السوبرانو تانيا قسيس فنانة لبنانية حملت بصوتها الملائكي أحلام وآمال الناس، فجابت العالم أجمع بصوتها الجبار، تنشر السلام والمحبة والأمان.


وها هي مجدداً تنشر الأمل بغد أفضل في ظل توقف الحياة والسجن الكبير الذي يعيشه الإنسان بسبب تفشي فيروس كورونا، فمن دون كلمات وفقط بالموسيقى، إختارت قسيس أن تصوّر الحالة وتنقلها للعالم أجمع.
عن هذه الأغنية تحدثنا معها في هذه المقابلة للوقوف على تفاصيلها، إضافة لغيرها من المواضيع.

أخبرينا أكثر عن أغنيتك الجديدة "Window On A New Morning"، "نافذة على صباح جديد" الخاصة بأزمة فيروس كورونا والحجر المنزلي.
شعرت أنه خلال هذه الفترة، هناك أمور تقال وأخرى لا تقال، فجميعنا دخلنا في حالة معيّنة، وكلٌّ جلس لوحده أحياناً يفكر بما مرّ به والامور التي توقفت في حياته، وكيف ستسير الأمور في المستقبل وبأية طريقة، وكثر أعادوا تقييم الأولويات في الحياة، فكل شخص قام بجلسة تأمل ومراجعة لحياته وخوف من المستقبل لأنه غير معروف ومجهول.

لماذا إخترت تقديمها فقط على طريقة الموسيقى من دون كلمات؟
أولاً لأن الموسيقى هي لغة عالمية تصل للجميع ولا تُحدد لمنطقة معينة أو لناس تتحدث بلغة معينة، وتعطي الأغنية بعداً كبيراً، وفي الوقت نفسه تشبه الذي كنت أعيشه أنا، إذ أنه كل يوم صباحاً أو مساءً قبل بداية اليوم أو إنتهائه أفكر كيف ستكون المرحلة المقبلة، وكما شعرت أنني لا أرغب في سماع أشخاص يقولون لي ماذا سيحصل في المستقبل، بل أريد أن أسمع نفسي أنا وكيف أريد أن يكون المستقبل، فأردت أن أنقل هذا الإحساس للناس.
هذا المشروع أتى بعد معرفتي القصيرة بملحن ومنتج الأغنية طوني كرم، وخلال فترة الحجر المنزلي، خرج كرم بهذا اللحن الذي إستوحاه من صوتي، والذي تأثرت به كثيراً، فقررنا طرحه بهذه البساطة ومع آلتين موسيقيتين فقط هما البيانو والتشيللو، وكذلك كليب الأغنية فلقد أحببنا تقديم صورة تشبه الذي نعيشه أي بين البيت والعودة إلى الحياة، وقسمناه إلى ثلاث مراحل، هي هذا التوقف والفراغ، ثمّ المراجعة التي نقوم بها، وصولاً إلى العودةللأولويات منها العائلة مثلاً، وثالث مرحلة هي عودة الحياة إلى طبيعتها والتي أخرجناها من منظارنا، بمعنى أن الحياة لن تعود كما كانت وبهذه السرعة.

ماذا غيّرت بكِ أزمة فيروس كورونا؟
ليس الموضوع بمعنى التغيير، لكنها أضاءت لي على أهمية تكوين ووجود العائلة، فأنا لست متزوجة، وهذه الأزمة تشعرك أن الحياة جميلة أن تكون مليئة، وأن يكون لدى الشخص عائلة وأشخاص يشاركونه هذه اللحظات، وهذا الأمر أكثر ما أثر بي، طبعاً هناك الأهل والأصدقاء، ولكن العائلة والأولاد أمر مختلف.
وأنا حياتي كانت مليئة بالعمل، فشعرت أن هذا الأمر خطأ، فعلى الشخص أن يؤسس عائلة وهذا أمر مهم في الحياة، قبل أن نصل إلى آخر أيامنا وحيدين.

هذا يعني أنك ستولين حياتك الشخصية اليوم أهمية أكبر؟
طبعاً.

