خالد الشيخفنان وموسيقار بحريني من المبدعين الموسيقيين الخليجيين، غنى من ألحانه أهم الفنانين ومنهم عبد الله الرويشد وعبد المجيد عبد الله، عبادي الجوهر، لطفي بوشناق، كما إهتم بتلحين وغناء قصائد للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.


من أعماله "يود عليه، يا عبيد، البمبرة، نعم نعم، كلما كنت بقربي، حان الوداع بخاطري"، وغنى للعديد من كتاب الأغنية وكبار الشعراء في البحرين، ومنهم قاسم حداد، أدونيس وعز الدين المناصرة، كما قدم أغنية "عيناكِ" التي غناها بصوته ولحنها من كلمات الشاعر السوري الراحل نزار قباني، والتي نالت إستحساناً وتميّزت بلحنها الطويل والرومانسي، وكان للعود حصة وافرة فيها.

دراسته وبداياته
ولدخالد الشيخعام 1958 في البحرين، وتلقى التعليم الثانوي بمدارس البحرين وتخرج عام 1975، ويُعتبر من الفنانين الذين أسسوا قاعدة شعبية كبيرة لهم في الكويت، حيث عاش فيها لسنوات طويلة، لا سيما حين قرر دراسة الإقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الكويت، حتى السنة الثالثة (1975 – 1978)، إذ شارك في أواخر السبعينيات طلبة البحرين في جامعة الكويت في الأنشطة الفنية.
كان والده يعارض بشدة أن يتحول إلى فنان، ويقول له "أقبل بأن تلعب بالآلات الموسيقية، ولكن أن تتحول إلى فنان هذا ما لن أقبل به ولن يحدث". هذه الكلمات كانت تشكل الدافع له في إستكشاف الموسيقى وعمته "فاطمة" وقفت لتحميه خلال الوقوف على خط الزلزال، فإختار اللحاق بشغفه وولعه بالموسيقى ليطور معرفته ويتمكن من صنع موسيقاه، وإنضم إلى المعهد العالي للموسيقى الكونسرفاتوار في القاهرة ودرس التأليف الموسيقي لمدة سنة (1979 – 1980)، وهنا بدأ التصادم مع الوالد وأخذت عمته فاطمة زمام الأمور ولعبت الدور المهم في حياته، وكانت تجمع النقود من كل مكان وترسله له بالسر إلى القاهرة.
عملخالد الشيخموظفاً في إدارة التراث بوزارة الإعلام في البحرين، وفي العام 1980 حصل على الفرصة الفنية كملحن، حين كُلّف في تلحين وغناء "سهرة العطاء" التلفزيونية، من كلمات الشاعر فايق عبد الجليل ومن إخراج عبد العزيز المنصور، في حين تولت تمثيلها وقتذاك الممثلة الكويتية حياة الفهد إلى جانب الممثل السعودي إبراهيم الحربي، وكان لقائه يوسف الرافعي صاحب شركة النظائر فاتحة خير عليه عام 1982، ليبدأ رحلته مع إحتراف الغناء، وذاع صيته في التلحين في الخليج، بعد تلحينه أغنية "إشويّخ من أرض مكناس" للفنان البحريني أحمد الجميري، عام 1982.
في عام 1983 إتجه للغناء بصوته، وأصدر عمله الأول المعتمد على نصوص مكتوبة باللغة العربية، ضمن إيقاعات خليجية، وكان من أشهرها أغنية "كلما كنت بقربي".
وتميز خالد الشيخ بغزارة أعماله في السنوات التي تلت، فأصدر العديد من الألبومات منها "مدير الراح" 1984 و"كمنجة" 1986 و"أبو اسحق" 1988 و "غزالي" 1991 و"عطش النخيل" 1992 و"وجوه" 1997 و"مستحيل" 1998 و"مكان آمن للحب" 2000 و"رحلة الغجر" 2002" .

هوسه بالعود
بدأ الأمر حين أهداه صديقه جاسم خيري، أول عود في حياته ولاحقاً تحول ولعه هذا إلى مرحلة الهوس بإقتناء الأعواد، لكنه تخلص من هذا الأمر، وأصبح يرى أعواده أمامه خشباً مسندة.

مسيرته التلحينية
شارك خالد الشيخ في تلحين الأعمال الدرامية والإستعراضات وتأليف الموسيقى التصويرية في الأعمال التلفزيونية، ولحن عدداً من السهرات والمسلسلات التلفزيونية، كما شارك في تلحين عدد من الإستعراضات، وله مشاركات في العديد من المهرجانات والمؤتمرات.
أُختير محكِّماً في أكثر من برنامج معنيّ بإكتشاف وإطلاق المواهب الغنائية المتميّزة في العالم العربي، وله مشاركة مميزة مع نجوم العالم العربي، في العرض المسرحي "أصوات قلبت العالم".

تميّزه بتلحين القصائد
خاض خالد الشيخ في معظم تجاربه مغامرات غير متوقعة، مثل عمله على مرثية مالك ابن الريب "ولا تنسيا" ، فليس مألوفاً في الغناء العربي، أن تلحن قصيدة على تلك الدرجة من الخصوصية، وتطرح في السوق وهي موجهة لنخبة ذواقة الفن، ورغم عدم نجاحها جماهيرياً بالمفهوم التجاري السائد في سوق الأغنية العربية، إلا أن التجربة كانت، من الوجهة الفنية متقدمة كثيراً وراقية جداً.


