ربيع الخوليهو فنان معتزل إشتهر خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، وقدّم حوالى 150 أغنية خلال أكثر من 20 عاماً من عمره الفني، كما حقق شهرة ونجومية وثروة لم يكن ليحلم بها أحد، لكنه تخلى عن كل هذا الترف والمجد الدنيوي للترهب والصلاة وخدمة الرب والإنسانية، وأصبح الان الأب طوني الخولي، أي عاد الى إسمه الأصلي، بعد أن ترك الفن وهو في أوج شهرته.

نشأته وانطلاقته
ولدربيع الخوليفي 2 نيسان/أبريل عام 1961 ، "لم يعش طفولته، وامضى سنينه الأولى في الملاجئ ، ثمّ دخل معترك الفنّ في عمر الـ19 عاماً وأصبح نجماً تحت الأضواء، لكنه عاد وعاش تلك الطفولة حين إعتزل وأصبح كاهناً، فأصر أن يكون مع الأولاد من عمر 7 إلى 12 سنة، ليعيش ويختبر ما لم يعشه في حياته، وذلك في المدرسة المركزية بجونية.
وانطلق ربيع الخولي في مسيرته الفنية من خلال البرنامج اللبناني لاكتشاف المواهب "أستوديو الفن" ونجح عن فئة الفنان الكبير وديع الصافي حيث لفت إليه الأنظار بما تميّز به من قدرات صوتية إضافة إلى موهبته الفنيّة، وقد اختار له المخرج سيمون أسمر اسماً فنياً هو ربيع الخولي عندما تخرج من البرنامج ليظل مرافقاً له إلى أن تخلى عنه واستعاد اسمه الأساسي عند دخوله الرهبنة البلدية اللبنانية.
والدته السيدة ليندا الخولي، التي أطلقت عليه إسم "طوني" تيمنًا بمار مطانيوس، إذ كانت قد وعدته أن تطلق اسم طوني على مولودها وصرّحت أنها اعترضت جدًا حين غيّر له المخرج سيمون أسمر اسمه إلى "ربيع” قائلةً: “قلت له أنا نادرة تقلك ت جيب طوني” ونوهت إلى أنها كانت تقول للجميع أنه يدعى طوني وليس ربيع وأشارت إلى أنه لم يكن يجيب أحدًا حين كان يركع ويصلّي في غرفته، وأنها كانت تتوقع أنّ ابنها سيدخل الدير لأنه كان يحمل همومًا كثيرة ويسكت".
وله شقيقتان الممثلة ​​​​​​روزي وسوزان، وشقيقه سليم، وهو كان مدير أعماله.

شهرته
الفنان روميو لحود هو من قدّمربيع الخوليللمخرج سيمون أسمر لأنه أعجب بصوته، وقد وجد صوته لبنانياً ورائعاص، ووجده شاب محب وصغير. فعرف مجداً وشهرة كبيرين وذاع صيته عربياً ودولياً خصوصاً من عام 1980 الى عام 1990، فإنطلق بأغنية "يا أهل الهوى"، وبأغنيات شعبية إيقاعية قربته إلى قلوب الناس وأذواقهم، وجعلته رقماً صعباً على الساحة الفنية، بالإضافة الى أغنية "يا ريت بترضي" التي لحنها في بيته المتواضع، ويُقال إنها حققت له في سوق الكاسيت ما يقارب المليون وستمئة ألف دولار أميركي، وإستطاع أن يكوّن ثروة وينهل من ملذات الحياة في فترة من الفترات.
تميّزربيع الخوليفي بداية مشواره الفني، بإعادة تقديم مجموعة من روائع الفن العربي، للسيدة أم كلثوم على غرار "إنت عمري"، "أنا بانتظارك"، "الأطلال"، "لسّه فاكر"، "أمل حياتي" و"حيّرت قلبي معاك".
وتوجّهربيع الخوليإلى إنتاج أغاني خاصّة به، وقد لقيت رواجاً كبيراً، أهّله ليقوم بجولات فنية عديدة زار خلالها أغلب الدول العربية والأوروبية، وقد حظي بحضور جماهيري كبير وتفاجأ بحفظ الجمهور للعديد من أغانيه، التي بثتها القنوات الفضائيّة المختصة في الموسيقى.
وجمع ثروة كبيرة من الفن حتى أنه كان يملك طائرة خاصة، وحين قرر الاعتزال والتفرغ للعبادة باع كل ما يملك وتخلى عن كل أمواله وثروته لعائلته.