ما هو الأمر الأول الذي ستقومين به عند إنتهاء هذه الأزمة؟
أنا مشتاقة كثيراً لشقيقي وأولاده، إذ أنه كان من المفترض أن نقضي عيد الفصح معاً، ولهذا فإن أول رحلة سأقوم بها هي لزيارتهم في البرتغال.

البعض ينتقد إقدام الفنان على طرح عملا فنيا في هكذا ظرف، ويتهمه بإستغلاله لكسب الشهرة، كيف تردين؟
إجمالاً خلال مسيرتي الفنية لم أنتظر حدوث أمر معيّن لكي أغني عنه، فأحياناً قد أقدم أغنية عن موضوع معيّن قبل حدوثه، وذلك لمجرد شعوري به.
وتحديداً في هذا الظرف، أعتقد أن كل شخص منا عاش هذه الأزمة بطريقة معيّنة، وطبعاً ستترك بصمة في حياته الشخصية، وحياتنا الفنية.
وعلى الصعيد الشخصي، لم أفكر بأنه علي تقديم شيء عن هذا الموضوع، وحتى أنني لم أكن أرغب في الموضوع، لأنني سمعت أكثر من عمل في هذا المجال وأعجبت بهم، سواءً تشجيعاً للممرضين أو غيرهم، ولكن ما شجعني لاحقاً لأقدم هذه الأغنية أنها أتت مميّزة عن ما تمّ تقديمه، وعندما عرض عليّ طوني كرم الفكرة أحببتها، وهذه المرة الأولى التي أعمل فيها مع شخص على مشروع قام به بنفسه، وليس مع مجموعة أشخاص كشاعر وملحن ومخرج.
مع الإشارة إلى أنه قد تكون هناك أحياناً محاولات إستغلال، ولكن هذا يعود إلى الفنان وكيف يتلقى الجمهور العمل، فهو يحب أن يرى كيف يعيش فنانه المفضل الحالة معه وكيف سيترجمها في الفن.

أحببت فكرة الحفلات أونلاين عبر السوشال ميديا؟
نعم وكلا، نعم لأن هناك "قصص مهضومة" ولأن هناك فنانين إكتشفنا فيهم أموراً جديدة، وما يميّز الموضوع هنا أنه يسمح للمتابع والجمهور أن يدخل إلى حياة الفنان أكثر لأنه يظهر مثلاً من منزله، وكلا لأن هناك حفلات لم تقدمشيئاً جديداً وإنما كانت مجرد تكرار، وللمسرح رهجة خاصة ومختلفة، وهناك تحدٍّ مختلف للفنان وهو يقف على المسرح أمام الجمهور.

شاركت خلال هذه الأزمة بحملة "التصفيق" للطواقم الطبية والأجهزة العسكرية والأمنية، والتي أثارت جدلاً بين مؤيد ومعارض، كيف ترين هذا الإختلاف؟
أعتقد أن الإنسان يحب أن يتمّ تقديره على أمر لديه شغف به، وهناك الكثير من الطرق التي تستطيع أن تقدره فيها، ولكن عندما يكون هناك شعب كامل يقدر ماذا يفعل الأطباء، فكيف سيقوم بهذا الأمر؟ لذلك وجدتها لفتة جميلة أن يقف كل هؤلاء الناس مع بعضهم ويقدموا هذه التحية.
طبعاً هذا الامر لن يقدم لهم شيئاً في الحياة، أي لن يقدّم شيئاً ملموساً لكن من الأكيد أنه أثر بهؤلاء الأشخاص.

