أحب الفن منذ سنوات بعيدة، فلحّن وأبدع، وغنى ألحانه فنانون كثيرون، فشكلت لهم هذه الألحان إضافة قيمة إلى رصيدهم الغنائي.


لم يتنازل يوماً عن مبادئه الإنسانية والفنية، فحافظ على رقي إسمه في أصعب الظروف، ولم يعطِ لحناً إلا لمن إستحق.
إنه الملحن والموزع الموسيقي إحسان المنذر، الذي كان لنا معه هذا الحوار.

كيف تمضي أوقاتك هذه الأيام؟ وهل أنت ملتزم بالحجر المنزلي بسبب إنتشار فيروس كورونا؟
نعم أنا ملتزم بالحجر المنزلي، وأتواجد دائماً في البيت، أمضي بعضاً من وقتي في المطبخ، وأساعد زوجتي في إعداد الطعام، ونحاول أن ننوع كل يوم في المأكولات، وكذلك أعزف على البيانو. فيروس كورونا ليس مُزاحاً، وعلى كل شخص أن ينتبه إلى صحته، وأن يقتصر خروجه من المنزل على حالة الضرورة القصوى، فهذا الفيروس فوق كل قوة، وفوق إرادة الجميع، وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قوي وجبار، إلا أن حاكم نيويورك يتوسل الناس للمساعدة، ومهما كبر الإنسان، يبقى ربنا أقوى من الجميع، وهو يُذكّر الإنسان بأنه مهما كبر يبقى هناك شيء لا قدرة له عليه، وهذا ما حدث مع هيتلر وغيره من الحكام.

إجتزت العام الماضي، وبشفاعة القديس شربل، أزمة صحية ألمت بك، وبعدها لحّنت ترنيمة "وينك يا قديس"، من كلمات كمال رموز وأداها رواد خليل، والتي هي عربون شكر منك لمار شربل، ما الذي تطلبه اليوم من قديس لبنان؟
جميل جداً أني قلت "زرتك يا مار شربل تشفيني، زرتك وما سألتني ديني"، بمعنى أن مار شربل يتلقى كل الأدعية ومن كل الأديان، والترنيمة جاءت وفاء للنذر لأن نتيجة فحوصاتي الطبية حينها جاءت حميدة، الحمد لله. أنا لدي إبنتان وإبن يقيمون في شمالي إيطاليا، وهم جميعا متزوجون ولديهم أولاد، وأنا أصلي من أجلهم بإستمرار، ومنذ فترة توجه أصدقاء لي لزيارة ضريح القديس شربل، فطلبت منهم أن يحضروا لي تراباً من قبره، ويومياً أمسك هذا التراب، وأصلي وأقول "يا رب إحفظ كل الناس، وإحفظ أولادي الموجودين في إيطاليا، بشفاعة القديس شربل".

حين نحاور الملحن إحسان المنذر، لا يمكننا إلا أن نأتي على ذكر الفنانين راغب علامة وماجدة الرومي، لأن نجاح أغنياتهما التي حملت توقيعك لا يمكن نسيانه، فلنبدأ مع راغب، كنت كشفت لنا العام الماضي أن هناك عملاً جديداً معه، أين أصبح هذا العمل؟
كنا نعمل على أغنية راغب القديمة والشهيرة "عن جد بقلك عن جد" التي كتبها الشاعر الراحل الياس ناصر، بحيث كان راغب سيصدرها مجدداً، ولكن بكلماتها الأصلية التي تقول "نيّالو شو حظو كبير، الكل يوم بيوعى بكير"، والتي كتبها الشاعر الراحل مارون كرم. في الماضي، أراد راغب أن يغيّر كلمات الأغنية فأصبحت "عن جد بقلك عن جد"، وأنا حينها قلت لمارون إن راغب لايزال صغيراً في السن، ولا يمكن أن يتقبل الناس كلمات الأغنية التي هي بمعنى أن راغب متزوج في هذه السن الصغيرة وزوجته تحضر له القهوة، فقال لي مارون إنه لا يغيّر في كلامه، ويمكنني أن أضع لكلماته لحناً آخر غير اللحن الذي وضعته لأغنية "عن جد بقلك عن جد"، ولكنني إحتفظت بكلمات مارون ولم أضع لها لحناً آخر. وبعد أن أصبح لراغب زوجة تحضر له فنجان قهوة، قال لي إنه يريد أن يغني الأغنية، فحضر إلى الستوديو، ووزعت الأغنية موسيقياً من جديد، وحين أردنا إطلاقها، قال راغب إنه خائف من أن تؤثر الأغنية الجديدة على أغنية "عن جد بقلك عن جد"، فأوقف العمل.

