إسم كُتب بحروف من ماس، فهو المحترف إلى أقصى الحدود، والذي ترك بصماته واضحة في كل عمل قام ببطولته أو شارك به.


في رصيده حوالى المائة عمل بين التلفزيون والسينما والمسرح والإذاعة، نذكر منها في السينما "الحدود" و"أمطار صيفية"، ومن مسلسلاته الأخيرة نذكر "الواق واق"، "شوارع الشام العتيقة"، "ممالك النار" و"الباشا" و"عطر الشام"، وهو حالياً بإنتظار أن يتابع وفريق العمل تصوير مسلسل "صقار"، وأن يبدأ مع فريق عمل مسلسل "الباشا" تصوير الجزء الثالث من هذا العمل.
لم يفاجئنا بأدائه العالي في مسلسل "حارس القدس"، الذي عرض خلال شهر رمضان المبارك، ويعرض حالياً على إحدى الشاشات السورية، والذي يتحدث عن المطران إيلاريون كبوجي، إسمه الأصلي جورج كبوجي، الذي كان مطران القدس لطائفة الروم الكاثوليك في الرهبنة الباسيلية الكاثوليكية، فأبدع في تجسيد هذه الشخصية، كما في كل الشخصيات التي أداها، وحمل العمل توقيع المخرج ​باسل الخطيب​، وهو من تأليف الكاتب حسن. م. يوسف، وشارك فيه مجموعة من الممثلين السوريين بينهم ​سامية الجزائري​، ​صباح الجزائري​، ​أمل عرفة​، ​يحيى بيازي​ و​إسكندر عزيز​.
إنه النجم السوري رشيد عساف الذي حل ضيفاً على موقع "الفن" في هذا الحوار:

أهلاً بك، ومبروك نجاح مسلسل "حارس القدس".
شكراً، أهلا بكم.

قلتَ إن كل عمل تابع للتلفزيون السوري ووزارة الإعلام لا يهمك المردود المالي منه، فهل تقاضيت أجرك مقابل مشاركتك في مسلسل "حارس القدس"؟
نعم، تقاضيت أجري.

أن تؤدي شخصية المطران جورج كبوجي الدينية في المسلسل، هذا أمر غير مألوف بالنسبة للشخصيات التي قدمتها سابقاً كما في مسلسلي "الباشا" و"عطر الشام" وغيرهما، عليك أن تحمل مسؤولية كبيرة جداً.
نعم هو موضوع صعب جداً، في البداية هذا العمل إعتذرت عنه لعدة أسباب، منها إرتباطي بمسلسل "الباشا"، وعدة أعمال عندما كنت في بيروت، وبعد عدة أشهر وإصرار مدير مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني المخرج زياد الريس مشكوراً، تمنى عليّ أن أقرأ العمل، وعندما قرأته لَامَسني للصراحة.
لأداء هذه الشخصية، يجب أن يكون الممثل ملماً ببيئة فيها العديد من الطوائف، وهذه الخلفية موجودة عندي، فأنا أسكن في منطقة فيها مسيحيون، ومواطنون من المذاهب المشتقة من الإسلام والمسيحية.

من الممكن أنهم إختاروك أنت لأن المطران كبوجي كان منفتحاً على الإسلام والمسيحية معاً.
صحيح، وهو لم يكن مركزاً فقط على الحالة الدينية، وإنما كان تركيزه على الحالة الوطنية، وتحديداً القضية الفلسطينية. ومن هنا كان لدي بعض الخوف، ولكنني قررت خوض هذه التجربة لأنه لدي هذه الخلفية، ودخلت في التفاصيل، فمثلاً صورت بعض المشاهد في حلب عند الأب جوزيف بسيليس، أخذت منه بعض التفاصيل حول ما يقوم به الكاهن خلال القداس في الكنيسة، وما يقوم به خارجها.

