الفنانة عتاب السعودية، وإسمها الحقيقي طروف عبد الخير آدم الطلال، وتعتبر من أوائل الفنانات السعوديات اللواتي إمتهنّ الغناء المترافق مع الاستعراض، وفتحت بذلك المجال للنساء الخليجيات لولوج عالم الفن، بعدما كسرت العديد مما كان يعتبر من المحرمات، ومهدت الطريق أمام فنانات مشهورات، نذكر منهن أحلام ونوال الكويتية.

كما إشتهرت بأسلوبها الاستعراضي في الغناء، ومنحها لونها لقب "سمراء الأغنية العربية"، وتميّزت أيضاً بروحها المرحة وخفة ظلها وطيبة قلبها، ولكنها لم توفق في حياتها العاطفية فلقد تزوجت مرتين، وأنجبت إبنتها الأولى وهي الإعلامية السعودية الراحلة إبتسام سعيد زهراني من زوجها الأول، والتي ما لبثت أن توفيت في عز شبابها بمرض والدتها نفسه وهو السرطان.

نبذة

وُلدت عتاب في الرياض في 30 كانون الأول/ ديسمبر عام 1947، وكانت تتمتع بصوت جميل كما أحبت الفن منذ صغرها، فبدأت بالغناء في الحفلات والمناسبات في المجتمع السعودي في السبعينيات، وأول من اكتشف الفنانة عتاب هو الفنان السعودي طلال مداح عام 1959، وكان عمرها حينها 13 عاماً، ليقدم لها أغنيات سجلت في السعودية ولبنان.

حققت عتاب شهرة كبيرة بأسلوبها الغنائي المميز، وكان عام 1972 مفصلياً في حياتها إذ قررت التفرغ بصورة نهائية للفن، وشكلت مع الفنان حيدر فكري ثنائياً مميزاً في الجلسات الفنية، أما انطلاقتها إلى العالم العربي فكان الفضل فيها للعندليب الأسمر الفنان عبد الحليم حافظ، الذي قدمها إلى الجمهور في إحدى حفلاته بداية سبعينيات القرن الماضي.

ترحيلها من السعودية وإستقرارها في مصر

تم ترحيل عتاب من المملكة العربية السعودية برفقة زوجها الثاني، وهو المصري محب فاروق عبد الصبور، الذي كان يعمل باحثاً في وزارة المالية السعودية، فإختارت مصر مكاناً لإنطلاقتها الفعلية، وإشتهرت عتاب من بوابة القاهرة التي إنتقلت إليها عام 1982.

وتضاربت الأقوال حول السبب الحقيقي لترحيلها، إذ ذكرت بعض المواقع الصحفية أن سبب ترحيل عتاب، هو أنها قدمت بعض الإستعراضات الغنائية خارج السعودية، لذلك صدر أمر من العاهل السعودي وقتها الملك خالد بإبعادها وترحيلها، لكن إبنتها إبتسام الزهراني من زوجها الأول كانت قد صرحت في إحدى المقابلات الصحافية عن هذه المسألة، فأوضحت القصة المتداولة عن إيقافها عن الغناء في السعودية وسفرها إلى مصر، وقالت : "هذا الكلام غير صحيح، هي خرجت من السعودية في بداية الثمانينيات الميلادية؛ لأن تأشيرة زوجها محب فاروق الذي كان يعمل محاسباً في وزارة الإعلام انتهت؛ ولذلك اضطرت للذهاب معه إلى القاهرة، واستقرت هناك فترة طويلة جداً، وعانت والدتي في أيامها الأخيرة وماتت وهي فقيرة معدمة، وخرجت من هذه الدنيا بحب الناس وهو الرصيد الحقيقي".

بداياتها وإدخالها اللهجة السعودية لمصر

إشتهرت عتاب بأدائها لألوان الطرب والمقامات، وتعاونت في مصر مع عدد من مشاهير الملحنين وعلى رأسهم محمد الموجي في أغنية "فك قيود"، كما تعاونت مع ملحنين آخرين من أشهرهم الفنان طلال المداح والفنان طارق عبد الحكيم والملحن محمد شفيق والفنان عبد الرب إدريس والموسيقار سراج عمر والفنان سلامة العبد الله وفهد بن سعيد والملحن الكويتي يوسف المهنا، ومن أشهر الشعراء الذين تعاونت معهم الشاعر الكويتي فائق عبد الجليل وعبد اللطيف البناي ويوسف ناصر والشاعر اليمني حسين المحضار والأمير خالد الفيصل والأمير بدر بن عبد المحسن والأمير خالد بن يزيد وصالح جلال والشاعرة ثريا قابل، وغيرهم.

هي من القلائل الذين لم يغنوا اللهجة المصرية، وحافظت على اللهجة السعودية في أغانيها، كما فتحت المجال لظهور أصوات نسائية خليجية أخرى، وفي عام 1985 طرحت أغنية "جاني الأسمر" التي لحنها لها الفنان فوزي محسون، كما طرحت عدداً كبيراً من الألبومات الغنائية وصل عددها إلى العشرين ألبوماً، وقدمت أغانٍ منفردة في ألبومات، عدا عن الأغاني المصورة فيديو كاسيت تحت عنوان "عتاب شو".