لننتقل إلى الفنانة ماجدة الرومي، التي غنت من ألحانك "يا نبع المحبة"، هذه الأغنية التي تعتبر ترنيمة، ونرددها دائماً في أصعب الظروف، ونلجأ من خلالها إلى الرب، كيف تصف علاقتك اليوم بماجدة؟
علاقتي بماجدة عظيمة جداً، ونحن نتواصل بشكل يومي،ماجدة صديقتي وصديقة زوجتي في نفس الوقت، علاقتنا هي صداقة عائلية، صداقة عمر، ولذلك أنا لا أفكر إن كنت سأعطيها أغنية أو لا، إلا في حال هي طلبت ذلك، على الرغم من أنها تقول لي "إن هذا الوقت ليس للقصائد، والناس يريدون كلمات من نوع آخر". تعاملي السابق مع ماجدة أثمر أرشيفاً من الأغاني، لازال كثيرون يغنونها لغاية اليوم، منها "كلمات"، و"مطرحك بقلبي"، وأغاني الأطفال التي أصبحت عالمية، منها "طيري يا عصفورة" و"عندي بيسي".

هل على الفنان الذي ينجح في التعامل مع ملحن معين أن يستمر في التعامل معه؟ وهل يزعل الملحن من الفنان في حال تعامل مع غيره بعد نجاحهما معاً؟
أنا لا أؤمن بهذا التفكير، وأكبر دليل هو أن سبب نجاح عبد الحليم حافظ يكمن في تنوع الملحنين الذين غنى ألحانهم، ومنهم كمال الطويل، محمد الموجي وبليغ حمدي، فعبد الحليم كان يخدم صوته ويختار ما يناسبه ويليق به. الملحن الذي لديه ثقة بنفسه قادر على أن يعطي كل فنان اللحن الذي يناسب صوته.

الفنانة جاكلين غنت من ألحانك أغنية "شو مفكر" من كلمات الشاعر الراحل الياس ناصر، كم كانت هذه الأغنية تحدياً للذين قالوا إن جاكلين لا تغني سوى الأغنيات الخفيفة؟
أنا جعلت جاكلين تأتي إلى الأسلوب الذي أعمل به، وهي أحبت أغنية "شو مفكر" وقالت لي حينها إنها لم تغنّ هذا اللون الغنائي من قبل، وعندما لمستُ لديها هذه الرغبة، أمضيت معها وقتاً أكثر لنصل إلى هذا الأداء المرضي للجميع، والحمد لله أن الأغنية تمت إذاعتها كثيراً وحققت شهرة واسعة. أنا في الحقيقة إقتنعت بصوت جاكلين، وهناك الكثير من الناس الذين أحبوا أغنية "شو مفكر"، ولكنهم يريدون جاكلين التي تفرّحهم حين تكون على المسرح وتجعلهم يرقصون.

كنت رفعت دعوى قضائية على شركة "فورتونا ريكوردز" الإسرائيلية وشركة "صوت الشرق" عبد الله شاهين، بعد أن باعت الأخيرة للأولى حقوق أعمال قديمة لك كانت أنتجتها سابقاً "صوت الشرق"، هل ربحتَ هذه الدعوى؟
هذه الشركة أرادت أن تأخذ مني الموافقة على نشرها ألبومات لي قدمتها منذ حوالى 40 أو 50 عاماً مع "صوت الشرق"، وأنا لم أتفق مع الشركة الإسرائيلية، ولكن هذه الشركة إتفقت مع "صوت الشرق"، لأتفاجأ بعد فترة أن هناك مقطوعة موسيقية لي أصبحت موجودة ضمن فيلم "بيروت" الذي أنتج في هوليوود وحقق نجاحاً كبيراً، فرفعت دعوى قضائية، وربحتها، وفسخت العقد الذي كان تم بين الشركة الإسرائيلية و"صوت الشرق"، وأصبحت كل حقوق هذه الألبومات تعود لي.

ما هي الرسالة التي توجهها اليوم إلى كل الفنانين في ختام هذا اللقاء؟
أقول لهم إن هذا الوقت ليس مناسباً ليقوم كل فنان بـShow Off، بل إنه الوقت ليعطي الفنان رسالة في زمن إنتشار فيروس كورونا، فإذا كان الفنان ملتزماً بالحجر المنزلي، فليوجه رسالة لمتابعيه ليقتدوا به ويلازموا منازلهم، فعلينا جميعاً في هذا الوقت أن نعمل بضمير، وأن نساعد الحكومة لتستطيع هي بدورها أن تساعدنا، وأشكر الله على أن بلدنا وضعه جيد جداً في مواجهة هذا الفيروس، في ظل ما يصيب أهم وأرقى وأغنى البلدان بسبب هذا الوباء.