عاصر كبار الفنانين وتألّق في أعمال الأخوين رحباني وزياد الرحباني، هو واحد من نجوم الزمن الجميل والذاكرة الفنية الراقية.
إمتلك أنطوان أو "مروان محفوظ"، وهي التسمية التي أطلقها عليه الراحل الكبير وديع الصافي، صوتاً جهاراً من الأصوات الجميلة، وصعبة التقليد، وذات خامة ملفتة تميزه بين مئات الأصوات.

بداياته

مروان محفوظ إبن بلدة المريجات البقاعية، الذي ولد عام 1942، ودرس أصول الغناء والموسيقى، في المعهد الموسيقي في بيروت على يد الأستاذ سليم الحلو، أطل من خلال برنامج "الفن هوايتي"، الذي كان يقدّمه رشاد الميمي على تلفزيون لبنان، وغنى في هذا البرنامج أغنية "طل الصباح"، لوديع الصافي، وأغاني أخرى.

مسيرته الفنية ومشاركته في مسرح الرحابنة

مسيرة فنية حافلة بالأعمال المميّزة تركها مروان محفوظ، وفي رصيده حوالى 157 أغنية، وأشهرهما "يا سيف عالإعدا طايل" و"خايف كون عشقتك وحبيتك"، اللتان غناهما في مسرحية "سهرية"، التي شارك في بطولتها إلى جانب الفنانين جورجيت صايغ وجوزيف صقر، من تأليف وتلحين الفنان زياد الرحباني.
ونذكر من أعماله المهمة أيضاً "حدا من اللي بيعزونا"، "بعدك يا لبنان الأخضر"، "حكيولي الحكاية"، "طال غيابك"، "القميص المخملي"، "مدري كيف جنيت"، "حلوة العينين"، "طلي من الليل"، "حالف لو شو ما صار"، "سرقني الزمان"، "غالي غالي يا وطني"، "يم الشال الليموني"، "لوما حاكيتك"، "تحت الشباك".
كما غنى لكبار المؤلفين والملحنين، منهم الأخوين رحباني، وديع الصافي، فيلمون وهبي، إلياس الرحباني، سهيل عرفة، جوزيف أيوب، عبد الفتاح سكر.
وكانت إنطلاقته نحو الإحتراف، بعد أن إستدعاه الأخوان رحباني وضماه إلى فرقتهما، فشارك في أول عمل مسرحي في بعلبك "دواليب الهوا" عام 1965، من بطولة الراحلين الكبيرين نصري شمس الدين والشحرورة صباح ومشاركة إيلي شويري، لتكّر بعدها السبحة والأدوار البارزة، ومنها "وكيل الكنّاسين" في مسرحية "الشخص"، و"خيال الكروم" في مسرحية "جبال الصوان"، ثم "أيام فخر الدين"، "صح النوم"، "يعيش يعيش"، "المحطة"، "ناس من ورق"، "قصيدة حب"، "هالة والملك".
ثم إنتقلمروان محفوظالى مسرح زياد الرحباني، ووجد له مساحة أوسع في مسرحية "سهرية"، لكن بعد إتخاذ زياد توجهاً سياسياً معيناً، توقف التعاون بينهما.

كما قدّم مسرحية إستعراضية خارج لبنان، بعنوان "نوّار"، كتبها الشاعر غسان مطر، ولعبت دور البطولة أمامه ملكة جمال لبنان والكون جورجينا رزق، وعُرضت في الكويت وأستراليا وسوريا والأردن.
وعمل أيضاً مع المخرج ريمون حداد في "بيت الدين"، مع مجموعة من الفنانين الكبار في مسرحيات كتبها إلياس الرحباني، إيلي شويري، وزياد الرحباني وغيرهم، وضمت هذه الأعمال الفنانين الكبار وديع الصافي، نصري شمس الدين، هدى حداد، جورجيت صايغ، ملحم بركات، إيلي شويري، مجدلا، لبيبة الشرقاوي، ونديم برباري.
ومن بين هذه الأعمال، نذكر "وادي الغزار"، "أيام صيف"، "جوار الغيم"، "مدينة الفرح"، "موسم الطرابيش".
وعن تعاونه مع الأخوين رحباني، قال مروان محفوظ في مقابلة مع موقع "الفن: "كانت تهمهم ​فيروز​ بالدرجة الأولى، بعد ذلك يبقى معهم نصري وفيلمون وفي بعض الأحيان وديع الصافي، "فنحنا إذا طلع بدَربُن شي كانوا يمرقولنا ياهن" ، لم يركزوا علينا لكن الفترة كانت ضرورية لأن ما تدرسه في المعهد الموسيقي هو نظريات وتصبح تطبيقية على المسرح، غنينا كل أنواع الغناء مع الأخوين رحباني، وهذا ما يثبت أقدامك في الفن أكثر وأكثر".
ولم تقتصر نجوميته على الغناء والمسرح فقط، إذ تعاون مع الأخوين رحباني سينمائياً، من خلال مشاركته في فيلم "سفر برلك"، كما شارك في فيلم "فتيات حائرات" مع الممثلة السورية إغراء.
أغنيته الشهيرة "يا سيف عالإعدا طايل" أصبحت نشيداً، وتُغنى في كل المناسبات الوطنية والحزبية.

