تتركز أنظارنا اليوم في عيد إنتقال السيدة العذراء، على مشهد بيروت الحزينة المدمرة والمحروقة، التي تبكي شهداءها وضحاياها ومفقوديها، بعد الإنفجار الكبير الذي وقع في المرفأ يوم الثلاثاء 4 آب.

ننظر إلى السماء، ونهتف أن لا عدالة في الارض، بل في السماء فقط، هناك حيث النور يتجلى.
كثيرون قد يتوارد في أذهانهم أنه في لحظة الانفجار، لم تكن عين الله ساهرة على لبنان، ولم تأخذ العذراء مريم بيد اللبنانيين، ولكن العكس صحيح، فعند الساعة السادسة وخمس دقائق من ذلك المساء، العذراء مريم كانت حاضرة وبقوّة بشفاعتها وشفاعة إبنها يسوع المسيح.
مريم العذراء كانت حاضرة مع كل أمّ حمت أولادها، ومع كل ممرضة أنقذت أرواح أطفال ومسنين، ومع كل عاملة منزل كانت أسرع من تأثير الإنفجار، وسحبت من كان من أهل البيت أمام واجهات الزجاج.
كثيرون حمتهم السيدة العذراء من الموت داخل الكنائس والأديرة والمحلات وخلف الجدران وغيرها، أما الذين سقطوا ضحايا هذا الانفجار، فهي تعزي أهاليهم، تمسح دموعهم وتمدهم بالقوة، فبعد الموت هناك القيامة مع إبنها يسوع.
لم تتخلَّ مريم العذراء عن لبنان، وكيف تتخلى عنا وهي التي لها في لبنان الكثير من الكنائس التي تحمل إسمها، فهي بعد الانفجار، أمسكت بيد كل أم تطهو للعائلات المنكوبة، وكل شخص يمد يد العون ويهتم بالحملات الانسانية، وكل الصبايا والشبان الذين حملوا المكانس ليزيلوا الركام.
مريم العذراء في قلب كل إمراة تحمل الرجاء في داخلها، على الرغم من خسارة المرأة زوجاً أو إبناً أو إبنة أو أحداً من أقربائها.
علينا اليوم أن نصلي بخشوع، وألا نتخلى عن رجائنا، فالشر الذي يحوم من حولنا، يُبعده إيماننا، ويخفّف من آثاره.
في عيد إنتقال السيدة العذراء.. السلام عليكِ يا مريم، وسلام لكِ يا بيروت.


اللوحة بريشة الرسام اللبناني أنطوني عبد الكريم، تجسد صورة السيدة العذراء وهي تحمي لبنان، بمناسبة عيد إنتقالها إلى السماء.