مايا الحاج صحافية وروائية لبنانية، حققت نجاحاً وإنتشاراً كبيراً في روايتها الأولى "البوركيني"، التي طرحت من خلالها صراعات داخلية تعيشها المرأة المحجبة بين جسدها وحجابها.


واليوم تشارك الحاج كـ Co-Host في برنامج "منا وجر"، وأجرينا هذه المقابلة الشيّقة معها للحديث عن تجربتها الجديدة هذه، وغيرها من المواضيع.

أولاً، لماذا أحببتِ المشاركة في برنامج "منا وجر" وكيف هي مشاركتك؟
الفكرة هي ليست أنني أنا من أحببت المشاركة، بل الموضوع أتى بالصدفة، إذ كنت أجري مقابلة مع الإعلامي بيار رباط ككاتبة وصحفية في جريدة "الإندبندنت"، عندما كنت أجري تحقيقاً عن الصراع بين السوشيال ميديا والتلفزيون، وإخترت بيار لأنه يعمل في التلفزيون وشخص موجود بقوة على السوشيال ميديا، إضافة إلى أنني أحب البرنامج كثيراً وأتابعه، وأحب بيار بطريقته وعفويته.
وخلال المقابلة، عرض عليّ بيار أن أكون معهم، وبعدها خضعت لتجارب الأداء وتم إختياري على هذا الأساس.

ماذا أضافت لك هذه المشاركة؟
أنا شخص يعمل أساساً في المجال الإعلامي المكتوب، فكانت هذه المشاركة تجربة جديدة كإعلام مرئي، يتعاطى مع شريحة جديدة من الناس، وفتحت لي أفقاً على الميديا الجديدة، أي مواقع التواصل الإجتماعي، إذ كنت بعيدة عنها سابقاً، وشعرت أنني أصبحت على إحتكاك مباشر أكثر مع الناس ومع جمهور جديد.
وإجمالاً والحمدالله، كانت ردود الأفعال بمعظمها إيجابية، وهذا أمر أراحني خاصةً أنها أول تجربة تلفزيونية لي، إذ كنت أشارك من قبل كضيفة وليس كمحاورة.
وإضافة إلى ذلك، فلقد شعرت أنني ضمن عائلة، كل واحد يناقش ويحاور إنطلاقاً من مجاله، ويمارس النقد من وجهة نظره، وأيضاً فبيار لديه طاقة إيجابية يوزعها على الكل.

كإمرأة محجبة، ترددتِ بدايةً في المشاركة؟ وهل كان لديك خوف من هذه التجربة؟
صراحةً، أبداً لم يكن لدي في أية مرّة عائق مع نفسي أنني إمرأة محجبة، لدي شيء في داخلي يجعلني أشعر أنني أستطيع أن أكون أينما أريد وأينما يكون، فليس هناك محطة ممنوعة عليّ، أو موضوع ممنوع، فغيري إن كان يرى هذا الأمر عقبة أمامه، فأنا تخطيته منذ مدة طويلة، وعندها يصل الشخص إلى مرحلة يعرف كيف يتعاطى فيها مع الإنسان، بغض النظر عن أية زواريب سياسية، أو إلى من ينتمي، أو أفكاره أو دينه.

أنت تتحدثين من منطلق ذاتك وتفكيرك، ولكن من منطلق نظرة المجتمع، خاصةً أنه بعد إطلالتك الأولى في البرنامج، كان هناك حديث عن أن محطة الـMTV تستغل وجودك للوصول إلى شريحة جديدة من الجمهور، هل أخافك هذا الأمر؟
لا أوافق أبداً على كلمة استغلال، بل على العكس البرنامج يقوم بجزء منه على نقد البرامج، ويتطرق إلى مواضيع إجتماعية وثقافية وفنية، وهذا يصب في صلب إختصاصي كصحافية متخصصة في مجال النقد، بغض النظر إذا كنت محجبة أم لا.
فهذا الأمر أعطى صورة جميلة أولاً للمحطة، مع العلم أن المحجبات لسن مهمشات فقط على الـMTV، بل في القطاع الإعلامي ككل، إلا إذا كانت المحطة حزبية، وأعطى كذلك صورة جميلة للبرنامج القائم أساساً على التنوع في المجالات والإختصاصات والأعمال والطوائف والإنتماءات.
فهذه نقطة قوة للبرنامج ولبيار، الذي خاض هذه المغامرة الذكية، وطبعاً كانت نقطة مهمة وجميلة لي، أن أخطو هذه الخطوة في مسيرتي، خاصة في محطة مهمة وبرنامج ناجح، وأنا سعيدة بهذه التجربة وممتنة لثقة المحطة وبيار بي.