أبرز أغانيه من ألحان ملحم بركات
قدمربيع الخوليفي مسيرته الفنية 7 ألبومات، وإشتهرت أغنياته ومنها "يا ريت بترضي"، "اه لو فيي"، "بدي اتصور"، "بعترفلك"، "لا تخبي علي"، "معك حق"، "نوّر علينا"،
كما لحن له الموسيقار ملحم بركات عدداً من الأغنيات، ومنها "نوينا عالجازة"، "وقفوا صفين"، "يا ظريفة"، "ان كان الله بيريد"، "آه لو فيي"، "على كيفي".
كما كان للملحن نور الملاح، حصة الأسد من التعاون مع ربيع الخولي.

وفاة شقيقه وأثرها في اعتزاله
عاشربيع الخوليصدمة كبيرة بعد وفاة شقيقه ومدير أعماله سليم الخولي، بحادث سير عام 1999، وحزن حزناً شديداً وتأثر كثيراً بوفاته، وما لبث أن إختفى فجأه قبل سنين عديدة عن الساحة الفنية بعد هذه الحادثة، وإعتزل الفن ليلبي نداء الرب.
وأحدث إعتزاله صدمة وبلبلة كبيرة بين الناس، إذ إنه كان في أوج شهرته وعطائه الفني، وكان ناجحاً ومحبوباً وصوته العذب ووسامته كانتا مفتاحاً لكل الأبواب الموصدة، فدخل القلوب من دون إستئذان، حتى إعتقد عدد كبير من الناس أن صدمة وفاة أخيه، هي التي أبعدته عن الفن، وليس رغبة حقيقية منه في أن ينذر نفسه للرب.
ولكن وفاة شقيقه في الحقيقة كانت بالنسبة له بمثابة إشارة، إلى أن هذه الحياة الدنيوية لن تدوم والشهرة مجد باطل، فكأنها جاءت كصفعة ليصحو نداء الرب في قلبه، وقال في إحدى المرات وهو يلقي عظة إنه لو ظل أخوه سليم حياً لما كان أصبح الأب طوني، وكان بقي في الفن، لكن مشيئة الله هي التي سادت.


من المسرح إلى المذبح
وأوضح ربيع الخولي الذي تخلى عن اسمه الفني بعد اعتزاله وعاد إلى استعمال اسمه الحقيقي أوضح الأمر في تصريحات صحافية أنه ليس هو من اتّخذ قرار الدخول إلى الرهبنة "حين يريدك الله ويعطيك النعمة، يدخلها إلى قلبك ويحرق كل زاوية الندم! يسألونني الناس كثيرًا إذا كنت أندم على هذا القرار، ولكن كيف أكون عند الله وأعمل في خدمته وأكون نادمًا؟! فالإنسان بطبعه يحب أن يكون متكبرًا ومشهورًا ومالكًا للمال… ولكن حين يريدنا الله فهو يعمّدنا من لحظة تكويننا في حشاء والدتنا".

من راهب إلى كاهن
إختار طوني الخولي حياة الرهبنة، فدخل في نيسان/أبريل عام 2000 دير الإبتداء في كفيفان التابع للرهبانية اللبنانية المارونية، وبقي لأسبوع حتّى يختبر دعوته، ومن ثمّ في 25 حزيران/يونيو عام 2000 دخل الدير رسمياً، وترك كل شيء متفرّغًا للرب ولا زال يعيش اليوم الفرح نفسه الذي دخل معه، ليصبح راهباً، ثم أصبح كاهناً يوم 28-6-2008، وطيلة 15 عاماً منذ عام 2000 إلى عام 2015 كان طوني الخولي في الدير، ولم يخرج منه حتى ندر الندر النهائي، فدرس الفلسفة عامين ودرس ثلاث سنوات لاهوت، وتدرّج من الشدياقية إلى الشماسية فالكهنوت، وإنتظر "البطنظة"، أي الرسالة التي تحدد له إلى أي دير سيتّجه ليسكن فيه، وهكذا انتقل عام 2008 إلى دير "قلب يسوع"، في المدرسة المركزية في جونية.