لم يكن هناك أخطاء لاهوتية في المسلسل، ولكن كان هناك أسئلة لاهوتية، فعادة الخوري أو المطران لا يعمل كمقاتل ويهرب السلاح، هذه النقطة المهمة جداً في حياة المطران كيف تشرحها؟ أي أنه مطران وكان يهرب السلاح؟
هو لديه أمر مهم جداً، نتيجة وعيه ومحيطه، وعاش الإنتداب الفرنسي، فإختبر الظلم والإضطهاد وعاش حيرة كبيرة، وأصبحت لديه هذه الروح الثورية. ولهذا أصر في حواره عندما سألته "ريما"، أي الممثلة أمل عرفة في المسلسل، كيف تفسر عندما قال يسوع المسيح "من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر"، أجابها المطران مبرراً تمريره السلاح بسيارته الدبلوماسية للفلسطينيين قائلاً :"لكنه لم يقل أحبوا الشر الذي بداخل أعدائكم الذين يعتدون عليكم". وهناك شيء آخر معاصر، فهو يؤمن باللاهوت القومي.

ماذا تقصد باللاهوت القومي؟
بمعنى القومية العربية، أي المسيحي والمسلم، وهناك شيء آخر الذي هو لاهوت التحرير الموجود في أميركا اللاتينية، كما في فنزويلا وكولومبيا اللتين نفي إليهما المطران، وهو متأثر جداً بهذا الموضوع، وخصوصاً بفكر كاميليو توريس، وهو خوري إستشهد وقاتل مثل شي غيفارا، علماً أن هناك فرقاً في الأفكار بين الماركسية والكنيسة، ورغم ذلك إتفق الإثنان ضدّ الظلم والشرّ.

إعتمدتم في "حارس القدس" أموراً وثائقية وتواريخ حقيقية، ولكن هناك حادثة حصلت قبل أن يبدأ المطران بتهريب السلاح، أحد الجنود الإسرائيلين بصق عليه والمطران ضربه، هذه لم تعرضوها في المسلسل.
لم يتم عرضها نظراً لبشاعة المشهد أنه بصق عليه، فعرضنا أنه شتمه وهو نظر إليه نظرة إحتقار.

ومن الأمور التي تمّ إستثناؤها إعتقاله أربع مرات بسبب ذهابه إلى القدس، على الرغم من منعه من زيارتها.
هو إنسان ثوري، مناضل، جمع بين اللاهوت والنضال.

هل تأثرت بشخصية المطران كبوجي كإنسان؟
تأثرت كثيراً بشخصيته، لأنه عندما حدثت قضيته كنا صغاراً، وكنا نسمع عنه، ولم نعرف بهذه التفاصيل إلا اليوم. هناك مسلمون تساءلوا لماذا عرض هذا المسلسل في شهر رمضان وهو عن شخصية دينية مسيحية، لكن عندما عرض، كثير من هؤلاء المتزمتين تفاجأوا بالشخصية بعد أن تعرفوا عليها نظراً لما يتمتع به المطران من إنسانية ووطنية، وهو شخصية نضالية حقيقية، والمسلسل مأخوذ عن مذكرات المطران الحقيقية التي كتبها بنفسه. فأصبحت الفكرة أعمق لدى المشاهدين، بأن للمسلم شريكاً في الوطن هو المسيحي، والعكس صحيح.

بالنسبة لإختيار المطران جورج كبوجي إسم "إيلاريون" في الكهنوتهل لأنه قال له المرشد الروحي إن هناك قديساً إسمه إيلاريون كان دائماً يبتسم ويحب الفرح كما شخصية كبوجي، أم لأن إيلاريون هو قديس من القدس؟
كان لدى المطران جورج كبوجي حس الفكاهة والنكتة والحب الفائض، فكان مبتسماً دائماً، القديس إيلاريون مدفون في غزة، فهو أخذ الإسم واعتمده.