بين هذه التجربة الجديدة، وتجاربك السابقة في الصحافة المكتوبة، أين وجدتِ نفسك أكثر؟ وهل تطمحين في المستقبل لبرنامج خاص بك؟
أستطيع أن أفصل بين الصحافة المكتوبة والصحافة المرئية، خاصة أنني وفي الصحافة المكتوبة، كتبت رواية خاصة بي وفصلت بين الإثنتين، إذ أن الأدب مختلف عن الصحافة، فأنا أعلم كيف أفصل بين الأشياء، وأن أجد نفسي بين كل هذه المجالات.
ولكن أكثر ما أحب هو الكتابة، ولكن نعلم جميعاً أن الصحافة المكتوبة تعاني من أزمة كبيرة، والإعلام بشكل عام، ولهذا فأنا أجد نفسي في مجالات الإعلام ككل.
أما بالنسبة إلى إن كنت أطمح لبرنامج خاص بي، فمنذ اللحظة الأولى التي ظهرت بها على الشاشة، ولقيت القبول من الناس، شعرت حينها بالراحة مع نفسي وأنه من الممكن أن أكون على الشاشة ببرنامج يشبهني، وأن لا يكون بعيداً عن الخلفية التي أتيت منها أنا، أي الإجتماعية، الإنسانية والثقافية.

كيف تصفين زملاءك في البرنامج؟
بيار رباط: قدم نمطاً جديداً بالبرامج وأسلوبه مختلف، لا ينافس إلا نفسه.

دوللي غانم: خبرة وإضافة.

جوزيف طوق: ناجح بمكانه ومنسجم بتركيبة البرنامج.

سلام الزعتري: استثنائي يجمع بين المعرفة والشخصية المرحة والمتهكمة .

رلى كعدي: حلوة وطبيعية، على الشاشة مثل الحقيقة .

منى صليبا: إحترافية.

روجيه مكرزل: كاراكتير خاص و"مهضوم".

من هو الشخص الأكثر بين زملائك الذي لا تتفقين معه في الرأي؟
هذا يعود إلى الموضوع المطروح، ولكن البرنامج يصبح أجمل بإختلاف الرأي وهذا ما يميّزه.

لو عُرض عليك كتابة سيناريو فيلم أو مسلسل، هل توافقين؟
أنا لا أطمح لهذا الأمر بشكل محدد، ولكن مثلاً لدي رواية، ولقد حولت إلى فيلم أخرج في أميركا، ومن هنا فإنه إن طُلبت رواياتي ليُعمل عليها درامياً أشعر أنه أمر أسهل، أما ككتابة سيناريو فأنا لم أجرب من قبل.

كونك دائماً من داعمي حقوق المرأة والإضاءة على إنجازاتها وقوتها ودورها في المجتمع، هل تابعتِ برنامج "الأحد منحكي" الذي تقدمه الإعلامية جيسيكا عازار الذي إنطلق عرضه مؤخراً؟
نعم تابعت حلقتين، والبرنامج كفكرة لا يمكننا إلا أن نقدرها، لأنه مهما قمنا بأمور لأجل المرأة نبقى مقصّرين للأسف، رغم كل التطور في ما يخص المرأة، ونحن نعتقد أنها حصلت على حقوقها، لكنها ما زالت بعيدة جداً عن ان تصبح بمساواة الرجل.
لذلك الموضوع يحتاج إلى الكثير من الوقت، ويجب أن يُعمل عليه من قبل تربويين وإعلاميين، والأهل داخل المنزل، فيجب أن يكون هناك دور لمجتمع كامل، لكي نكون قادرين على إنشاء جيل في المستقبل يحترم المرأة ويقدرها ليس فقط قولاً، وإنما بالفعل والقانون.
ومن هنا فالبرنامج كفكرة مهمة جداً ونحن بحاجة إلى أمثاله في إعلامنا.