"يا ريت بترضي" تتحول إلى ترتيلة للعذراء مريم
فاجأ الأب طوني الخولي متابعيه عبر صفحته الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، بإعلانه أنه غير كلمات أغنيته الشهيرة "يا ريت بترضي يا ريت"، لتصبح "منك يا عدرا اتمنيت"
وكشف أن اللحن الذي ألّفه بنفسه غّير فيه الكلمات، ليصبح ترنيمة للعذراء مريم، والكلمات الجديدة من تأليف إيلي سلوم.
وأصبحت الكلمات على الشكل التالي:
"منك يا عدرا اتمنيت ..قدملك نور عيوني
ومن توبك تهديني خيط...حيِّك مسبحتك قوني
بذكُر أسمِك ليل نهار...بركع وبصلّي الأسرار
حدِّك شو حلو المشوار...يا أمي يا حنونة".


تأثيره بالناس ككاهن أقوى منه كفنان وصوته العذب استخدمه لتمجيد الرب
تلقى عظات الأب طوني الخولي ودروسه متابعة كبيرة من الناس والمؤمنين ولا زال يؤثر فيهم، حتى أكثر منه حين كان فناناً لأنه ينقيهم روحياً ويدفعهم لتقوية الإيما،ن ويوصل لهم رسالة السلام والمحبة، وساعده صوته العذب في إصدار العديد من الترانيم والتراتيل التي أحبها المؤمنون بصوته، أصدر الأب طوني الخولي ألبومات تضمنت تراتيل دينية وترانيم بعضها مشتركة مع الفنانة كاتيا حرب وأخرى تنوعت بين القديم والجديد منها ألبوم "حياتي مع المسيح" وجمع فيه بعض الترانيم التي أدّاها (12 ترنيمة دينيّة) منها "أيّتها البتول مريم" التي كتبها الرّاحل إلياس ناصر ولحّنها عازار حبيب وكانت قد أدّتها الفنانة سيمونا ضو، بصوتها ولكن الرّاحل عازار حبيب طلب من ربيع الخولي الفنّان قبل دخوله الدّير، وعندما رنّم "أيّتها البتول مريم" طلب منه أنّ يعيد ترنيمها وهكذا صار، وإضافة إلى ألبوم "خوابي الصلاة"، وغيرها.

محبته وتقديره الخاص للجيش اللبناني
نشر الأب طوني الخولي صورة قديمة، حين كان لا يزال ربيع الخولي قبل إعتزاله الفن، في صفحته الخاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر فيها بالزي العسكري على المسرح، إلى جانب الفنانة اللبنانية نجوى كرم والفنانين اللبنانيين غسان صليبا ووليد توفيق، وعلّق عليها :"لما كنت ربيع الخولي كنت حب الجيش كتير وشارك كل سنة بالعيد في الأول من آب، وعندما أصبحت راهباً وكاهناً بتّ أحب الجيش أكثر وأصلّي له لأنّ حياة الجيش تشبه حياة الراهب فيها عطاء وتضحية للغير، وموت عن الذات، الله يرحم شهداء الجيش اللبناني وتكون نفسهم بالسما آمين".

هجرته من لبنان إلى كندا
الأب طوني الخولي ترك لبنان منذ سنوات وهو مقيم بمونتريال في كندا، وهو رئيس جمعية "روح الرب"، وهي جمعية إنسانية خيرية تساعد المعوزين، ويقيم القداديس بشكل مباشر مستخدماً خاصية الأونلاين.
وبحسب ما قالته والدته ليندا الخولي لموقع "الفن" في عام 2016، فإنه حدثت مشكلة مع طوني الخولي في لبنان، فغضب وذهب ليقيم في كندا.
وبعد إنتشار مقطع فيديو له وهي يغني إحدى أغنياته في حفل زفاف، ظن كثيرون أن طوني الخولي ينوي العودة الى الغناء، لكن والدته حسمت الجدل وقالت لموقع "الفن": لا تصدقوا الأخبار التي تسمعونها ، فهناك الكثير من الشائعات التي تطلق على إبني، وخاف أن يعود ويلقوا القبض عليه بعد ما تظاهروا بكندا ضد الوضع القائم بلبنان وضد الفساد".

مشاركته في الثورة
شارك الأب طوني خولي في المظاهرات، التي خرجت بعد 17 تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 في لبنان ضد فساد الطبقة السياسية، وحتى أنه أعاد غناء "يا ناطرين" بتوزيع جديد، وهي الأغنية التي أطلقها عام 1989 خلال حرب التحرير.
كما شارك مع المعتصمين بمونتريال في كندا، وعبر مقطع فيديو نشره شرح فيه أسباب تراجعه عن وعده بالعودة الى لبنان، قائلاً: "علمت من مصادر موثوقة أنني ممنوع من النزول إلى لبنان.. إذا نزلت رح يكمشوني. بنزل لمّا تروق الحالة، ورح صلّيلكن".