محمود درويش
إختار خالد الشيخ من قصائد محمود درويش خلال مجموعاته الغنائية فترة الثمانينيات ثلاث قصائد، فيما كان يحضر أكثر من قصيدة في خزائنه التلحينية، ومن تلك القصائد، التي ظهرت بألحانه وغنائه، منذ ثاني مجموعة غنائية "يا عبيد" قصيدة: "عندما كنت صغيراً 1984" ثم في مجموعته الثالثة: "مدير الراح" قصيدة: "أبيات غزل 1985"، وفي مجموعته الخامسة: "أغنية حب 1987" - منعتها الرقابة المحلية - وبرغم غنائه قصائد شعراء، ومنهم علوي الهاشمي، سميح القاسم ونزار قباني.
عاد بعد إستئنافه إنتاج مجموعات غنائية نهاية التسعينيات، ليغني قصائد درويش بعد عمله الكبير: "وجوه - 1997" مع قاسم حداد فغنى في مجموعته "رحلة الغجر: لهم حصة في الولع" قصيدة: "لحن غجري 2003"، ثم في مجموعته اللاحقة "صباح الليل" قصيدة: "مول 2005"، شاركته الغناء هدى عبد الله.
تميزت ألحانه لقصائد درويش، وبما فيها تطور مفاهيم وفكر تلحين القصيدة العربية عنده مع درويش وسواه، بأنه إنطلق من المدرسة التعبيرية، التي تصور المعاني وتكرس مشاعر الطفولة والفرح، مثل قصيدة "عندما كنت صغيراً"، كما تمثل مشاعر المنفى والضياع وجعل البناء حراً في تراكيبه، وإستطاع التنقل المقامي والإيقاعي معتمداً على موهبة كبيرة تقرأ الشعر بالتلحين.


نزار قباني
لم يحاول أحد بعد عبد الحليم حافظ غناء نزار قباني، بإستثناء خالد الشيخ، الذي لحّن "عيناكِ" لقباني.

أوبريت ضخم عن قصة الإسلام
قام خالد الشيخ بتلحين وتوزيع أوبريت "عناقيد الضياء"، الذي كتب كلماته الشاعر السعودي عبد الرحمن عشماوي، في العاصمة المصرية، القاهرة، الذي أقيم من الخامس وحتى العاشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 2015، تناول الأوبريت القصة التاريخية للإسلام، منذ ولادة النبي محمد حتى وفاته، ودعا هذا العمل للتعريف بسيرة الرسول الكريم، وعكس صورة الإسلام الحقيقية.
والأوبريت قدمه غناءً الفنانون حسين الجسمي ولطفي بوشناق وعلي الحجار ومحمد عسّاف، وأشرف الشيخ على العرض الأول للأوبريت خارج الإمارات، وكان قد عُرض لعدة ليالٍ متتالية في الإمارات.

إحباط وابتعاد
إبتعد خالد الشيخ عن الفن لسنوات، وإنتشرت صورة له بلحية بيضاء كثة، حتى أثار الجدل بين محبيه فلقبوه "بالشيخ خالد"، وبرر هذا الجفاء مشيراً إلى أنه لم يعتزل بل وصف الأمر بأنه إنسحاب تدريجي، وقال في أحد حواراته الصحافية: "أنا لا أنسحب بسبب وازع أو الشعور بالقيام بشيء محرم، فقط لأني أعيش حالة من الإحباط الشديد.
وأضاف: "كنت أشغل نفسي بمتابعة الخراب العربي الذي سمي ربيعاً، بكل تفاصيله الدموية والمأساوية، الغريب أنه رغم مأساوية المشهد كنت أشعر بأن معايشة هذا الواقع العربي والتألم منه، أفضل من أن أمسك عوداً وأبدأ الغناء" .

جوائز وتكريمات
حصل خالد الشيخ خلال مسيرته الفنية على العديد من الجوائز وشهادات التقدير والتكريم، ومنها شهادة تقدير وتكريم من مهرجان عيد الفن في العراق، شهادة تكريم وتقدير كضيف مهرجان الأغنية العربية السادس المقام في البحرين، شهادة تكريم من مهرجان البحرين الدولي الحادي عشر للموسيقى البحريني تشرين الأول/أكتوبر عام 2003، وفي عام 2005 حصل على جائزة أفضل موسيقى ومؤثرات صوتية تأليف موسيقى وأغاني مسرحية" ‬أخبار المجنون" لمسرح أوال، وغيرها من الجوائز.
في بداية العام 2020 أضاء مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي على مسيرة الفنان البحريني خالد الشيخ، الذي يُعد واحداً من أهم الموسيقيين الخليجيين، وذلك من خلال حفلين غنائيين بعنوان "دفتر الكويت"، كانا بمنزلة تأريخ وتوثيق لسيرة مبدع خليجي إستطاع أن يُثري المكتبة الغنائية بالعديد من الأعمال، التي لا زالت راسخة في الوجدان حتى يومنا هذا، سواء تلك التي قدمها بصوته أو ما فاض به من ألحان، عانقت أصوات مطربين آخرين.

بناته
لدى خالد الشيخ 6 بنات، وهن نور ولمى وسماوة ودارين ومروة وونس، وأغلبهن عملن إما في الإعلام أو الفن.