كيف ترين اليوم نظرة المجتمع اللبناني للمرأة المحجبة؟ خاصةً أنه لاحظنا مع الثورة اللبنانية كان هناك حديث وإلقاء الضوء على مشاركة المحجبات في التظاهرات، هل أنت مع طرح هكذا موضوع؟
كلا، لست مع، وبالنسبة لي من الأساس ليس هناك ما يسمى بالمرأة المحجبة، إذ أنه داخل هذه الخانة هناك 100 نوع إمرأة، منها المرأة المحترمة والمرأة المتعلمة والمرأة الشعبوية، والمرأة المدنية، والمرأة القروية وغيرهن الكثير، ومن هنا فإنه من الظلم جمعهن كلهن في إسم واحد، كما أن نقول المرأة اللبنانية، التي أيضاً من ضمنها يوجد 100 نوع من المرأة اللبنانية.


فكل إمرأة لها خصوصيتها، وأنا شخصياً أحترم الفردية الشخصية لكل شخص ولهذا لا أحب أن أجمع، وأعتقد أن التعميم فيه إستهتار لهذه الفردية الشخصية.
أما بالنسبة للإعلام، فهو يعمم ويقع في هذا الخطأ، إذ أنه من المفروض أن تكون هناك إضاءة على الشخص وإنجازه، بعيداً عن دينه وطائفته وماذا يرتدي.
ونظرة المجتمع للمحجبة يجب أن تختلف من إمرأة محجبة لأخرى، وعليها هي أن لا تتصرف كأن حجابها هو عقبة بالنسبة لها، بل أن تتصرف كأنها أي شخص آخر ومثله تماماً تستطيع أن تكون أينما كان.
على المجتمع أن يخرج من فكرة الأحكام المسبقة والتعميم، وكل إنسان يسيء لنفسه فقط.

ماذا تخبرينا عن الرواية الجديدة التي تكتبينها حالياً؟
بروايتي الأولى "البوركيني" كان موضوعها الحجاب، وهي شبه إعترافات إمرأة محجبة، تتكلم عن فردية شخصيتها والتي هي مختلفة عن نمطية المرأة المحجبة الموجودة في تفكيرنا.
أما الرواية الجديدة فمختلفة كثيراً، ولا تتحدث حتى عن موضوع نسائي أو له علاقة مباشرة بالمرأة، بل هو أكثر إنساني وعام.

بمن أنت متأثرة في الكتابة؟
هناك كثر أستمتع في القراءة لهم، سواء من لبنان ومنهم من العالم العربي، أحب طبعاً نجيب محفوظ، محمد البساطي، علوية صبح.

هل أنت مع الدولة المدنية والزواج المدني؟
طبعاً، أنا مع الدولة المدنية والزواج المدني الإختياري، فأنا مع الدولة أن تحترم الحريات الفردية، وكشخص أدافع عن حرية الآخر حتى الرمق الأخير لأنني شخص أعتز بحريتي، وأحب أن يحترمها الآخر، ومن هنا وحباً بهذه الصفة المذكورة وخوفاً عليها أحارب حتى الآخر يحقق مفهومها أيضاً، مهما إختلفت حريته عن حريتي.
والدولة المدنية إما عن جهل أو تعصب، هناك أناس يخافون منها إعتقاداً منهم أنها محاربة للدين ومعتقداتهم الدينية، وهذا أمر غير صحيح، بل الجميل هو أن تكون لدينا الحرية المطلقة في ممارسة معتقداتنا الدينية، ضمن دولة تحترم حقوقنا كمواطنين.