كانت عتاب عضوة في اتحاد الفنانين العرب وعضوة في نقابة المهن الموسيقية في القاهرة وعضوة في مجموعة فناني الجيزة، ومن أبرز مشاركاتها التلفزيونية كانت مشاركتها في تقديم برنامج جلسة طرب إلى جانب الشاعر الكويتي الكبير بدر بورسلي، على محطة أوربيت الفضائية. ومن أبرز أغانيها "أحطك في قلبي، أرجع أقول غلطان، اسمعوا شكوتي، دنياك حلوة".

جوائزها

نالت عتاب كأس أفضل مطربة خليجية في استفتاء مجلة صوت الغنائية، وتعد عتاب من الفنانين الذين لم يحظوا بالتقدير المناسب لما قدموه، وفي سنواتها الأخيرة قدمت أعمالاً أقل من مستواها الحقيقي رغبة في الإبقاء على تواصلها مع الجمهور، وربما يكفي القول إن جزءاً كبيراً من التراث الشعبي القديم قد غاب بوفاتها، لنعلم عن أي وزن من الفنانات نتكلم.

حياة عتاب الشخصية

تزوّجت عتاب مرتين، الأولى من سعيد الزهراني، وأسفر زواجهما عن ولادة ابتسام سعيد الزهراني، والثانية من محمد فاروق عبد الصبور، وهو مصري ولهما ولدان ابنة وابن، وقد طلبت الطلاق منه لكنه لم يستجب لطلبها، لتنال الطلاق بعدها في عام 1999. وقد دبت الخلافات بين عتاب و زوجها بعد فترة زواج استمرت لمدة 30 عاماً، بسبب اتهامها لزوجها بسرقة مبلغ ضخم وصل إلى 30 مليون جنيه مصري، حتى وصل الخلاف إلى صفحات الجرائد وانتهى بالطلاق بين الزوجين.

وفاة عتاب

لم تكن عتاب تعلم أنها وفي عز نجاحها ستصاب بمرض عضال، وقد تم تشخيص إصابتها بمرض السرطان عام 1997، فسافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية للعلاج، لكن صعوبة ظروفها المادية أجبرتها على العودة، فقصدت الإمارات مع ولديها عام 2003 لتبقى قريبة من والدتها الإماراتية، وسافرت إلى السعودية قبل أشهر من وفاتها للعلاج، وقد ساندها حينها كبار الفنانين في الوسط الفني السعودي، إلا أن حالتها كانت متدهورة وشفاؤها كان ميئوساً منه، فعادت إلى القاهرة وتوفيت بعد عودتها بيوم واحد في 19 آب/ أغسطس عام 2007، ودُفنت بمقابر أسرة زوجها في مدينة 6 أكتوبر، وكان لها منه إبن إسمه أحمد، الذي إشتكى للشرطة بسبب منعه من توافد المعزين على سرادق أقيم لتقبل العزاء بوفاتها في مسجد جمال الدين الأفغاني بالقاهرة، وبعد أن نشر طليقها محب فاروق خبراً بأنه لا عزاء في عتاب، لم يحضر أحد إلى السرادق، فأحجم العديد من الفنانين عن تقديم واجب العزاء، وكان محزناً جداً عدم إقامة عزاء لها، على الرغم من كل ما قدمته في حياتها وما عانته.

إبنتها توفيت بمرضها نفسه

فُجع الوسط الإعلامي السعودي وبخاصة بين مذيعي قنوات تلفزيون وإذاعات "mbc"، برحيل الإعلامية إبتسام سعيد الزهراني بعد صراع مع المرض لم يدم طويلاً، وكانت قد أصيبت بمرض السرطان، الذي عانت منه قبل 7 أشهر من وفاتها، ولكنها إستطاعت أن تتحداه وتطرده من جسدها في المرحلة الأولى، إلا أنه عاد وفتك بها خلال الأسابيع الماضية، بعد إنتشاره بكامل جسدها، وكأنما التاريخ يعيد نفسه لتموت إبتسام بالمرض نفسه، الذي رحلت بسببه والدتها عتاب.

حقائق سريعة عن عتاب

تميزت بروح الدعابة، وعُرف عنها أنها لم تُغضب أحداً في حياتها، كما إشتهرت بفعل الخير إذ إنها أوصت إبنتها ابتسام، التي توفيت بمرضها نفسه لاحقاً، أن تتابع بالتكفل بطفل كانت عتاب تتكفل بمصاريفه.

الفنان طلال المداح إهتم بها على الصعيد الشخصي والفني، وهو الذي علمها قواعد الغناء وساهم في تدريبها على العزف على آلة العود في ستينيات القرن الماضي، كما أحيت حفل زواج الفنان محمد عبده.

بلغت فترة وجودها في مصر عشرين عاماً، افتتحت خلالها ملهىً ليلياً في شارع الهرم.

قدمت فيلماً تلفزيونياً من بطولتها حمل عنوان "عتاب رائدة الفضاء"، كما شاركت في بطولته الممثلة المصرية فايزة كمال.

إحتفل "غوغل" يوم 30 كانون الأول/ديسمبر عام 2017 بذكرى ميلادها السبعين، تخليداً لما قدمته، وبإعتبارها ثالث المطربات في السعودية، بعد إبتسام لطفي وتوحة.