هو من ألمع نجوم الشاشة المصرية في زمنها الذهبي، برز أوائل القرن العشرين في أفلام الأبيض والأسود، ونجح في الأدوار الكوميدية كما في أدوار الدراما التلفزيونية والشر، ترك ما يزيد عن 270 فيلماً و20 مسلسلاً منذ عام 1948 وحتى عام 2006، وتميّز بثنائيته مع فاتن حمامة وشادية والشحرورة صباح، كما بأفلامه إلى جانب إسماعيل ياسين.
تميّز كمال الشناوي بأناقته الدائمة ووسامته وجاذبيته، التي تضاف إلى موهبته التمثيلية العظيمة وإتقانه وتفانيه لفنه، وقد لُقّب بـ"دونجوان السينما"، وعُرفَ بولعه بالنساء ولكنهن كان يعشقنه فكان معشوقاً أكثر مما كان عاشقاً، وتعدد علاقاته العاطفية عدا عن زيجاته، أثر كثيراً فيما بعد على حياته الخاصة وأحدث خلافات بينه وبين زوجاته.
تزوج خمساً من أجمل النساء في حياته، من بينهن 3 ممثلات، كما أحب الفنانة المصرية شادية لكنه لم يتزوجها خوفاً من زوال الحب بينهما، إنه الأنيق نجم الشاشتين الكبيرة والصغيرة بلا منازع، والذي رحل بعد مسيرة طويلة من العطاء، إستمرت حتى آخر أيام حياته.

نشأته

ولد محمدكمال الشناوييوم 26 كانون الأول/ديسمبر عام 1921، بمدينة ملكال في السودان، وكانت وقتها السودان ومصر تشكلان معاً المملكة المصرية، ثم سافر مع والده إلى مصر وإستقر في مدينة المنصورة بمحافظة الدهقلية، وكان عضواً في فرقة المنصورة الإبتدائية، ونشأ وتربى في منطقة السيدة زينب، وتابع دراسته إلى أن تخرج من كلية التربية الفنية بجامعة حلوان، وإلتحق بمعهد الموسيقى العربية، ثم عمل مدرساً للرسم بمدرسة قصر الدوبارة.

إنطلاقته

إنتقلكمال الشناويلأسيوط، ودرس الرسم بإحدى مدارسها ومثّل مع أحد فرقها المسرحية. وقدمه حاكم أسيوط يومها المستشار الراحل إحسان مصطفى القاضي لشقيقه المخرج نيازي مصطفى، مما جعله يشارك في فيلم "غني حرب" مع إلهام حسني وليلى فوزي وفريد شوقي، وكان أول أفلامه وبداية إنطلاقته في السينما، ومن هنا قرر التفرغ للتمثيل وقدّم أول تجاربه التمثيلية، ثم شارك في بطولة فيلمي "حمامة سلام" و"عدالة السماء"، لعب فيهما دور البطولة مع شادية وكرّت سبحة أعماله وإنفصل لاحقاً عن نيازي مصطفى فنياً، ليكمل تعاونه مع أحد أشهر المخرجين وتلميذ نيازي مصطفى حسن الإمام، وبعدها أصبح نجم أفيش، فقدم عشرات الأفلام الأخرى، وختم مسيرته بفيلم "ظاظا" عام 2006، ودخل تجربة الإخراج لكنه لم يخرج إلا فيلماً واحداً "تنابلة السلطان" عام 1965.

أهم أعماله

من أشهر الأفلام التي لعب كمال الشناوي دور البطولة فيها: "وداع في الفجر"، و"قلوب العذارى"، و"من غير أمل"، و"الوديعة"، و"بين قلبين"، و"غرام مليونير"، و"معا إلى الأبد"، و"الأرض الطيبة"، و"الأستاذة فاطمة"، و"الكرنك"، و"المرأة المجهولة"، و"الرجل الذي فقد ظله"، "اللص والكلاب"، "المذنبون"، "العوامة 70"، "الإرهاب والكباب"، "الحموات الفاتنات"، "سكر هانم"، "طأطأ وريكا وكاظم بيه"، "الواد محروس بتاع الوزير"، "ظاظا"، وأفلام أخرى عديدة تؤرخ لتاريخ تطور السينما المصرية والعربية.

جوائزه

حصل كمال الشناوي على جوائز عديدة، منها جائزة شرف من مهرجان المركز الكاثوليكي عام 1960، وجائزة الامتياز في التمثيل من مهرجان جمعية الفيلم عام 1992، بالإضافة لشواهد تقديرية عديدة في مصر وعدد من الدول العربية.