هناك شخصيات كانت مرافقة لشخصية كبوجي ومازالت على قيد الحياة، ولكنها لم تظهر في المسلسل، منها مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية رفيق شلالا، وكذلك المطران غريغوريوس الثالث لحام الذي كان يزور المطران كبوجي في السجن دائماً.
هذه ليست مهمتي، بل مهمة الكاتب، والموضوع يعتمد على مدى ذكر الشخصيات في المذكرات التي كتبها المطران كبوجي لغاية العام 1978.

المطران كبوجي طلب أن يدفن في القدس، ولكن المطران غريغوريوس الثالث لحام قال إن وصية كبوجي كانت أن يدفن إلى جانب والدته التي دُفنت في لبنان.
المطران كبوجي قال إن أمنيته أن يدفن في القدس.

ولكن الطريق كانت متعثرة من لبنان إلى القدس، لذلك دُفن في لبنان بالقرب من والدته.
لا أعلم أين ذكر أنه يتمنى أن يدفن في لبنان، حتى هنا أهل حلب يقولون إنه يجب نقل رفاته مع رفات والدته إلى حلب.

هل هذا ممكن حالياً في الحقيقة؟
محتمل، لأنه يوجد مدفن بإسم العائلة، وهو أصله من حلب.

البعض يقول إن الفلسطينيين هم من باعوا بيوتهم، والبعض يقول إن الإسرائيليين هم من هجروهم، وأنتم في المسلسل قدمتم الأمرين، فهل حصلت الحالتان في الحقيقة؟
نعم، حصلت الحالتان، وإن عدنا إلى التاريخ الفلسطيني فأكثر الذين باعوا أراضٍ في الداخل هم الإقطاعيون، وأكثر الإقطاعيين في فلسطين هم سوريون وغيرهم ممن لهم أراضٍ في الداخل، فلسطين تعتبر وقفاً دينياً فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

ما رأيك أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن القدس عاصمة إسرائيل؟
هذا مرفوض بالنسبة لنا، لا يمكن أن يأخذها اليهود، والموضوع يتطلب قراراً من الأمم المتحدة، فبالنسبة للحكومة الأميركية قد يأتي لاحقاً رئيس يسحب هذا القرار، فهو مجرد رئيس تنفيذي، حتى أن الضمّ حالياً كله مخالف للقرارين الدوليين 242 و338، وبعد عام 1948 هناك قرى لبنانية إحتلها الإسرائيليون.

هل تعتبر الكبوجي قديساً؟
طبعاً.

أين صورتم مشاهد القدس؟
في حلب وبانياس واللاذقية وطرطوس، تقريباً في أكثر المحافظات السورية.

ماذا عن مسلسل "صقار" الذي كان من المفترض أن يعرض لك في شهر رمضان، هل إنتهيتم من تصويره؟
قريباً إن شاء الله عندما تفتح الحدود السورية الأردنية، فهناك ممثلات وممثلون من الأردن سيأتون ليكملوا معنا تصوير العمل، وهو ضخم جداً.

ما معنى إسم صقار؟ هل هو إسم شخص؟
نعم هو إسم شخص، وهذا الإسم يعني إما صائد الصقور أو مربيها.

أين أصبح الجزء الثالث من مسلسل "الباشا"؟
لم نبدأ تصويره بعد، إذ انه كان من المفترض أن نصوّر قبل أيام من أزمة فيروس كورونا.

أخيراً، هناك عدد كبير من الممثلين السوريين الذين إعترضوا على فوز الممثل زهير رمضان مجدداً برئاسة نقابة الفنانين السوريين، ما تعليقك؟
القصة ليست أنني مع أو ضدّ، أنا مع الذي يستطيع أن يقدم للفنانين أمراً جيداً، وهذا الفنان عمل جيداً للجميع، هذه ليست نقابة سياسية، بل نقابة مطلبية، وليس المطلوب فيها موالاة ومعارضة، بل المطلوب هو العمل للأعضاء كافة، والنقيب حافظ على حقوقهم جميعاً.