هايدي تمزالي، من سيدات تونس البارزات اللواتي تميّزن منذ بدايات القرن العشرين، ممثلة وكاتبة سيناريو، ولدت يوم 23 آب/أغسطس عام 1906، في كنف عائلة يهودية، من أب تونسي هو المخرج ألبير شمامة شيكلي، وأم إيطالية تدعى بينكا فيوري.

أول إمرأة تدخل مجال التمثيل في تونس

تصادف وقت عرض الفيلم القصير "زهرة" عام 1922، من بطولة هايدي تمزالي وإخراج والدها ألبير شمامة شيكلي، الذي يحكي قصة فتاة فرنسية تسقط من الطائرة، فتقع في إحدى القبائل البدوية التونسية، كما ينقل الفيلم تفاصيل الحياة البدوية في ذلك الوقت، كان المخرج الأميركي ريكس إنغرام في تونس، يصوّر فيلم عن البادية بعنوان "العربي" في جنوب تونس، فأحب أن يضم هايدي لفريق العمل في الفيلم، لكن والدها رفض في البداية خوفاً على إبنته، وبعد إلحاح منها وافق وأدت دوراً في الفيلم.

وبعد إنتهاء التصوير، طلب منها ريكس السفر إلى هوليوود، خصوصاً أن جمالها لا وجود له هناك وستكون مميّزة، لكن والدها رفض أيضاً بشده هذا العرض ومنعها من السفر، وكترضية لها جعلها والدها بطلة أول فيلم طويل له بعنوان "عين الغزال" عام 1924، وكانت هايدي تمزال هي من كتبت سيناريو الفيلم، ويُعتبر أول فيلم روائى طويل تونسي.

زواجها وتفرغها للكتابة

تزوّجت هايدي تمزالي من جزائري، وإنتقلت للعيش معه في الجزائر، وعندما عادت الى تونس تفرغت للكتابه، فكان لها عمود أسبوعي في جريدة "La Presse" اليومية فى تونس.

كما ألفت كتاباً عن الطبخ بعنوان " La cuisine en Afrique du nord"، في دول المغرب العربي، يحتوي على 444 وصفة من تونس والجزائر والمغرب، ومن بينها 33 وصفة مختلفة للكسكس.

وفي عام 1996 عندما كان عمرها 90 عاماً، إستطاع المخرج التونسي فريد بوغدير إقناع هايدي تمزالي بالعوده الى السينما، فشاركت في فيلمه "صيف حلق الوادي".

ثائرة على الذكورية

تُعتبر هايدي تمزالي رمزاً للنضال النسوي في تونس، وقد ثارت مبكراً على السينما الذكورية، وعلى إحتكار الرجل لمجال الإبداع الفني والسينمائي.

وفتحت بظهورها الباب لبروز عدد من المواهب النسائية، اللواتي كُنَّ أيضاً رائدات للتمثيل السينمائي في تونس، ومنهن حسيبة رشدي وفليفلة الشامية والزهرة فايزة، وغيرهن في فترة بدأت تونس تعرف فيها تغيرات مجتمعية جذرية، تزامنت مع صدور كتاب الطاهر الحداد "إمرأتنا في الشريعة والمجتمع"، ثم صدور مجلة الأحوال الشخصية التونسية، التي شكّلت في تلك الفترة صدمة إيجابية، هزت أركان الفكر الذكوري السائد وقتئذ.

وفاتها

توفيت هايدي تمزالي يوم 20 آب/أغسطس عام 1998، عن عمر ناهز الـ92 عاماً، ودخلت تاريخ تونس الفني، بأنها أول ممثلة في السينما التونسية.

تكريمها

بمبادرة من مؤسسة تونس للنساء والذاكرة، قدّمت الدورة 27 لأيام قرطاج السينمائية عام 2016، قسماً موازياً بعنوان "نساء وذاكرة"، هدفه إعادة الإعتبار لرائدات السينما التونسية، ومن بينهن هايدي تمزالي وفليفلة شامية وحسيبة رشدي والزهرة فائزة وجميلة عورابي.

وتتضمن القسم معرضاً لصور رائدات السينما التونسية، ووثائق تتعلق بهن وبمسيراتهن، وعرض مجموعة من الأفلام ومنها "زهرة" و"عين غزال"، اللذين قّدمت فيهما هايدي تمزالي دور البطولة.

هذا وبعثت مؤسسة تونس للنساء والذاكرة "جائزة هايدي تمزالي" لأحسن دور نسائي، في أقسام المسابقة الثلاثة للدورة 27 لأيام قرطاج السينمائية (فيلم طويل ـ فيلم قصير ـ أول عمل)، وتألّفت لجنة التحكيم من إلهام عبد الكافي وفاطمة بن سعيدان وليلى حجيج.

وبمناسبة مرور مائة عام على ذكرى ميلاد هايدي تمزالي، أي في عام 2016، نظّم نادي الطاهر الحداد بالعاصمة التونسية، بالتعاون مع جمعية "مؤسسة تونس للنساء والذاكرة"، مسامرة رمضانية، للتعريف بهذه الممثلة السينمائية وبأعمالها، بحضور إبنتها جويدة تمزالي.

وعُرض في هذا اللقاء فيلم "زهرة"، وهو أول شريط سينمائي من إنتاج تونسي عام 1922، من بطولة هايدي تمزالي.