة إعلامية تظهر بمناسبة أو من دونها، فكان ظهورها الإعلامي محسوباً، ولم تعرف عنها إثارتها لخلافات مع الفنانات الأخريات، حتى أنها لم تكن لديها علاقات واسعة مع الوسط الفن، بإستثناء صداقتها مع الفنانة السورية أصالة.

الجوائز

حصلت رجاء بلمليح على العديد من الجوائز وشهادات التقدير، ومنها شهادة تقدير من مهرجان الأغنية في ليبيا، وشهادات مماثلة من مهرجان القاهرة الدولي للأغنية، ومهرجان الموسيقى العربية بدار الاوبرا المصرية، ومهرجان الأغنية التونسية، وذلك في عامي 1995 و1996 على التوالي. وفي عام 1997 نالت جائزة مهرجان القاهرة الدولي الثالث للاغنية، كما مُنحت عام 1999 لقب سفيرة النوايا الحسنة لليونيسف.

زواجها

في منتصف التسعينيات، تزوّجت رجاء بلمليح من المنتج المصري محمد شرف الدين، وأنجبت منه إبنها "عمر"، وبحكم عمله في الإمارات، فقد إستقرت بعدها هناك، وتم منحها الجنسية الإماراتية، وبعدها أنتج لها زوجها ألبوم "حاسب"، ويعتبر هذا الألبوم هو الأخير في مسيرتها الفنية.

معاناتها مع السرطان ووفاتها

بعد أن أنجبت إبنها "عمر"، أُصيبت رجاء بلمليح بمرض سرطان الثدي، وأكد لها الأطباء في عام 2003، أن حالتها "ميئوس منها"، إلا أنها قاومت المرض وتعافت، وبعد 4 سنوات من شفائها هاجمها المرض مرة أخرى، ومن ثم إبتعدت عن الساحة الفنية.

وقد واجهت تجربتها مع المرض بشحاعة، ولعل أصعب اللحظات التي مرّت بها خلال فترة مرضها، كان تساقط شعرها وتغيّر ملامحها وإنخفاض وزنها، إلا أن الأصعب كان توقف لسانها عن الكلام بسبب العلاج الكيميائي.

وفي مستشفى الشيخ زايد بمدينة الرباط المغربية، وتحديداً يوم 2 أيلول/سبتمبر عام 2007، توفيت رجاء بلمليح عن عمر ناهز الـ45 عاماً.