الدراما التلفزيونية هي دراما المجتمع، من حكايات وأحلام وطموحات وأحداث، لا بد من تناولها في أي عمل حتى تمس المشاهدين وتجذبهم، لأنها تحكي واقعهم وتعتمد على قصص من قلب الحياة، لكن الأمر يختلف في كيفية رؤية هذا الواقع، وأيضاً هناك الدراما الخيالية، التي ينسجها المؤلف من بنات أفكاره.



مسلسل "الإختيار"، الذي يعرض حالياً في رمضان، يحاكي قصة حقيقية لسيرة حياة العقيد أحمد صابر المنسي، قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي قُتل بكمين مربع البرث، في مدينة رفح المصرية عام 2017، أثناء التصدي لهجوم إرهابي في سيناء، والذي يجسد شخصيته في المسلسل الممثل المصري أمير كرارة، والإرهابي هو هشام عشماوي، الذي يجسد شخصيته الممثل المصري أحمد العوضي.
منذ بداية عرض المسلسل، أثار إختياره من حدث واقعي جدلاً كبيراً بين المتابعين وعبر مواقع التواصل الإجتماعي، وتصدر بعد أيام قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة، وتباينت الآراء بين مؤيّد لطريقة تقديم هذا العمل الدرامي، وبين من إعتبر فيه مبالغة لا تفيد السياق الفني.
المسلسل الذي كتبه باهر دويدار، يحمل العديد من الرسائل المهمة فكرياً وتاريخياً، ولها صلة بواقعنا المعاصر، فلقد تناول مسألة الإرهاب وتأثيره في المجتمع ومواجهة الجيش المصري له في سيناء، وهذا له أبعاد سياسية وإجتماعية.
مع الأخذ بعين الإعتبار أن المخابرات المصرية هي من زودت باهر بالمعلومات والتفاصيل الدقيقة والحقيقية عن مواجهة الجيش المصري للتكفيريين في سيناء، بالإضافة إلى اعترافات الإرهابي هشام عشماوي.
إختيار أمير كرارة لهذا الدور كان صائباً، فلقد نجح في تجسيده بإتقان وإحترافية عاليين، وأثبت أنه ممثل يدرس خطواته جيداً ويجمع عناصر الشخصية وتفاصيلها بدقة، وكان بطلاً محارباً في مواجهة الإرهابيين، من الطراز الأول.

كما نجح أحمد العوضي في إظهار أدواته الخاصة، بتجسيد شخصية هشام عشماوي، الذي تحوّل من ضابط في الجيش المصري الى إرهابي، فكان أداؤه متسلسلاً، يعيش كل تفاصيل الدور.
ومشاركة الممثلين إياد نصار ومحمد إمام وآسر ياسين وعمرو سعد كضيوف شرف وغيرهم في المسلسل، عامل إضافي لأهمية هذا العمل على الصعيد الفني. كما أن لضخامة الإنتاج والإخراج، دور مهم وأساسي أيضاً في جعل هذا المسلسل، من أبرز الإنتاجات الدرامية في رمضان 2020، فالمخرج بيتر ميمي جعل المشاهد يندمج في الصورة، وتميّز بحرفية عالية في التصوير وتنفيذ المعارك وسرد الأحداث.
هذا المسلسل رسالته واضحة للمشاهد: الإختيار بين الوطن والخيانة!