العام الماضي حققتِ نجاحاً كبيراً في مصر، وقلت سابقاً أن علاقتك قوية بمصر والجمهور المصري..
علاقتي مع مصر أشبه بالحب من النظرة الأولى، فأنا أطليت على الجمهور المصري بمناسبة مميزة جداً، خلال إفتتاح المدينة الإدارية الجديدة وأكبر كنيسة وجامع في الشرق الأوسط، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وشارك في الحفل أكثر من فنان مصري وكنت أنا الوحيدة غير المصرية، ومن البرامج التي تقدمت، برزت كثيراً الأنشودة التي قدمتها والتي جمعت بين "ترنيمة مريم" (Ave Maria) وأنشودة "مولاي"، فتحدثت عنها الصحافة كثيراً.
والجميل في الموضوع أيضاً، أن الجمهور المصري إكتشفني فجأةً وشعر بالحشرية لمعرفة لماذا أنا كفنانة لبنانية لا يعرفني، وذلك كون عملي كان أكثر في البلدان الأجنبية.
ومن هنا، أصبحت علاقتي قوية بالصحافة المصرية، والشعب المصري طبعاً، خاصةً انه في تنقلاتي هناك لاحظت إلى أي حدّ يتابعون أخباري، وهذا كان أمراً مختلفاً كثيراً لي عن التجارب التي عشتها في بلدان أخرى.

هل يزعجك ورود إسمك مثلاً في عنوان "تانيا قسيس تغني أمام عبد الفتاح السيسي أو محمود عباس أو دونالد ترامب"؟ خاصة أن هذه الشخصيات مثيرة للجدل؟
أولاً، معروف عني أنني لا آخذ مواقف سياسية، فأنا أعمل أكثر على الصعيد الإجتماعي، ووجودي أمام هؤلاء الرؤساء خاصة أنهم مثيرون للجدل هو أمر مهم لأنني أنا من أعطيهم رسالتي، ولم أكن في مناسبات أؤيد فيها خطهم السياسي، إنما هم كانوا موجودين في مناسبات كنت مدعوة فيها لأقدم رسالتي، وهذا الموضوع أهم من أن أكون موجودة لأؤيد مواقف معينة، وهذا بالنسبة لي فخر أي أن أكون كفنانة لبنانية موجودة في هكذا مناسبات لإيصال رسالتي.

هل من أعمال جديدة في مصر؟
طبعاً، كانت لدي حفلة قريباً في دار الأوبرا المصرية، لكن أجلت بسبب أزمة فيروس كورونا، وأيضاً أتعاون حالياً مع مؤلف مصري في أغنية مصرية جديدة.

كيف تتعاملون في "Tania kassis Academy" اليوم مع أزمة فيروس كورونا؟
منذ أن تم تسكير البلد بتاريخ 15 آذار/مارس الماضي، أغلقنا الأكاديمية، ولكن إنطلقنا مباشرةً "أونلاين"، خاصةً أنالحديث كان حول طول مدة الإغلاق، وأنا أشعر بالتلاميذ الذين يتمرنون على الآلات الموسيقية أو صوتهم، فإن توقفوا لشهر أو شهرين سينعكس ذلك على تقدمهم، فكان همي كيف أساعدهم على مواصلة التمرين، لذلك إختبرنا الاونلاين وسارت الأمور بالشكل الجيد.
وبالتالي فهذه الخطوة عادت بالفائدة على التلاميذ وأهلهم، وأيضاً سمحت لي أن أؤمن مواصلة عمل الأساتذة في الأكاديمية، وأيضاً مكننا هذا الامر من الإنفتاح أكثر على الخارج، إذ أصبح لدينا تلاميذ من أكثر من بلد، بينها دبي.

بالنسبة لنشاطاتكم على صعيد الحفلات كأكاديمية، هل ألغيت لهذا العام؟
كنا بصدد التحضير لعرض للتلاميذ يضم غناء، مسرحاً ورقصاً، بدأنا العمل عليه منذ بداية العام، إلا أننا دخلنا بالثورة فأدى ذلك إلى تباطؤ العمل بالمشروع، لكننا أكملنا على قدر المستطاع، لنعود وندخل بأزمة فيروس كورونا مما دفعنا إلى التوقف عن العمل، ومن هنا فهذا العرض لن يكون هذا العام وإنما تأجل إلى العام المقبل.
وفي مقابل ذلك، أقمنا أكثر من حفل للتلاميذ أونلاين عبر صفحتنا الخاصة.