شهرته وتنافسه مع أنور وجدي

يعدكمال الشناويمن ضمن الجيل الثاني لنجوم السينما المصرية، وكان قد سبقه قبل سنوات قليلة من ظهوره عدد من الممثلين من الجيل الأول ، ومنهم أنور وجدي وعماد حمدي وحسين صدقي ويحيى شاهين، لكنه سبق في النجومية فريد شوقي ورشدي أباظة وشكري سرحان.
دخلكمال الشناويفي خلافات قوية مع أنور وجدي، بسبب تصريحات الأول ضد الأخير في الصحافة، مشيراً إلى أن وجدي مصمم على الظهور كشاب رغم سنه و"كرشه" الكبير، وعليه أن ينظر إليّ جيداً ليعرف كيف يكون الشباب والطلة الساحرة، وقد إتصل أنور وجدي بالشناوي بعد تلك التصريحات، ودعاه إليه لمقابلته في مكتبه، وكان الحديث ودياً وقال له أنور وجدي: "أرى فيك شبابي وكفاحي ومعاناتي التي عانيت منها في أول طريقي"، ورفع وجدي قميصه، وقال: "كرشي ليس بسبب زيادة وزني من الأكل، وإنما بسبب مرض وراثي سبب لي مشاكل صحية كثيرة"، ومن هنا إنفجر الشناوي في البكاء متأثرا بحالة وجدي الصحية، وطلب منه السماح ومنذ هذا الموقف أصبحا صديقين مقربين.

أسرار حفاظه على صحته ورشاقته

كانكمال الشناويمع مرور السنوات، يحافظ على لياقته، كما يحرص على حياة صحية فهو لا يسهر سوى يوم واحد في الأسبوع، وينام بين الحين والآخر على لوح خشبي، تجنباً للإنزلاق الغضروفي، ويصحو يومياً لممارسة رياضة المشي في حي الدقي بمدينة الجيزة، حيث يقطن.

كمال الشناوي المغني

كمال الشناويكان فناناً شاملاً، فمواهبه تنوعت بين الغناء والفن التشكيلي والتمثيل، وأيضا التدريس، وكان يتمتع بصوت عذب جميل وقد غنى ديو مع شادية في أغنية "سوق على مهلك"، ومع صباح "زي العسل"، ولكنه غنى على إستحياء، وكان من الممكن له أن ينافس كبار المغنين في تلك الفترة، لكن بعضاً من كبريائه جعله يبتعد عن هذا المجال، وينخرط فقط في التمثيل.


أغنية من ألحان فريد الأطرش لم تبصر النور!

لحن له الموسيقار فريد الأطرش أغنية مأخوذة كلماتها من قصيدة سورية ومصرية للشاعر حافظ إبراهيم، عندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا، والتي عثر عليهاكمال الشناويفأعجبته، وأسرع بها إلى فريد الأطرش وطلب منه أن يضع لها لحناً يغنيه، وسجلها وتدرّب عليها وقام ببروفاتها مع فرقة أحمد فؤاد حسن في منزل الأطرش.
وأشاد فريد الأطرش بصوت كمال الشناوي، مؤكداً أن له نبرات عذبة حنونة، وسيكون مفاجأة كبيرة في عالم الغناء ودنيا الطرب، وأسرع مدير الإذاعة وقتها للتعاقد مع الشناوي على أن يقدم 10 أغنيات في العام، ويختار المؤلف والملحن الذي يرغب في التعاون معه، وكان من المفترض أن يطل على الجمهور ويغني وسيقدمه للجمهور الأطرش، لكن الغريب أن هذا اللحن وتلك الأغنية إختفت في ظروف غامضة.
وهناك قصة أخرى حول سبب إبتعاده عن الغناء، على الرغم من أنه درس أصول الغناء أكاديمياً في معهد الموسيقى، تقول إنه تقدم للإذاعة وأجازوا صوته، لكنه إشترط عليهم عند إذاعة أي أغنية له أن يذكروا إسمه مسبوقاً بلقب الأستاذ، لكن هذا الطلب كان صعباً في التنفيذ، خصوصاً أن الإذاعة لم تتعود مثلاً أن تقول الأستاذ عبد الوهاب أو فريد أو عبد الحليم، فلم تتم الموافقة.