قصة أغنية "سألوني الناس"

كشفمروان محفوظفي مقابلة مع موقع "الفن" أن أغنية "سألوني الناس"، والتي تعد أحد أشهر أغاني السيدة فيروز، كانت له في الأساس.
وأضاف: "أول ثلاث أغنيات لحّنها لي زياد هي "لو ما حبّيتك"، "يا حلوي يا ست الدار"، وأغنية "أخدوا الحلوين قلبي وعينيي"، التي أصبحت لاحقاً "سألوني الناس"، كنا دخلنا الستوديو لنسجل الأغنيات "وأصيب الأستاذ عاصي رحباني بإنفجار في الدماغ وقّفنا كل شي"، ومر شهران أو ثلاثة حتى تحسّنت حالة الأستاذ عاصي، وكنا نحضّر لمسرحية المحطة والأستاذ منصور أراد إكمال العمل وحده، فقال لي زياد "تعا ت نرجع نتذكر الأغاني"، فذهبت معه إلى منزله في الرابية وصار يُسمعني الأغاني منها "أخدوا الحلوين"، فسمع الأستاذ منصور والسيدة فيروز اللحن حين كنا نغني فنادوا زياد وقالوا له: "بدنا هيدا اللحن بس بدنا نغيّر الكلام، فقال لهما زياد "أنا عاطيه للأستاذ مروان وما بيصير هيك وهو صديقي وكنا سجلناه لو ما صارت القصة مع البابا"، فقالا له "إساله ما رح يقلك لأ مروان"، فأتى زياد إلي وقال لي "أول مرة الماما بدّا تغنيلي لحن واذا ما بدّك.." ، قلت له "لا ولو يا زياد انت عامل الكلام واللحن لعيونك خدها"، فقال لي "خلص راح آخدو وبعطيك لحنين أحلا منو"، فأعطاني "خايف كون عشقتك" و"يا سيف اللي عالإعدا طايل".. يعني أنه وفى بوعده بأفضل ما يكون".

مرض في الحبال الصوتية

في العام 1987، أُصيب مروان محفوظ بمرضٍ في الحبال الصوتية، ما أجبره على الإبتعاد عن الساحة الفنية لـ12 عاماً، قضى معظمها في كندا حيث تقيم عائلته، قبل أن يعود الى الغناء وإستمر فيه حتى الرمق الأخير، وكان آخر حفل له في دار الأوبرا في دمشق، يوم 28 حزيران/يونيو عام 2020.

فيروس كورونا ينهي حياته

توفيمروان محفوظيوم 25 تموز/يوليو عام 2020، في مستشفى الأسد الجامعي الحكومي في دمشق بسوريا، عن عمر ناهز الـ78 عاماً.
وبحسب معلومات موقع "الفن"، فإن محفوظ أُدخل إلى المستشفى بشكل إسعافي، بسبب تعرض رئتيه لضرر كبير، إضافة إلى حمى وسعال وألم في بعض أنحاء الجسم، ليتبيّن لاحقاً أنه مصاب بفيروس كورونا.
وفي الذكرى السنوية الأولى على وفاته، أي في 25 تموز/يوليو عام 2021، يُكرمه رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بمنحه وسام الإستحقاق اللبناني (الدرجة الثانية وسام فضي مع سعف).
سيبقى مروان محفوظاً في وجدان جمهور متذوّق ومتعطّش للفن الأصيل، ولصاحب "يا سيف عالاعدا طايل" بحنجرة العنفوان، الذي برومانسيته ردد طويلاً "خايف كون عشقتك وحبيتك".