بعد 20 عاماً من الغياب عن شاشة التلفاز، عادت الممثلة اللبنانية كارول عبود في رمضان لتستعيد مكانتها بين نجمات الصفّ الأوّل. قدرات هائلة في التمثيل تجمع بين الأداء والملامح والتعابير والمشية والصوت، تعيش الشخصية بشكل كلي في أدوارها.

من جهة، لا مزاح معها في شخصية "عبلة" ضمن أحداث مسلسل "أولاد آدم" لكن "حلو الحوار" معها، ومن جهة أخرى في "النحات" تروي لنا قصة "يامان" الباحث عن حقيقة مقتل أبيه لتفتح صناديق الذكريات من جديد وتجسّد دور النادلة في أحد المقاهي، كما لها حضور لافت في عمل ثالث وهو مسلسل "مرايا الزمن" بدور الحجة.

هكذا هي الممثلة الحقيقية التي تسقط جميع فيلترات الكاميرا لتقول "قدراتي هي الأهم"، وتجعل المشاهد يتسمرّ أمام الشاشة ويترقّب ويتشوّق. إلى هذه الدرجة من الإعجاب تدفعك كارول عبود إلى رفع الهاتف والإتصال بها، لتهنئتها على هذه الأدوار ولتستفسر عنها أكثر.

أهلا بك كارول على موقع الفن.

هل لديك فكرة عن تأثير دور عبلة على المشاهدين؟

صراحة أشاهد بعض التعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي. أذكر حين بدأت التمثيل من عشرين سنة لم نكن نعرف تأثير أدوارنا إلا حين نلتقي بالناس في الشارع، لكن الآن إختلف الموضوع. عدت الى اللقاءات الصحافية والمقابلات وأتلقى ردود الفعل على مواقع التواصل، إذ توقفت عن التمثيل منذ فترة والان عدت من جديد إلى أمر كنت قد نسيته، ومتفاجئة بردود أفعال دور عبلة خصوصاً أنه صغير.

هناك نظرية تقول إنه ليس هناك ممثل بطل إنما دور بطل، ما رأيك؟

لا أوافق على الموضوع لكن أوافق على أن الممثل حين يتمتع بمساحة كبيرة في الدور والمكتوب مع تفاصيله وتاريخ الشخصية والتقلبات في مشاعرها حينها يحصل الممثل على اللوحة، وكلما كبرت اللوحة يستطيع الرسم عليها أكثر. دور عبلة قوّته أنه مميز وحاد إلى أقصى الدرجات.

وبعضهم كرهوني بسبب هذه الشخصية.

أصبحت عبلة حديث الناس وينتظروها، لماذا برأيك يحبون أدوار الشرّ؟

المسلسل يطرح موضوع الشر والخير، ونرى أن المجتمع لا يحترم الحرامي والرقاصة كثيراً، ويضوي على إنسانية بعض الشخصيات الأخرى. وعبلة هي شريرة وتؤذي الآخرين في السجون، لكن ذلك له أسباب تظهر جوانبه في أحداث القصة.

خلف هذه القوة، هل تخبئ عبلة ضعفاً ما؟

هناك أسباب طبعاً، جعلتها تصل إلى هذه المرحلة، وظروف دفعتها للتسلط وأذية الآخرين. وفي المرحلة المقبلة من المسلسل سنشهد على تقلبات كثيرة في أحداث القصة وستدخل في موجة لا تنطفئ. أشير الى أن المسلسل كتب بطريقة جميلة. عبلة ليست شريرة بل لديها تاريخ لا يعرفه المشاهد، وعلاقتها بزينة ستتطور في المستقبل لكن لن أفضح القصة.

إنتقمت منك ندى بو فرحات بنصف حامضة ورشة ملح، أخبريني عن كواليس هذا المشهد؟

للصراحة كل مشاهد السجن كانت صعبة، أنا وندى بو فرحات وأنطوانيت عقيقي التي أعتبر أنها تؤدي دوراً رائعاً رغم صغر حجمه، بالإضافة لممثلات كثيرات شاركن في التصوير داخل السجن، عالم كامل متكامل في موقع التصوير، وهو ليس سجناً أصلاً بل مدرسة تحوّلت الى سجن. وأنجزنا المشاهد فيها قبل التسكير في ظل أزمة كورونا. إذاً موقع التصوير كان صعباً، والمشاهد صعبة فيها ماء وحامض وملح وقص شعر وعناصر غير سهلة. أما الذي جعل التجربة ممتعة بالنسبة لي هي أني ومعظم الممثلين سبق وأن تعاملنا مع بعض في أعمال سابقة، مثل أنطوانيت وطلال الجردي ورنيه غوش، وخصوصاً ندى أبو فرحات التي عملنا معاً في المسرح، وهذا الأمر ينمّي الألفة بيننا وتحمست حين علمت أننا سنكون معاً. ثانياً كيفية إنتاج هذه المشاهد، فإن شركة إيغل فيلمز للإنتاج سخّرت طاقاتها وعمالها لإنجاز العمل، بالإضافة الى مجهود المخرج الليث حجو االذي أعمل معه للمرة الأولى وكل واحد منا كان يعمل من قلبه وبمتعة.

الى أي مدى جذبك دور عبلة لتعودي من خلاله إلى الشاشة الصغيرة بعد غياب؟

غبت حوالى العشرين سنة عن الأدوار التمثيلية في المسلسلات، كنت أعمل خلال هذه الفترة في السينما والمسرح، وعام 2011 افتتحت شركة إنتاج لأفلام سينمائية ودخلت في جو مختلف، وكنت أقرأ العديد من النصوص لكنني لم أقتنع بها وتغيّرت المتطلبات لدور البطلة، وأصبحت شركات الإنتاج تتجه نحو البطلات الجميلات وأعتقد أن هذا الأمر فيه جانب إيجابي إذ يجذب المشاهد أكثر. ورغم ذلك هذا العام اشتركت في ثلاثة مسلسلات "أولاد آدم"، "النحات" و"مرايا الزمن".