كمال الشناوي الرسّام

كانكمال الشناويفناناً في الرسم أيضاً، ولم يتخل عن عين الفنان التشكيلي، التي ظلت تلازمه في كل إختياراته الدرامية، ومنها التعبير باللون أو الهارمونية، وأيضاً التضاد بالألوان كلها تفاصيل من الممكن للممثل أن يعثر على معادل درامي لها في فن الأداء، وكان في صدد إفتتاح معرض له يضم كل لوحاته، وعددها 12، وتواجدت في منزله بعض لوحاته الأخيرة التي لم تكتمل، وكان هذا قبل ثورة 25 يناير عام 2011 في مصر، وكان يرغب فعلا الإنتهاء منها لإقامة أول معرض تشكيلي له، إلا أن أحداث الثورة أوقفت مشروعه بسبب قانون حظر التجوال، الذي واكب الأشهر الأولى للثورة، كما أن المرض كان قد إشتد عليه فلم يتمكن من إستكمال اللوحات.

علاقته بـ عبد الحليم حافظ

يقولكمال الشناويفي إحدى تصريحاته الصحافية: "كنت أرى في عبد الحليم حافظ صورة المطرب الناجح جماهيرياً مع الناس، ولا أدعي أنني كنت من الممكن أن أنافسه، وكنت من معجبيه ومتابعيه ومن شلة الأصدقاء، فهو في النهاية من نفس الجيل، ولا تنسَ أن أخي عبد القادر الشناوي تزوج من السيدة عليّة شقيقة عبد الحليم، كان يربطنا إطار عائلي واحد، وبالصدفة امتد هذا الرباط حتى الآن، ابني محمد تزوج ابنة عليّة شقيقة عبد الحليم".

حياته الشخصية

تزوّجكمال الشناويمن الفنانة الاستعراضية الراحلة هاجر حمدي، التي أنجب منها إبنه محمد، الذي يعمل مخرجاً، والثانية كانت عفاف شاكر، الأخت الكبرى للفنانة الراحلة شادية، رغم أنه جمعته علاقة حب بشادية، لكنه لم يتزوجها خشية القضاء على هذا الحب، وفق ما قاله إبنه في تصريحات إعلامية.
الزوجة الثالثة هي زيزي الدجوي، خالة الممثلة الراحلة ماجدة الخطيب، وأنجب منها علاء وإيمان، والزوجة الرابعة هي الممثلة المصرية ناهد شريف، وظل زواجهما سرياً لمدة 5 سنوات، حتى طلبت ناهد الطلاق منه، لأنها لن تفضل المكوث في منطقة الزوجة الخفية أكثر من ذلك، وعندما إنفصلا ومرضت بالسرطان، وقف الشناوي الى جانبها وعالجها في الخارج، وبكى على فراشها.
ولدى كمال الشناوي حفيدان يعملان في المجال الفني، وهما المغني نور الشناوي والممثل عمر الشناوي.

كتب سيرة حياته ورحب بعرضها بعد وفاته

رحّبكمال الشناويعكس العديد من الممثلين، بأن تُقدم سيرة حياته على الشاشة، لكنه قرر أن يكتب هو القصة والسيناريو، وأوصى إبنه المخرج السينمائي محمد الشناوي أن يتولى الإشراف على كل التفاصيل، كما كتبها بالضبط ومن البديهي أنه سيتضمنها أيضاً في أحداث الفيلم أو المسلسل، الذي يُقدمه عن أبيه.

مواقفه السياسية

لكمال الشناوي موقف سياسي عبّر عنه عندما وافق على أن يؤدي دور "خالد صفوان" في فيلم "الكرنك"، وكان المقصود بهذه الشخصية هو رجل المخابرات الأول في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وهو "صلاح نصر".
وعندما منع الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، فيلم "وداع في الفجر" عام 1956، من بطولة الشناوي وشادية لأكثر من 30 عاماً، بسبب ظهور مبارك في لقطتين، كقائد لسرب الطيران بالقوات الجوية ضمن أحداث الفيلم، غضب الشناوي كثيراً وصرح إبنه محمد في أحد حوارته الصحافية أن والده رفض أن يكرمه حسني مبارك مع عدد من كبار الممثلين، ومنهم فاتن حمامة ونجلاء فتحي ومحمود ياسين، بسبب منع الفيلم وأنه كان يرى في هذا التكريم محاولة للتباهي من جانب الرئيس، رغم إهماله الكودار الفنية منذ توليه رئاسة مصر، وقال إن رسالة والده الأخيرة قبل رحيله كانت المطالبة بمحاكمة مبارك وأعوانه بتهمة الفساد.

وفاته

توفي كمال الشناوي فجر يوم 22 آب/أغسطس عام 2011، عن عمر ناهز الـ90 عاماً، بعد صراع طويل مع مرض السرطان.