وعندما التقيت بالمخرج الليث حجو كنت مترددة حول دور "عبلة"، وكنت أفكر في تبادل الأدوار بيني وبين "زينة" ندى أبو فرحات، لكنه لم يقبل وكان يعلم ما يريده منذ البداية وأقنعني بالدور وجعل من السجن عالماً مختلفاً. وعندما إلتقيت بالمنتج الاستاذ جمال سنان، قلت له إنه من الممكن أن نصنع من السجن مسلسلاً بمفرده.

هل برأيك نجحت تجربة ملكات الجمال في التمثيل؟ وهل تقبلين العمل معهنّ؟

ليست لدي عقدة في هذا المجال ولا أعتقد أنه يجب على الممثل أن يدرس التمثيل حتى ينجح، أهم ممثلين في العالم لم يدخلوا معاهد التمثيل ونجحوا، بالطبع خضعوا لدورات تدريبية وعملوا على أنفسهم بطرق مختلفة، كثر تخرجوا من كلية الفنون الجميلة قسم المسرح ولم ينجحوا في هذا المجال. المشكلة تكمن حين يكون الجمال فقط المقياس المطلوب.

أية ممثلة تحبينها من بينهنّ؟

أحب تمثيل النجمة اللبنانية هيفا وهبي، ممثلة من الطراز الأوّل بالنسبة لي ولدي متعة كبيرة في مشاهدة مسلسلاتها، وحزنت حين علمت أن مسلسلها توقف تصويره بسبب الأزمة. هيفا وهبي أدّت أدواراً رائعة في أعمالها السابقة، وهناك أمر غريب تحبه الكاميرا فيها والناس أيضاً وهذه المحبة من عند الربّ.

وطبعاً لا أستطيع استثناء نادين نسيب نجيم من أية معادلة، لأنها مجتهدة على نفسها أيضاً بالإضافة الى دانييلا رحمة فهي مجتهدة جداً وفي كل مسلسل تظهر تقدماً ملحوظاً.

عبارة "حلو الحوار" أصبحت ترند بين الناس ، هل توقعت كل هذا النجاح؟

تضحك، "حلو الحوار" انتشرت بين الناس بشكل كبير، أذكر أن الممثلة ماغي بوغصن حين انتهينا من التصوير سألتني أخبريني "حلو الحوار الآن". والعلاقة بين عبلة وزينة من اللحظة التي تصبحان متساويتين وتصبح هذه الندية موجودة يصبح "حلو الحوار" حتى في الواقع بين خصمين، حين يصبح عدوك قوياً يصبح "حلو الحوار".

في إذاعة "صوت كل لبنان" أشاد الممثل بديع أبو شقرا بدورك، ماذا تقولين له؟

أشكره كثيراً، بيني وبين بديع أبو شقرا صداقة كبيرة جداً وتاريخ من الزمالة والإحترام والمحبة. يؤدي دورين رائعين في "بالقلب" وفي "بردانة أنا".

في التعليقات لاحظت أن "النحات " لم يحصل على أصداء كثيرة، لماذا برأيك؟

"النحات" لا يتوجه الى الجمهور العريض أو لتلفزيون بل للمنصات الإلكترونية لعرض المسلسلات، وبرأيي المشاهد يجب عليه أن يبدأ بالتعرّف على أشكال جديدة من التصوير والإيقاع التلفزيوني، و"النحات" تجربة مميزة لأن المخرج مجدي السميري مميز جداً، ولديه أعمال في تونس والخليج وأميركا.

شكل المسلسل جديد من الصورة، اعتبروا أن صورته داكنة لأن نوع المسلسل يحتم على الإضاءة أن تكون داكنة لتضفي على الأجواء بعضاً من الغموض والعودة الى الذاكرة، اعتدنا أن تكون الصورة مضاءة مثل المسلسلات التركية من دون ظلال حتى. وفي المسلسل لا فلاتر على وجوهنا، حتى أمل بوشوشة وندى أبو فرحات كبرتا في السنّ على الشاشة.

في "مرايا الزمن" أديت دور الحجة، ألا تعتقدين أن هذا العمل ستشاهده شريحة معينة من الجمهور؟

لا مشكلة لدي وهذا تحد بالنسبة لي، وهذا ليس التعامل الأول مع تلفزيون "المنار"، فلقد مثلت سابقاً "قيامة البنادق" و"ملح التراب" في عامي 2013 و2014. وأنا فخورة في المشاركة في مسلسل "مرايا الزمن" وفي جميع الأدوار استمتعت في التجربة وكان التحدي أن أؤدي ثلاثة أدوار مختلفة عن بعضها، وهنا براعة الممثل وأردت أن أثبت لنفسي وللناس أن الممثل يمكن أن يكون بمئة لون.

شكراً كارول استمتعت بالحوار معك، "حلو الحوار"؟

(تضحك) شكراً جزيلاً شربل على الحوار، عادة أهرب من الصحافة ولا أحب اللقاءات وخلال الفترة الماضية أجريت العديد منها ولا أريد أن أكرر إجاباتي لكنك جعلتني أقول أشياء كثيرة لم أكن أريد قولها وذكرت أسماء. أقول رمضان كريم للجميع وأتمنى أن يعيدوا في ظروف أفضل في الأيام المقبلة.